السيمر / الاثنين 18 . 06 . 2018
د. ماجد احمد الزاملي
التحالفات الحزبية في المشهد السياسي الوطني والذي يطفو على السطح مع اقتراب كل استحقاق انتخابي، علامات استفهام مشروعة حول مدى استناد هذه التحالفات الى محددات وأبعاد استراتيجية ترتكز على قيم ومبادئ وتوجهات متقاسمة بين الاحزاب المتحالفة ، أو اختزالها في سلوك براغماتي يغلب المصلحة الحزبية الضيقة ويهدف في المقام الاول الحصول على نتائج أكبر في الاقتراع. ألتحالفات الحزبية قبل ألأنتخابات لا يمكن أعتبارها تحالفات من ألناحية ألعملية، أى تحالفات تؤدى الى تشكيل ألحكومة بألأكثرية لأن ألأطراف ألمتحالفة ليست متأكدة من ألفوز بألأكثرية أللازمة فى ألأنتخابات و لهذا لا يكمن أعتبار هذا ألنوع من ألتحالفات ألا مقترحا موجها للناخبين بأن ألحكومة ألمقبلة سيشكلها هذا ألتحالف أذا فاز بثقة ألناخبين. هذا ألنوع من ألتحالفات ينشأ عادة فى ظل نظام ألتمثيل ألنسبى عند تسابق عدد كبير من ألأحزاب على مقاعد ألبرلمان كما هو ألحال ألآن فى ألأنتخابات ألبرلمانية ألعراقية. ويُعرف التحالف بأنه “اتحاد مؤقت بين مجموعتين أو أكثر” وقد يُعرف التحالف السياسي أو التحالف الحزبي بأنه “اتحاد بين حزبين أو أكثر” من أجل الحصول على تأثير أعظم أو نفوذ أكبر من الجماعات والأحزاب المنفردة، عندما تريد تحقيق أهدافها. وقد يُسمى التحالف السياسي بالائتلاف السياسي “وهي عملية التعاون السياسي بين جهتين والتضامن بينهما لتحقق أغراض مشتركة” ويظهر الائتلاف بصورة أوضح في الأحزاب السياسية عندما لا يحرز حزب واحد الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة، فيضطر للائتلاف مع غيره من الأحزاب المتقاربة معه في الفكر. ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عام 1921م ، والتغيرات السريعة هي صفة النظام السياسي فيها ، وعلى الرغم من ان التغيرات يمكن ان تؤشر على انها تطور في أي نظام ، الا انها في الحالة العراقية قد اخذت ابعاد تصارعيه عنيفة، بسب شكل التغير ومضمونه والادوات المستخدمة فيه، والقوى المحلية الاقليمية والدولية المؤثرة فيه، ان طبيعة الصراع السياسي في العراق يأخذ ابعاد تاريخية مما يتطلب البحث في جذورها واسبابها التي خلقت تراكمات سياسية يتم التعبير عنها سياسياً وايدولوجياَ بوصفها مبررات سلوك سياسي معين . تعتبر التحالفات الحزبية، شكل من أشكال التحالفات السياسية، التي تشهدها الأنظمة الديمقراطية التعددية القائمة على مبدأ التعدد الحزبي و الأيديولوجي، المرسِّخة لمبدأ التنافس السياسي الحر لتأسيس حكم الأغلبية، الذي يؤهل الحزب الفائز بالهيمنة على السلطة .ولما كان تحقيق هذا الهدف في غاية الصعوبة ،خاصة في ظل التعددية والتجزئة الحزبية ، تتأسس التحالفات والائتلافات الحزبية حيث تدخل الأحزاب السياسية في عملية البحث عن حلفاء وشركاء في الحقل السياسي وتباشر عملية تفاوض ومساومات وتقديم تنازلات متبادلة. و مفهوم المشاركة السياسية يندرج في إطار التعبير السياسي والشعبي وتسيير الشأن العام من قبل أطراف المجتمع سواء النساء أو الرجال، وهي أرقى تعبير للديمقراطية لأنها تقوم على مساهمة المواطنين والمواطنات في قضايا المدينة أو الحي أوالمؤسسة ، إذ إن كل فرد من أفراد المجتمع يحق له المشاركة في العملية التنموية ، والإستفادة من ثمارها والحصول على فرص متساوية ومتكافئة , وإن حق المشاركة السياسية للمرأة هو من أهم الحقوق لأنه يساهم في صنع القرار وإتخاذه.
