السيمر / الأربعاء 07 . 03 . 2018
معمر حبار
تخبرني ابنتي الوحيدة أنّه في فضائية مصرية مختصة بالألعاب لا يحضرني الآن اسمها، طرح السؤال التالي: ما هي الدولة التي إن حذفت حرفا منها أصبحت اسم حيوان؟. فأجابت ودون أن أطلب منها ذلك وهي فرحة مسرورة: إنّها “قطر” حين تحذف حرف “الراء” تمسي “قط”. أبدى الأب بعض الغضب لم تفهم البنت معناه فكان هذا المقال:
العلاقات المصرية القطرية الآن في أسوء مراحلها، لكن هذا لا يبرّر الاستهتار بالدول والاستهزاء بها، فاسم الدول وإن اختلفنا معها له مكانته يجب احترامها.
هل يمكن لوسيلة إعلام مصرية مكتوبة أو مرئية أو مسموعة تهتم بمثل هذه الألعاب أن تتجرّأ وتطلب من مشاهديها قائلة لهم مثلا: ما هو الاسم الصهيوني الذي إن حذفنا حرفا منه نحصل على حيوان؟، ولا يعتقد صاحب الأسطر أنّه وفي ظلّ الظروف الحالية يمكن أن يحدث ذلك ولذلك يرجو أن لا يتكرّر هذا الفعل الشنيع مع قطر أو غيرها.
نختلف مع قطر في سياستها المدمّرة لبعض الدول و إحراقها لبعض المجتمعات ولا يمكن بحال أن نقف معها في نسف حضارات وتدمير أمم، لكن وقفنا معها غير نادمين ولا آسفين حين فرض عليها الأخ والجار السعودي حصار منع عنها الماء والهواء، ونقف معها حين يهان اسمها ونقف أيضا مع كلّ دولة يهان اسمها.
أفتخر بكوني لست من أتباع أردوغان ( ولا من أتباع السعودية ولا إيران) خاصة فيما يقوم به من قتل الأبرياء في سورية وتدمير البنايات المدنية و نسف الحضارة السورية، لكن لا أرضى أبدا أن يهان أردوغان وتستبدل إحدى حروف اسمه بحرف آخر فيمسي اسم حيوان، كما لا أرضى هذا الفعل الشنيع ضد شخص آخر ولو اختلفنا في المنبع والمصب.
أختلف مع يوسف القرضاوي في مواقفه السياسية الأخيرة الدموية والمؤذية جدا، كـ “اقتلوه ودمه في رقبتي !” وكانت تلك من الأخطاء الشنيعة التي وقع فيها، ومساندته للسّكير ساركوزي في حرق ليبيا، ومساندته لكلّ من ينسف ويدمر سورية، وتبريره للنظام الرئاسي في تركيا باسم الدين رغم أنّه وسيلة من وسائل الحكم ولا علاقة لهذه الوسيلة بالدين حين قال: “.. وبخاصة النظام الذي يدعو إليه أردوغان الذي يتفق مع التعاليم الإسلامية، التي تجعل أمير المؤمنين أو الرئيس الأعلى هو رقم واحد في السلطة”. وقد كتبت حينها مقال أردّ عليه بعنوان: ” أيها الفقيه لا تبرر للسلطان”، بتاريخ: الأحد 28 جمادى الثاني 1438، الموافق لـ 26 مارس 2017، لكن رغم هذا الاختلاف لا أرضى بحال أن يهان يوسف القرضاوي وتستبدل إحدى حروف اسمه بحرف آخر فيمسي اسم حيوان وينادى باسم حيوان آخر، كما لا أرضى هذا الفعل الشنيع ضد شخص آخر أو دولة أخرى ولو اختلفنا في كلّ شيء، فكيف بيوسف القرضاوي ونحن الذين قرأنا له في الصغر غير آسفين ولا نادمين فوجب توقير شيبته وتقدير اجتهاداته والانتفاع بكتبه ومحاضراته والتي تبقى محلّ نقد شأنها في ذلك شأن أيّ فقيه أو كتاب أو محاضرة.
أطلب من أتباع أردوغان والسّعودية وإيران والقرضاوي وغيرهم الذين لا يرضون أن ينادى شيخهم ورئيسهم وآياتهم الذين يتبعونهم ويقلّدونهم أن يكفّوا عن اطلاق أسماء الحيوانات على دول وفقهاء ورؤساء وآيات آخرين فإنّ ذلك يؤذي ويجبر الآخر أن يطلق أسماء الحيوانات على العزيز لديك والمقرّب إليك.
لا يوجد في عرفنا المعصوم إلاّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يوجد رئيس دولة ولا فقيه ولا آية فوق النقد، وإطلاق أسماء الحيوانات على الدول والأشخاص ليس من النقد في شيء، ومن أطلق اسم الحيوان على الدول والرؤساء والأشخاص والفقهاء والآيات فإنّه لا محالة أقلّ شأنا من ذلك الاسم الذي أطلقه ولو أطلقه على أعدى الأعداء.