السيمر / الاثنين 23 . 04 . 2018
سيف إبراهيم
يُعاب على مسألة تعدد الآلهة من خلال مقاييس بشرية ناقصة ، بمعنى ان تأشير العيب بمسألة التعدد إنّما هو من خلال القياس بِمقاييس بشرية ، و على أمثلة بشرية لذلك يحدث الارباك و الفوضى في التفكير و التحليل ، على اعتبار أنَّ وجود اكثر من رئيس لدولة معينة مثلآ يجعل الفوضى في البلاد منتشرة ، فكل واحد منهم يرى أنَّ رأيه هو الاصوب و الانجع و يتوجب الاخذ به لا اخذ رأي غيره و على هذا المنوال يترتب الامر . فلو راجعنا و رأينا كل مجموعة مؤسسية او مجموعة رابطتها اسرية ، لوجدنا ان مديرها او ولي امرها تواليآ هو واحد و واحد فقط ، و الا خربت الدنيا و لانحسر كل شيء و سادت العشوائية و انتشرت الضبابية في كل تصرف . و على وفق ما سبق و من خلال هذه المقاييس البشرية ، نرى انه لمن المستحيل ان يكون هناك اكثر من قائد او مسؤول ، و تسير الامور وفق نظام و انعدام فوضى بل كل السوء سَيحصل و سَينتهي كل شي . السؤال هنا هل وجود قائد واحد فقط ، يعني بالضرورة ان لا تنتشر الفوضى و لا يعم الخراب و لا تفسد مصالح الناس ، و لا تخسر الامة و لا تُصدّر قرارات متناقضة ، مع انها صادرة من نفس ذات المرء قائدآ كان ام مديرآ ام ولي امر ! و الجواب هو و ان تواجد مسؤول واحد بمختلف صفاته ، فإنَّ آراءه ، افكاره ، توجهاته و منطلقاته ليست واحدة ، و ليست ثابتة ، لذلك فإنَّ الوحدانية او التعددية لا تُوجد او تُنهي المشكلة . بمعنى آخر إنَّ اصل الفوضى و انعدام الاستقرار و اتخاذ القرارات المتناقضة و المتباينة ، هو ليس بسبب التعدد بالمسؤولية ( ادارة او قيادة ) بل هو بسبب طبيعة النقص الموجود عند الفرد البشري . ذلك يعني ان المشكلة بالنقص لا بالتعدد و لو ان البشر غير ناقصين من ناحية عدم امكانية الاحاطة بالكليات و المطلقات من الامور ، لامكن ان يتواجد اكثر من قائد في آن واحد دونما حدوث مشكلة . و اسقاطآ على هذه النتيجة ، يجب ان نتوصل لحقيقة مفادها أنَّ مسألة تعدد الالهة تعني ان لا نظام سيستمر و لا حياة ستدوم و الفوضى حينها ستطول ، إنَّما هي اطروحات مفرغة من محتواها و بعيدة كل البعد عن طبيعة الكمال الالهي . حيث ان تعدد الالهة لا يضر بالنظام و استمراره شيئآ ، فكل آلهة هي انما كاملة غير ناقصة لا تحكمها الاهواء او الغريزة ، بل هي منزهة عن كل عيب او افكار او افعال دنيئة . فبما أنَّ الكمال متأصل في كل الهة ، هذا يعني ان لا فوضى ستحدث و سيكون النظام مستمرآ دونما نكوص . إنّ جل ما تم ذكره ، ليست غايته اثبات تعددية الآلهة ، بل هو محاولة لاظهار مدى ضعف و وهن حجة نقضها . هذا ما يدفعنا لايجاد حجج و براهين منطقية عقلانية تصمد امام المشككين بالوحدانية ، اذن هي دعوة للتفكير و التفكر .