السيمر / الجمعة 10 . 11 . 2017
صالح الطائي
كنت ولا زلت وسأبقى من المعترضين على تزويج القاصرين من الذكور والإناث، سواء بإرادتهم، أو بالقسر والإكراه، واعتبر ذلك خروجا على سنن الدين والحياة والإنسانية والقوانين الدولية.
وكنت ولا زلت ارفض أن يقنعني أحد ما ان محمدا (صلى الله عليه وآله) وهو سيد الأسوياء والعقلاء والحكماء والأنبياء والنبل والإنسانية، قد تزوج بفتاة قاصر لم تبلغ التاسعة من العمر، ولأي سبب كان! عذري في ذلك أن هكذا زواج مهما كانت دوافعه، ومهما قيل ويقال عنه، يكون عادة خارج سياقات الأسباب الفطرية والاجتماعية والنفسية للزواج المثمر، وقد تكون له دوافع ناتجة عن مرض أو اضطراب نفسي لا أكثر، بدليل أنك لا تجده حتى عند الحيوانات البكماء!.
من هنا أسأل: هل أن الغلمانية أو الولع بالأطفال أو البيدوفيليا (Pedophile) أو الاشتهاء والانجذاب إلى صغار العمر الذين تتراوح أعمارهم بين الثامنة والرابعة عشر؛ التي هي من الاضطرابات الجنسية الشهيرة والمشخصة، هي السبب في تعديل قانون الأحوال الشخصية مؤخرا؟ أم أن هناك دوافع أخرى؟! وفي مثل هذه الحالة ما الأسباب الداعية لهذا التعديل وما الدوافع؟
طبعا هناك الكثير من الآراء المختلفة التي تجيب على هذه الأسئلة، بعضها، بل أشهرها، تربطها بالموروث الديني، لكن أفضل جواب برأيي وأكثرها قربا إلى الواقع والحقيقة أنه بالرغم من كثرة التكهنات حول الأسباب المؤدية إلى مثل هذا الفعل المشين، إلا أن خلاصة هذه التكهنات تؤكد يقينا أن بين عشرين وثلاثين بالمائة من المعتدين، سبق وأن كانوا هم أنفسهم ضحايا هذا الاضطراب، وتعرضوا إلى الاعتداء أو التحرش في طفولتهم، ولهذا كانت التقدم في السن بالنسبة الى معظمهم يجعلهم يتعثرون في الدخول إلى عالم الرُشد لأنهم مثقلون بآثار الإحباط والكبت وحتى الشعور الكبير بالذنب. علما أن الدراسات التخصصية، أكدت هذه الحقيقة، وأشارت إلى أن ثلاثة وخمسين بالمائة من النساء وواحد وثلاثين بالمائة من الرجال المعتدين او المتحرشين، كانوا هم أنفسهم ضحية اعتداء أو تحرش جنسي في طفولتهم.
نحن الآن في القرن الحادي والحشرين وقد نجح العالم في تجاوز الكثير من أزماته من خلال النجاح في تغيير المصطلحات والمفاهيم، مما وفر له فرصة إعادة النظر في الموروث كله بما فيه الجانب الديني، وبالتالي تمكن من تقنين العلاقات بين أفراده من خلال الانفتاح على الواقع، والتحرر من أسر التقاليد البالية. وإذا لم نتماهى معهم، سنكون السبب في إحداث فجوة كبيرة بيننا وبين التقدم والتحضر، قد يدفعنا الاضطراب وسوء تقدير الأمور إلى السقوط فيها وتعذر خروجنا منها. وعليه أرى أن الفرصة لا زالت متاحة أمامنا، ولا تتطلب منا سوى القليل من الجرأة والشجاعة والكثير من العقل والتوازن، وأخيرا التخلي عن الكبرياء الفارغة، وعن الانبطاح تحت ضغط نظرية المؤامرة؛ التي تسببت لنا بالمصائب على مر التاريخ!.