السيمر / الأثنين 25 . 06 . 2018
هشام الهبيشان / الأردن
لم تكن التحركات التي يرعاها النظام الأردني ومن خلف الكواليس ومحاولة احداث أي اختراق بملف الجنوب السوري ،والعمل على انجاز تسوية جديدة مع دمشق ،الا من باب ،الضغوط التي يتعرض لها الأردن اليوم بما يخص ملف الجنوب السوري ،وخصوصاً بعد رفض الأتراك وعبر المجاميع المسلحة التابعة لهم بالشمال السوري استقبال المجاميع المسلحة الموجودة في الجنوب السوري ،وهذا الموضوع بحد ذاته هو من اهم الأسباب التي دفعت ايضاً رئيس الوزراء الصهيوني النتنياهو للقدوم لعمان لبحث تداعيات هذا الملف بالتحديد ،فالصهاينة باتوا اليوم يخشون فعلياً من تداعيات العملية العسكرية الكبرى والتي يخوضها وسيخوضها الجيش العربي السوري بعموم مناطق الجنوب السوري والتي ستخلط اوراق المنطقة بمجموعها وستطيح حتماً ووفق نتائجها المنتظرة بملفات صفقة القرن ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية ، والخشية الصهيونية تنبع من قناعة صهيونية مفادها أن المجاميع المسلحة وعائلاتهم والمدعومين من الكيان الصهيوني سيندفعون وتحت وقع ضغط النار نحو مناطق الجولان المحتل ،وهذا ما لايريده الصهيوني ولايريد ان يتحمل اعبائه الأمنية والسياسية على الاقل ،ولايريد بنفس الوقت أن يسلم هؤلاء أنفسهم للجيش العربي السوري ،فبعضهم لديه بنك معلومات يدين الكيان الصهيوني ودوره بالحرب على سورية “وخصوصاً دور الكيان بملف ضربات الكيماوي وفبركاتها “وموضوع هروب المسلحين بحد ذاته ،ينحسب كذلك على النظام الأردني ،والذي هو الاخر وبدوره كان يخشى من موجة نزوح وهروب للمجاميع المسلحة وعائلاتهم نحو الأردن ،وهذا ما لايريده النظام الأردني ،وفعل كل أدواته لعدم حدوثه .
النظام الأردني ،حاول بالمرحلة الأخيرة التقارب من جديد مع دمشق بعد حالة جمود نسبي في العلاقات استمرت لعدة أعوام مضت ، والتي انتهت أخيراً بلقاءات سياسية بطابع “اقتصادي – تجاري ” بين بعض الاقطاب الدبلوماسية والسياسية الأردنية والسورية ،والتي تبعها رسائل سياسية ايجابية عدة بين الجانبين، وتزامناً مع هذه التحركات ،يبدو واضحاً ان دوائر صنع واتخاذ القرار الأردني قد نجحت “إلى حدما ومرحلياً ” بالتواصل مباشرة مع دمشق ،وحصلت تفاهمات خلف الكواليس ،تجنب الأردن إلى حد ما أي تداعيات للعملية العسكرية التي يخوضها وسيخوضها الجيش العربي السوري في عموم مناطق الجنوب السوري ،وهذه التفاهمات نجحت بتفادي مجموعة سيناريوهات بما يخص ملف العلاقات السورية – الأردنية ،فما قامت به عمان مؤخراً من اتصالات متزامنة مع موسكو ودمشق وتصريحات تصدرت أولوياتها ملف التسوية في سورية يظهر أن الأردن الرسمي بات معنياً بإنجاز تفاهمات مستدامة مع دمشق ،والمؤكد انه سيبلغ بها واشنطن والتي تتفهم بعض دوائرها السياسية والعسكرية موقف الأردن هذا .
