السيمر / الاثنين 21 . 05 . 2018
عبد الصاحب الناصر
هذه المحاصصة جائت بغطاء امريكي واضح و مكشوف هدفها الاساسي هو ان لا يفوز العامري و الخزعلى و ربما المالكي، كما فاز حزب الله في لبنان مؤخرا. في وقت بدعة جديدة كما سماها الرئيس ترامب بـ” تسوية القرن”، و تلقفها و نشرها مشجعا كل الاعلام الامريكي متناسيا كل خلافاتهم و انتقاداتهم له حد تسميته “بالرئيس الكذاب”. الخطة التي اعدها الاسرائيليون و السعوديون و باركها كل من هم تحت تأثير اللوبي الصهيوني، متناسين الحملة الهمجية الارهابية على الشعب الفلسطيني.
و بقدرة قادر تغير الجو الاعلامي العام في العراق و في العالم، و اصبح الكل راض و ناصح و مشجع لنتائج الانتخابات في العراق، تلك التي اعترض عليها طرفا الساحة العراقية من الدكتور علاوي و المالكي و العبادي. بدأت بتنحية او خسارة قادة قدماء كالمالكي و علاوي و النجيفيو حتى سائرون ، و اخذت وسائل الاعلام باكثريتها تدعو و تشجع على قبول النتائج .
فمن المتوقع بعد لقاء العبادي و الصدر ان تتشكل حكومة محاصصة من”نوع خاص”، سموها (ابوية) من تحالف سائرون 54، و النصر 42 ، و تحالف كردي ، مثلا الديمقراطي الكردستاني 24 ، وسارع لينضم اليها الحكيم 19 مقعداً، ليصل المجموع 139 نائباً .
اذاً، القرار هو أن لا يفوز العامري و الخزعلى “قادة الحشد الشعبي” ذلك لإضعاف و لغلق اي أمل في تقوية جبهة المعارضة للكيان الصهيوني في وقت الرئيس ترامب و جارد كوشنر زوج ابنته ايفانكا التي افتتحت نقل السفارة الى القدس الشريف مع أبطال اللوبي الصهيوني في امريكا.
ومع هطول الامطار الباردة في العراق يوم امس، هطلت أيضاً موجة اعلامية باردة شملت اكثر وسائل الاعلام العراقي التي غيَّرتْ آراءها، و اخذت تطالب بقبول نتائج الانتخابات بعد ان كانت تدق كل الطبول ضدها. لكن هذا الاتفاق وُلد عليلا و ميتاً منذ ايامه الاولى. صحيح ان السيد مقتدى وافق بأن يترأس العبادي مجلس الوزراء لكن الى متى! فكلنا نعرف نرجسية مقتدى و تقلباته، و نتذكر كم مرة سحب نوابه و وزراءه ، مرات و مرات منذ ولاية الجعفري، ثم المالكي، و حتى العبادي، و سيتمرد على مطالب اليسار العراقي، و يخل بأي اتفاق بينهم إن كان قد حصل اي اتفاق ما مكتوب في السابق.
كما لاحظنا اصرار و تعنت المفوضية على طول الخط، لكننا لا نعرف المصدر، و سبب شجاعتها المفاجئة. انتقد المفوضية و نتائج الانتخابات و لحد يوم الامس اكثر الشعب و الكتل السياسية العراقية و الاعلام العراقي و بضمنهم شبكة الاعلام العراقية. نراهم اليوم ناصحين و قابلين بنتائج الانتخابات (كيف و لماذا ؟). يتساءل المتحالفون مع الصدر بهمس، الى متى سيبقى الصدر متحالفا مع اليسار العراقيو يفسد نشوة نجاحه . وهو الذي لم يساند حتى نوابه و مشجعيه يوم هجموا على مجلس النواب العراقي و احتلوه و دمروا أثاث واعتدوا على أعضائه، فتركهم يجرون اذيالهم لوحدهم في بناية المجلس في وسط المنطقة الخضراء.
يراد من العراق ان ينتقل الى صفوف مجلس التعاون الخليجي لمساندة الحل الامريكي لفلسطين، كما يراه جارد كوشنر و سوف يبدأ الاعلام العراقي تدريجيا بالعداء لايران، و ستظهر او تنبش عداءات سابقة بين البلدين لتتوسع الخلافات.
