الرئيسية / مقالات / كيف تعامل الصدر مع خصومه وماهي الحكومة التي يريد ؟

كيف تعامل الصدر مع خصومه وماهي الحكومة التي يريد ؟

السيمر / السبت 26 . 05 . 2018

هادي جلو مرعي

في يوم ما من عام وأكثر تحدثت ومجموعة من الصحفيين الى مقرب من السيد مقتدى الصدر وسألناه، ترى ماهو موقف التيار الصدري من الولايات المتحدة الأمريكية في حال وصل الى الحكم رئيس وزراء من التيار؟ في الواقع فإن السيد تعامل بهدوء مع هذا الإفتراض، ولاننسى إن رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي كان يعمل بدعم من الصدر ذاته الذي أشار الى، إنه لايمانع تولي العبادي رئاسة الحكومة المقبلة. وهذا موقف يحسب له تماما لأنه جعل الكرة في ملعب الحكومة التي يجب أن تتصرف بطريقة ما مع واشنطن والمحيط العربي والإقليمي، وبالتالي فالصدر يمكنه أن يستمر في رفض السياسات الأمريكية لكنه أوكل أمر الترتيبات السياسية لحكومة ألزمها بمراعاة مصالح الدولة، وقد علق الأمريكيون على التطورات الأخيرة في العراق بالقول: إنهم مع أي حكومة يختارها الشعب العراقي.
يتساءل مراقبون، مامعنى حكومة جامعة ووطنية بينما الصدر يلتقي زعماء قوى سنية وكردية وشيعية معروفة، ولها حضور قوي وحققت نتائج كبيرة ومتقاربة في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة، ومعظمها متهم بقضايا فساد طالما واجهها الصدر والمتظاهرون في ساحة التحرير ببغداد وعند بوابات المنطقة الخضراء؟
السيد مقتدى الصدر نجل المرجع السيد محمد الصدر الثاني الذي إغتاله نظام الحكم السابق في فبراير 1999 قرب منزله في الحنانة المنطقة المعروفة في النجف معقل الشيعة الأهم وهي مكان التفاوض الحالي، ومحجة السياسيين الذين إعترفوا بفوز الكتلة العابرة للطائفية والحزبية التي أسسها الصدر، والذي إنتقل الى العاصمة بغداد بشكل مؤقت ليدير تلك المفاوضات مع الوفود الكردية والعربية، وتلك القريبة من إيران كقائمة الفتح التي تضم الحشد الشعبي، وهو مجموعة فصائل شيعية قاتلت داعش.
السيد الصدر لم يستثن أحدا من لقاءاته السياسية في النجف، أو بغداد، وحتى الذين كانوا محط إنتقادات لاذعة منه، وتعرضوا الى هجوم شعبي، ونقد من وسائل الإعلام سواء من قادة الكتل الكبرى، أو المشاركين في الحكومة، والسبب بسيط للغاية فهو يفكر في المستقبل، ولايريد أن تضيع فرصة تشكيل حكومة يكون قادرا على توجيهها لاحقا شرط أن تتمكن من تحديد من هو رئيس الوزراء المقبل. لكن السر الذي يكمن وراء حراك الصدر بهذه الطريقة يتمثل في معرفته الكاملة بتفاصيل الوضع السياسي، ونوع المتصدين الذين يشكلون الأغلبية المتهمة بالفساد من الزعماء والنواب والوزراء، ويعلم جيدا مايريده..
حكومة التكنوقراط، وعدم التركيز على قومية ومذهب رئيس الوزراء والنواب والوزراء والذين يتسنمون المناصب العليا هي الأولويات التي يشتغل عليها السيد الذي لم يشكل فريق تفاوض يمثله إلا بعد أن إستطلع رؤية رؤساء القوى الفاعلة بما فيها تلك المقربة من إيران.
السيد قال في تغريدة على تويتر: إنه أكمل مشاوراته مع الأفرقاء السياسيين، وهو بصدد الوصول الى نتيجة مثمرة جدا، وإن الحكومة المقبلة لن تكون مشكلة بضغوط خارجية. وهو ماأشار أليه السيد عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة الشيعي الذي قال من الكويت: إن الحكومة المقبلة لن تكون إيرانية، ولاأمريكية، بل حكومة عراقية.
السيد الصدر كان إستقبل من ايام عددا من سفراء دول عربية مهمة لم يكن السفير الإيراني إيرج مسجدي من بينهم، وتناول اللقاء طبيعة المرحلة الراهنة، وعلاقة العراق بالمحيط العربي والإقليمي، وهو لقاء يؤشر أهمية التحول السياسي التي تستشعره الدول العربية والإقليمية في العراق بعد فوز كتلة سائرون التي تضم شيعة وسنة وشيوعيين، وبرغم إن السفير مسجدي قال في اثناء لقائه بوفد كردي مفاوض بعثه برزاني الى بغداد. إن إيران غير مستعجلة على تشكيل الحكومة مع تصريحات من طهران بينت إن كتلة سائرون لاتعمل ضد إيران فإن الجميع يدرك أن الرغبة الإيرانية لاتذهب بإتجاه تشكيل حكومة منفتحة كثيرا على المحيط العربي الذي تتزعمه السعودية وهي تحاول أن يكون تاثير حلفائها في الفترة القادمة قويا وتضمن أن لايتراجع وبالتالي لابد من حضورهم في أي حكومة يمكن أن تتشكل خاصة وإن طهران تتوقع المزيد من المصاعب خلال الأشهر المقبلة ولاتريد أن تخسر العراق.
لكن من غير الممكن تصور أن أحدا سيستسلم بسهولة في المفاوضات الجارية في بغداد والتي تراقبها دول عدة في مقدمتها ألولايات المتحدة وإيران والسعودية.

pdciraq19@gmail.com
رئيس المرصد العراقي للحريات الصحفية

اترك تعليقاً