القوى السياسية الحاكمة ملزمة أن تتفادى استمرار الصراع و الالتفات إلى معاناة المواطنين وعدم الاستهانة بمشاعرهم وآلامهم وعدم خذلان من أوصلهم الى الحكم و المسؤولية وولاّهم إدارة شؤونه العامة لأن من شأن هذا رفع غطاء الشرعية عنهم التي منحها الشعب في الانتخابات العامة على أسس وقواعد الالتزام بالشعارات والبرامج التي أعلنوها وفازوا على أساسها. و يسعى كل فصيل في العراق لإعادة تموضعه في المشهد السياسي، وذلك من أجل تحقيق القدر الأكبر من المكاسب وبما يضمن له النفوذ الأوسع قبل الانتخابات. ومن أجل ذلك شهدت الساحة السياسية في العراق مؤخراً انقساماً واضح الملامح حتى داخل الكتلة السياسية الواحدة والحزب الواحد ، كما حصل تماماً داخل حزب الدعوة العراقي الذي وصل إلى سدة الحكم في العراق منذ العام 2005، إذ انقسم حزب الدعوة إلى قائمتين، يترأس المالكي القائمة الأولى “دولة القانون”، فيما يترأس العبادي القائمة الثانية “النصر”، وذلك من أجل إنجاز الاستحقاق الانتخابي في موعده الدستوري المحدد . و لا ينبغي النظر إلى التحالفات السياسية من منظور مصالح تلك الأحزاب والكتل السياسية المتحالفة فقط، بل ينبغي النظر إلى تلك التحالفات على أساس الفائدة التي يمكن أن تحققها للمواطنين الناخبين؛ لأن الأحزاب السياسية، سواء دخلت الانتخابات منفردة أو دخلت الانتخابات متحالفة، هي مطالبة بتحقيق توجهات ورغبات ومصالح مؤيديها التي تعبر عنها في العادة البرامج الانتخابية للحزب أو التحالف.
ومحدودية السقف السياسي المرسوم للأحزاب كنطاق للتحرك والممارسة، بحيث لا يصل مداه إلى ملامسة القضايا السياسية الكبرى كالإصلاح الدستوري وتنظيم السلطة وعلاقة السلطة بالثروة… فهذه الأمور وضعت خارج الاهتمام الحزبي دستوريا وقانونيا وكذلك على مستوى الممارسة السياسية. مقابل حضور للشأن الاقتصادي والاجتماعي وإن كان بشكل سطحي لا يتعمق في مكامن الخلل … كما أن تناول القضايا والانشغالات المجتمعية غالبا ما تتسم بالعمومية والاستثنائية، فالجميع يتحدث عن الأزمة (حتى الأحزاب الحاكمة) والبرامج المفتوحة والتنمية الشاملة وجلب الاستثمارات وإصلاح الإدارة والقضاء والتعليم والمرأة والصحة وإحداث مناصب شغل ودعم الطبقة الوسطى ومحاربة الفقر … وعود بإسهاب لكن دون تفصيل دقيق خصوصا فيما يتعلق بمصادر التمويل إذ غالبا ما يتم التعهد بإنشاء صناديق ووكالات خاصة وخلق شراكات مع قطاعات عمومية ومع خواص دون تحديدها بالضبط أو تحديد صيغها أو سقف زمني لتحقيقها….
إذا كانت أهمية البعد الإيديولوجي واضحة في تأصيل وتوجيه المشروع التنموي المجتمعي لدى الأحزاب السياسية في إطار رؤية شمولية ونسق فكري منسجم ومتكامل، فإن الأمر لا يقل أهمية بالنسبة لتأسيس تحالفات قوية تشكل إطارا سياسيا لطرح وتنزيل ذلك المشروع بناء على تقاطعات وقواسم فكرية ثابتة ومشتركة لبلورة برنامج يكون موضوع التزام وتعاقد انتخابي أو حكومي، إلا أن واقع الممارسة الحزبية في العراق وما تعيشه من حالة شرود فكري وإيديولوجي يجعل غالبية التحالفات والتنسيقات السياسية آنية وظرفية، تحكمها معايير ودوافع براغماتية نفعية.وهذا ما يطرح عدة إشكالات تتعلق بهذه التحالفات من حيث استمراريتها أو تقييم أدائها ومشاركتها في تدبير الشأن العام، فالبعد السياسي لا يحظى بالأولوية داخلها خصوصا حين تضم الصغير والكبير والإسلامي واليساري والليبرالي والانتهازي…