السيمر / الأحد 28 . 01 . 2018 — لم تمنع ملفات الفساد، والملفات الجنائية لدى السلطة القضائية العراقية، بعض المتهمين، من الترشّح للانتخابات البرلمانية، المقرّرة في 12 مايو/أيار المقبل، إذ يبدو القضاء في العراق، حاجزاً يسهل عبوره بالنسبة للمتهمين والمتورطين بملفات قضائية، والمرشحين لتولّي زمام الأمور في البلاد.
ومع تخطّي هؤلاء المتهمين للسلطة القضائية، وإكمال ترشّحهم للانتخابات، بل وترؤس بعضهم تحالفات سياسية، يفقد الشارع العراقي من جديد ثقته بالقضاء، والذي يبدو خاضعاً للأجندات السياسية وسلطة الأحزاب، بحسب ما يرى مراقبون.
وقال مسؤول سياسي مطلع، لـ”العربي الجديد”، اليوم الأحد، إنّ “الحكومة تجاوزت ملف الفساد والملفات القضائية، ولا تستطيع إثارتها خلال فترة الانتخابات”، مضيفاً أنّ “وعود رئيس الحكومة حيدر العبادي، بمحاربة الفساد والمفسدين ذهبت أدراج الريح، فلا يستطيع أن يقف بوجوههم، وهم قوة في البلد”.
وتابع، أنّ “العبادي كان يسعى لتحقيق مكاسب انتخابية، من خلال كشف ملفات الفساد وغيرها من الملفات القضائية ضد خصومه، خلال فترة الانتخابات البرلمانية”، مبيّناً أنّه “بدا اليوم عاجزاً عن تحقيق هدفه، لذا فإنّ حاجز القضاء أصبح حاجزاً سهل العبور بالنسبة للمتورطين بالفساد والمتهمين بملفات أخرى، ليتعدّوه ويترشحوا إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة”.
وكشف أنّ “هناك محاولات من بعض الجهات السياسية، واللجان البرلمانية لتحريك بعض القضايا المتعلّقة بالفساد في السلطة القضائية، لكنّها محاولات يائسة لا تحقق شيئاً، فالمتهمون تجاوزوا ذلك، وتخطّوا كل الحواجز”.
ولفت إلى أنّ “بعضاً من المتهمين بملفات فساد، انضمّوا إلى تحالف العبادي نفسه”، في إشارة إلى وزير الدفاع المقال خالد العبيدي، المتهم بملفات فساد.
وأغلب الوزراء الذين لم تنته ملفات استجوابهم في البرلمان، وبعضهم حتى لم يحضروا جلسات الاستجواب، ترشحوا للانتخابات، ومنهم وزير الكهرباء قاسم الفهداوي، ووزير التربية محمد إقبال.
وتركّز التحالفات الانتخابية، جلّ اهتمامها، على عدم خوض شخصيات مطلوبة خارج العراق، للانتخابات، بينما تغضّ الطرف عن تلك المتواجدة داخل البلاد، والتي لم يستطع القضاء محاسبتها.
وقال خالد الأسدي النائب عن ائتلاف المالكي، في بيان صحافي، إنّ “القانون العراقي لا يسمح لأي شخصية سياسية خارج البلاد مطلوبة للقضاء بالترشح للانتخابات، ما لم يتم حسم قضاياها قانونياً، وإثبات براءتها من التهم المنسوبة إليها”.
وأضاف، أنّ “القانون لا يسمح للمتهمين بجرائم مخلّة بالشرف، أو المشمولين بقانون المساءلة والعدالة، أو المحكومين وفق جنح أو أي جريمة أخرى بالترشح في الانتخابات”.
وقال القيادي في “تحالف القوى العراقية” محمد الجبوري، لـ”العربي الجديد”، إنّ “السلطة القضائية العراقية ما زالت مكبّلة بالكثير من القيود السياسية، التي لم تستطع أن تنفكّ عنها طوال السنوات الماضية”.
وأضاف أنّ “هناك جرائم لا يمكن السكوت عنها، ولا يمكن لمرتكبها أن يترشّح للانتخابات، فكيف إذا كان المرشحون رؤساء تحالفات، إذ إنّ قائد التحالف متورّط بملفات سرقة وفساد وجرائم وغيرها، فكيف سيكون أعضاء تحالفه”؟
وحمّل الجبوري، السلطة القضائية “مسؤولية عدم محاسبة المتورطين بالفساد والمتهمين، وقبولها بترشحهم للانتخابات المقبلة”، مشدداً على أنّ “السلطة القضائية هي الجهة الوحيدة التي يمكنها منع الفاسدين من التسلط على رقاب الشعب في الدورة البرلمانية المقبلة، وهي المسؤولة عن وصولهم إلى المناصب الرفيعة القيادية”.
ويؤكد قانونيون، أنّ الملفات القضائية لكل المرشحين، موجودة لدى السلطة القضائية، وأنّ القانون يمنع وصولهم إلى البرلمان، معيدين عدم تفعيل القانون إلى “تسييس” القضاء.
وقال الخبير القانوني عبد السلام العاني، لـ”العربي الجديد”، إنّ عضو مجلس النواب “هو ممثل الشعب، ويجب أن يتمتع بصفات وشروط لوصوله إلى البرلمان”، موضحاً أنّه “وفقاً للمادة 61 من الدستور العراقي، فإنّ البرلماني سيتولّى مهام الرقابة والاستجواب واستيضاح وتوجيه الأسئلة إلى المتهمين بالفساد من المسؤولين”.
وأضاف، “في حال كان البرلماني نفسه متورطاً بملفات فساد وغيرها، فكيف سيستطيع القيام بدوره، ومحاسبة الفاسدين في السلطة”.
ونبّه العاني إلى أنّ “وصول الفاسدين إلى البرلمان المقبل، هو بمثابة هدم للبلاد، وتسويغ للفساد ومكافأة الفاسدين، لذا فإنّ السلطة القضائية مطالبة بمنع وصولهم إلى البرلمان، وفقاً للقانون”.
يُشار إلى أنّ أغلب الملفات القضائية للمرشحين للانتخابات العراقية المقبلة، لم تتم متابعتها من قبل الجهات القضائية، الأمر الذي أوصل مرشحين متورطين بملفات قضائية إلى الانتخابات، وفتح باب إمكانية وصولهم إلى سدّة الحكم بالبلاد.
العربي الجديد