السيمر / السبت 02 . 06 . 2018
أياد السماوي
رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن , يمّثل سيادة البلد ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور , والمحافظة على استقلال العراق , وسيادته , ووحدته , وسلامة أراضيه , وفقا لأحكام الدستور .. هكذا وصف الدستور العراق في المادة 67 رئيس الجمهورية باعتباره أعلى منصب إداري في الهيكل الحكومي للدولة العراقية , وحددّ ولايته بأربع سنوات ويمكن إعادة انتخابه مرة ثانية فقط , وهنالك من يعتقد انّ منصب رئيس الجمهورية هو منصب تشريفي وسلطاته لا تتعدّى المصادقة على المعاهدات والاتفاقات الدولية والمصادقة على القوانين التي يشّرعها مجلس النوّاب , أو بإصدار المراسيم الجمهورية وقبول السفراء , أو بمنح الأوسمة والنياشين بتوجيه من رئيس مجلس الوزراء كما نصّت على ذلك المادة 73 من الدستور العراقي , لكنّ الحقيقة غير ذلك فمنصب رئيس الجمهورية ليس كما يعتقد البعض مجرد منصب تشريفي خال من الصلاحيات المهمة والخطيرة في نفس الوقت , فرئيس الجمهورية هو الذي يدعو مجلس النوّاب المنتخب للانعقاد خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما من تأريخ المصادقة على نتائج الانتخابات , وهو الذي يصادق على أحكام الإعدام التي تصدرها المحاكم المختّصة , وهو الذي يكلّف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء , وله أيضا تقديم طلب إلى مجلس النوّاب بسحب الثقة عن رئيس مجلس الوزراء , وهذه من أخطر سلطات رئيس الجمهورية إضافة إلى السلطات الأخرى التي نصّ عليها الدستور .
وبعد سقوط النظام الديكتاتوري في العراق عام 2003 توّلى منصب الرئيس ثلاثة رؤساء هم غازي مشعل عجيل الياور وجلال حسام الدين الطالباني ومحمد فؤاد معصوم , والأخير أصبح رئيسا للبلاد عام 2014 كجزء من حالة التوافق والمحاصصة التي قام عليها النظام السياسي القائم , وهو السبب الذي أوصل محمد فؤاد معصوم لمنصب رئيس الجمهورية , ويعتبر محمد فؤاد معصوم أسوأ رئيس جمهورية بعد سقوط النظام الديكتاتوري , ليس فقط لأنّه النموذج الأسوأ والأقبح لنظام المحاصصات الطائفية والقومية فحسب , بل لأنّه حنث باليمين الدستوري منذ اليوم الأول الذي أصبح فيه رئيسا للبلاد , ففي الوقت الذي كان يوجب عليه بموجب الدستور الذي هو حارس على تنفيذ بنوده , أن يقوم بتكليف مرّشح الكتلة الأكبر التي دخلت جلسة مجلس النواب وهي كتلة ائتلاف دولة القانون بشهادة رئيس السن , انحنى للضغوط الدولية والإقليمية والداخلية بحجب مرّشح الكتلة الأكبر من تشكيل الحكومة , علما أنّه لم يصبح رئيسا إلا بعد أن أعطى العهود والمواثيق لرئيس الكتلة الأكبر نوري كامل المالكي بتكليفه لتشكيل الحكومة , فهو منذ اليوم الأول قد حنث باليمين الدستوري وخان العهود والمواثيق التي قطعها على نفسه , وحين أصبح رئيسا للبلاد لم يخجل أبدا من تعيين بناته وزوجته وأبناءه كمستشارين له برواتب وامتيازات خيالية , وحين قرر رئيس الإقليم مسعود بارزاني المضي في استفتاء انفصال كردستان , تخلّى معصوم تماما عن واجبه كرئيس للجمهورية في الدفاع عن سيادة البلد ووحدته , بل وحتى لم يتمّكن من أن يمنع عائلته من الانجراف مع الانفصاليين , متخليا بدون خجل أو وجل عن كونه رئيس الدولة ورمز وحدة البلد , ولم يكن يوما من الأيام عراقيا , بل ولم يعبر عن عراقيته بمثقال ذرة , وحين كان البلد تحت قبضة داعش لم نراه يوما قد زار قاطعا من قواطع العمليات أو زار تشكيلا من تشكيلات قواتنا المسلحة وقوات حشدنا الشعبي المقدس الذي حمى البلاد والعباد , في الوقت الذي هبّ فيه الشعب العراقي شيبا وشبابا ونساء في الدفاع عن البلد وانقاذه من السقوط تحت قبضة داعش , بل ولم نراه يوما قد سار بتشييع شهيد أو زار جريحا من قواتنا المسلّحة وحشدنا الشعبي في المستشفى , وها هو اليوم يختم بدون حياء حياته كرئيس للجمهورية بتقديمه الطعن إلى المحكمة الاتحادية العليا عن قرارات مجلس النواب الخاصة بالانتخابات الأخيرة , دفاعا عن التزوير الذي مارسه حزبه وبقية الأحزاب والقوى السياسية الأخرى الكردية والعربية في الانتخابات النيابية الأخيرة … إنّ الغالبية العظمى من العراقيين يشعرون بالخزي والعار من هذا الرئيس , فهل سنعيد تجربة محمد فؤاد معصوم مرة أخرى ؟؟؟ .