وبالعودة لهرولة النتنياهو لعمان ، فـ الملاحظ أن النتنياهو عندما هرول لعمان ،متجاوزاً حالة الخلاف العميق جداً مع النظام الأردني حول مجموعة ملفات ليس أولها ولا اخرها ملف القدس ، كان يسعى لجس نبض النظام الأردني حول رؤيته لتطور الأحداث بعموم ساحة الجنوب السوري ،عارضاً على عمان مجموعة سيناريوهات لمواجهة عملية الجيش العربي السوري في الجنوب السوري ،والهدف من هذا العرض ،هو بلؤرة تحليل صهيوني واقعي حول موقف النظام الأردني من تطور احداث الجنوب السوري بعد معلومات استخباراتيه وصلت للصهيوني عن حصول تفاهمات سرية بين السوريين والنظام الأردني بخصوص ملف الجنوب السوري ، وهذا ما اثار ذعر الصهاينة وخصوصاً مع غرق السعوديين بالملف اليمني وعدم قدرتهم كما ابلغوا الأمريكان على لعب أي دور بملف الجنوب السوري ،وبالمحصلة فالنتنياهو ،لم يحصل على أي اجابة شافية من النظام الأردني على مجموعة سيناريوهات عرضها على النظام الأردني لمواجهة عملية الجيش العربي السوري في جنوب سورية ، مما زاد بحالة التخبط لدى الصهيوني وسط عدم قدرته على بناء تحليل عسكري – سياسي ينسجم مع التطورات المقبلة في الجنوب السوري ،وسط غموض بمواقف الروسي والأمريكي بخصوص رؤيتهم للتطورات المقبلة بالجنوب السوري ،مما زاد حالة القلق لدى دوائر صنع القرار الصهيونية ، والتي بدأت تشعر أنها بمرحلة مقبلة ما “ستآكل مجبرة السم الذي طبخته لسورية “.
حالة القلق والتخبط التي تعيشها دوائر صنع القرار الصهيوني بخصوص تطورات ملف الجنوب السوري ، والتي زادت حدتها زيارة النتنياهو لعمان والتي لم يحصل منها على أي اجابات على سيناريوهات عرضها النتنياهو على النظام الأردني ،يحاول الصهيوني اليوم التخفيف منها ،عبر محاولة خلط الأوراق من جديد بالشرق السوري ،ومحاولة ضرب السوري وحلفائه بالأمريكي ،عبر عمليات عدوانية جوية يقوم بها الصهيوني وتستهدف نقاط عسكرية لسورية وحلفائها ببعض مناطق الشرق السوري ،والتي تبرئ منها الأمريكي على الفور ،وهي رسالة قاسية جداً من الأمريكي للصهيوني ،ومفادها أن الأمريكي ليس بوارد تحمل مسار أي مغامرة صهيونية بسورية ،وأن مصالح الأمريكي بسورية ليست دائماً تتقاطع وتلتقي مع مصالح الصهيوني ، وهذا بدوره كان صادماً للصهيوني ،والذي هو للآن يحاول مع موسكو وبلا جدوى لإنجاز تفاهم ما يحفظ مصالح الصهيوني بالجنوب السوري ويبقي على الوضع الحالي بالجنوب السوري الميداني والعسكري كما هو .
ختاماً، يدرك معظم المتابعين أن عملية الجيش العربي السوري في عموم مناطق الجنوب السوري بتوقيتها وبنتائجها “الإستراتيجية ” المنتظرة ،بدأت فعلياً تقلق قادة الكيان الصهيوني ودوائر صنع قراره العسكري – السياسي ،وخصوصاً أن العملية ستخدم بشكل كبير ملف تسوية وحسم ملف الجنوب السوري لصالح الدولة السورية ، وهذه التسوية وذلك الحسم بشكل خاص سيكون له وقع خاص على الكيان الصهيوني ،والذي سنراه يتخبط بخطوات ومغامرات غير مدروسة بالمرحلة المقبلة في سورية ،وعندها هذا التخبط سيذكرنا بـ “رقصة الديك المذبوح” يظنه البعض يضرب من منطق القوة بينما هو يلفظ أنفاسه الأخيره ويقف على حافة الهاوية والانتحار والسقوط المدوي.
*كاتب وناشط سياسي