السيمر / الاحد 12 . 11 . 2017 — على غرار المقاهي الحديثة في تركيا وسوريا والأردن، لم يعد غريباً خلال السنوات القليلة الماضية رؤية شابات، باعمار لا تتجاوز الـ15 سنة، وهن يعملن في مقاه في العاصمة بغداد، تلك المقاهي التي تحاكي الطراز الغربي ويفتح بعضها أبوابه حتى ساعة متأخرة من الليل، حيث يحرص أصحابها على توظيف شابات صغيرات، من ذوات المظهر الجميل لخدمة روادها في تقديم طلباتهم من (النركيلة) والعصائر والمشروبات الغازية وغيرها. لكن الملفت أيضاً أن هذه المقاهي لم يقتصر العمل فيها على البالغات فقط بل شمل القاصرات ايضا.
فتاة صغيرة وجميلة تعمل في كوفي شوب مليء بالشباب وسط استعراض للأجساد عبر ملابس فاضحة ومساحيق تجميل تشوه معالم البراءة من وجوه تلك الفتيات الصغيرات، اضحى رؤية مثل تلك المناظر في الكازينوهات البغدادية امرا معتادا وغير مثيرا للأعجاب.
مافيات تتاجر بالاطفال!
عضو لجنة الاسرة والطفولة في مجلس النواب العراقي ريزان شيخ دلير حذرت من هذه الظاهرة، وقالت ان “عمل الفتيات القاصرات في الكوفي شوب والمقاهي في بغداد ليست ظاهرة اعتيادية بل هي اتجار بالأطفال لان اغلب الفتيات اعمارهن اقل من 15 سنة في الغالب”.
وتضيف خلال حديثها لـ (وان نيوز) ان “الحكومة ليست لديها أي رقابة على اصحاب الكوفي شوب بل نرى ان اصحاب تلك المحال لديهم علاقات قوية مع رجال الامن والشرطة وكل الذين يدفعون لهم مقابل الحصول على خدمة من تلك الفتيات”.
واشارت النائبة الى “وجود مافيات تقوم بتشغيل الفتيات حيث ان اغلبهن من خارج محافظة بغداد من مناطق اخرى في العراق، وهذه الظاهرة ليست في بغداد فقط بل في كل مكان حتى في اربيل والسليمانية “.
وتبين شيخ دلير ان “الفتيات يعملن في الكوفي شوب واعمارهن 18 سنة هذا يعتبر امر طبيعي لكن اذا كانت اعمارهن 11 و 12 سنة ويمتهنون هذه المهنة بطريقة علنية فهذا يعتبر متاجرة بالاطفال داخل الكوفي شب والمقاهي”.
وفي ذات السياق، حذر الباحث الاجتماعي حسين الكاظمي،، من تفشي ظاهرة “العمالة” للقاصرات، مشيرا الى ان حلها يكمن في تظافر جهود المنظمات الاجتماعية والقانونية والحكومية.
وقال الكاظمي، ان “العاصمة بغداد تشهد وجود كازينوهات وكوفيشوبات (مقاهي) تحتوي على عاملات دون سن البلوغ، قاصرات يعملن لحساب سماسرة وتجار بشر”، مشيرا الى ان “المجتمع العراقي لم يكن يعرف مثل هذه الظواهر الا بعد تفكك المنظومة الاجتماعية بعد ما اصاب العراق من مآسي وحروب وتدهور حال الاقتصاد”.
واضاف الباحث، ان “المنظومة الاجتماعية الصحيحة ترفض هذه الظواهر وتعمل على ايجاد حلول لها ومكافحة المتاجرين بالأطفال والقاصرين”، مبينا الى ان “حل هذه الظاهرة في العراق تتطلب تظافر جهود حقيقية من قبل المنظمات المجتمعية والقانونية والحكومية”.
ولفت الى ان “عمالة القاصرات في المقاهي لا يختلف عن الاتجار بالبشر حيث ان الاهداف من العمالة متشابهة لكن الطريقة تختلف”.
من جانبه، يرى الخبير القانوني، طارق حرب خلال حديثه لـ (وان نيوز) ان “كل العاملين والعاملات في مثل هذه المشاريع خاضعين لأحكام قانون العمل الجديد رقم 37 لسنة 2015 ، وهذا القانون منع عمل أي شخص عمره دون الـ 18 سنة، سواء عمل في مقهى او غيرة، وان عمل القاصرين مثل هكذا امور يعتبر مخالفا للقانون ويحاسب صاحب المقهى حسب القانون”.
أسباب إجتماعية!
اشجان ذات الـ (23 عاما) تقول ان “عمل الفتيات القاصرات في الكوفي شوب عمل طبيعي في باقي المجتمعات غير العراقية، لكن في العراق اصبح هذا العمل يقتصر كواجهة للدعارة، بالتأكيد اسباب عدة تقف خلف هذا العمل منها ظاهرة الفقر في البلد، وعدم وجود وظائف للخريجات وغيرها من الأسباب التي تدفع بالبنت للعمل في مثل هكذا اماكن”.
وتضيف خلال حديثها لـ (وان نيوز) ان “البعض من اصحاب المحال يجعلون من هذه البنت طعما وإشباعا للكثير من غرائز الشباب الذين يترددون على هذه الأماكن، لكهنم لا يفكرون بالسبب الذي دفع بها للعمل، لا ننس أن هناك فتيات يعملن حبا بهذه المهنة والبعض الأخر والذي اخذ حيزا كبيرا من المجتمع، هناك اسباب جعلتهن يعملن في هذه المحال، منها فقدانها لرب اسرتها بسبب الأوضاع الأمنية المتردية وهي تسكن في بيت ايجار ولها ام عجوز وخوات صغار، على الجهات الحكومية إيجاد وظائف أنسب لهذه الفتيات”.
الى ذلك، يقول الشاب الجامعي عقيل ان “السبب الاول لمثل تلك الاعمال هو عدم وجود رقابة او رادع من الحكومة لمثل هكذا ظاهرة خطيرة ،و السبب الثاني يعود الى عوامل تربوية خاصة بعائلة الفتاة او وجود انفكاك اسري داخل العائلة يؤدي الى ذهاب الفتيات الى هكذا اماكن”.
ويضيف ان “السبب المهم و الرئيسي هو البطالة و عدم وجود التعينات لذلك اغلب الفتيات هن من عوائل متعففة تجدها اما فاقدة للام او الاب و احيانا الاثنين و لو توفرت فرص عمل للفتيات لنجد ان هذا الظاهرة ستقل كثيرا”.
ويرى ان “اثار هذه الظاهرة تسفر عن ضياع المستقبل لهذه الفتيات و لو بقيت الحكومة عل هذا السكوت ستكون هناك كارثة تلحق بشريحة مهمة و فعالة في المجتمع العراقي”.
مختصون رأوا ان جميع هذه الظواهر تتحملها الدولة وهي المسؤولة عن انتشارها حيث انها تأتي نتيجة للانفلات الحاصل في العمالة والوظائف في القطاع الخاص والذي لم يحدد حتى الآن بقانون يضمن حقوق وواجبات العاملين وتنظم أسمائهم وملفاتهم في ملفات خاصة تسهل مراقبتها ومتابعتها والحد من تواجد هكذا أشخاص في أماكن عامة يرتادها الكثير من الشباب.
وان نيوز