على حيدر العبادي ان يزن موقفه و سمعته و جهده و علمه (الف مرة) اذا وافق على الوقوف ضد ايران، وعليه ان يدرس دراسة متأنية ومستفيضة للفائدة المتوخاة من انحيازه ضد ايران، ثم عليه ان يعرف انه سيقف على الضد من الحشد الشعبي و جماهيره، و اكثرية الشعب العراقي. انها مساومة إن اتخذها سيخسر الرجل كل شعبيته، و الاعمال الصالحة التي ايدناه عليها، وهي محاربة الارهاب، و تحرير ثلث مساحة العراق، وموقفه من الفساد الإداري و المحاصصة. نحن لسنا مغرمين بايران، و نظامها السياسي فهذا شأنها، لكننا لا نود معاداتها او التعاون مع اسرائيل وامريكا ضدها، لان علاقة الشعب العراقي و الايراني تمتد لآلاف السنين، ولنا حدود معها تمتد نحو 1600 كيلومتر,
كما سنتعرف على خطأ ربما كلنا يعرفه، وهو حيادية العراق و سلامة علاقاته مع كل بلدان الجوار. فمثلث المقاومة لاسرائيل الذي يتكون من حزب الله و سوريا و ايران ستخسر قيادات الحشد الشعبي، و ستخسر ايران و سيبقى حزب الله و ما سيتبقى من سوريا لوحدهم فقط لتنفرد بهم امريكا والسعودية و اسرائيل .
اتصور و ربما اكون على خطأ أن تحالف المحاصصة القادم سيتكون من (سائرون 54 نائباً)، و(النصر 42 نائباً)، و(الحكمة 19 نائباً)، و معهم احد التحالفات الكردية، على الارجح الديمقراطي الكردستاني 24 نائباً، ليكونون المجموع 139 صوتا نيابيا. ولذلك سيحتاجون الى 26 نائاً للحصول على الاكثرية النيابية ( 165 من 329). و في هذه الحالة هناك كثيرون من سيطمعون بالوقوف مع المنتصر الاكبر(سائرون و مقتدى) .
واذا تحالف الفتح 48 و دولة القانون 17 و ربما الوطني الكردستاني 16 نائب، و كتل صغيرة معهم لا تزيد على 10 نواب، سيجمعون ما هو اقرب الى 91 صوتا و هي قوة معارضة لا باس بها.
ان الديمقراطي الكردستاني سيتحالف مع سائرون ليضمن رئاسته للاقليم، وسيضطر تحالف الاتحاد الوطني الكردستاني للتحالف مع سائرون ايضا ليضمن اقلها منصب رئيس جمهورية العراق.
لكن ،!أمام العبادي خيار آخر، سيقربه اكثر من مواقفه التي اعلنها يوم تنصيبه رئيسا للوزراء سنة 2014، اي ضد المحاصصة و مع محاربة الفساد، و مع مواقفه الشجاعة في حربه ضد الارهاب الداعشي، و مع مواقفه التي اعلنها مرارا و تكرارا عن وقوف العراق على الحياد في المنطقة و في العالم .
و قد تضع ايران هذ الخيار او الاحتمال امام السيد العبادي او قد تمليه ايران على العبادي بحجة الحفاظ على علاقاتها مع العراق (الجار)
عندها يتمكن العبادي من جمع النصر42 و الفتح 48 و دولة القانون 17 و الوطنية 12 و اراده 2 سيجمعون 121 صوتا ومع كتل صغيرة أخرى من الاقليات قد يحصلون على عدد سيزيد على تحالف سائرون (بدون قائمة النصر)، والذي سيتكون من ( 97 صوتا) فقط دون النصر .
وهذه هي محاصصة اخرى وربما تحالف طائفي ستضطر كل القوائم بالسير معه بحجة تلافي الفراغ الدستوري.
انا اليوم ابقي على تساؤلات مهمة للمستقبل و اضعها امام اليسار العراقي و امام العبادي كما تلي:
1- هل سيخضع العبادي لإغراءات مقتدى الصدر ليحتفظ بمنصب رئاسة مجلس الوزراء؟
2- هل سيفي مقتدى بوعده و لا يتدخل في شؤون تحالف (سائرون)، و لن يقاطعه و يسحب نوابه و وزراءه كما كان يفعل سابقا؟
3- هل سيتنازل تحالف السنة عن رغبتهم في رئاسة جمهورية العراق هذه المرة كذلك؟
4- هل سيقبل الوطني الكردستاني بمنصب رئيس مجلس النواب بدلاً من رئاسة الجمهورية؟
5- هل سينزل المالكي عن بغلته، و يدفع بوزير الصناعة وكالة السيد محمد شياع السوداني للحصول على منصب قيادي في حكومة العبادي؟
6- هل سينقلب الحكيم ليتحد مع الاكثرية، اي مع العبادي اذا لم يتحد العبادي مع (سائرون)؟
7- ام سيتحد الكرد للابقاء على بيضة القبان في المحاصصة الجديدة؟
8 – اين و مع اي من الاحتمالين ستقف الكتل الكردستانية الأخرى؟
9- ماذا سيكون الموقف لكلا الاحتمالين من المفوضية وفشلها في ادارة الانتخابات؟
10- هل سيصدر مجلس النواب الجديد قانون جديد للانتخابات، و يحيل قضية ادارة الانتخابات الى وزارة العدل و منظمات المجتمع المدني، ام ستعود حليمة إلى عاداتها القديمة؟
21/05/2018