السيمر / الخميس 19 . 07 . 2018 — في وقت تشهد فيه عدة محافظات جنوبية احتجاجات شعبية غاضبة ضد البطالة وسوء الخدمات، أصدر رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، مرسوما يقضي بإحالة 328 نائبا من الدورة البرلمانية السابقة الى التقاعد، وهو ما يعني إن كل نائب سابق سيحصل على ٨٠٪ من رواتبهم البالغة ١٢ مليون دينار.
وفضلا عن توقيت اصدار المرسوم “الخاطئ” حسبما يرى مراقبون، نتيجة لما يمر به العراق من أوقات عصيبة، فأن هناك من تحدث عن قانون “جديد” لمجلس النواب، شرع بعيدا عن الاضواء يتضمن “امتيازات” واسعة للنواب، وهو ما أعتبره البعض “استفزازا” للشعب العراقي الذي يعاني ما يعانيه اليوم من ضنك العيش.
مرسوم رئيس الجمهورية
في خطوة مثيرة، تناقلت عدد من وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، الاربعاء 18 تموز، وثيقة تتضمن مرسوما جمهوريا جاء فيه انه “يحال اعضاء مجلس النواب للدورة البرلمانية الثالثة الى التقاعد، كما تضمن أيضا ان “على رئيس مجلس النواب ووزير المالية تنفيذ ذلك”.
وردا على الانتقادات الواسعة التي لاقت اصدار المرسوم، قالت رئاسة الجمهورية، في بيان، ان “المرسوم الجمهوري صدر استنادا لأحكام المادة (13 / أولا) من قانون (مجلس النواب)”، وأضافت ان “القانون عرض على أنظار رئيس الجمهورية والذي بدوره أحاله إلى الدائرة القانونية لمراجعته وتدقيقه، وبعد دراسة القانون تبين إن هناك العديد من المخالفات الدستورية والقانونية التي أدرجت في نصوصه، إضافة إلى تقاطعه مع المبادئ العامة ومنها مبدأ الفصل بين السلطات، ومبدأ المساواة ما بين الحقوق والواجبات، ونتيجة لذلك وجه رئيس الجمهورية بإعادة القانون إلى مجلس النواب بغية إزالة تلك المخالفات التي تم ذكرها بمطالعة مفصلة إلى المجلس بموجب كتاب رئاسة الجمهورية المرقم م.ج/1/5/719 في 25/3/2018”.
وقالت الرئاسة، ان “القانون اعيد إلى رئاسة الجمهورية للمرة الثانية لطلب المصادقة بموجب كتاب مجلس النواب المرقم 1/9/5495 في 7/6/2018، مستندين في مخاطباتهم بعدم وجود مخالفات دستورية أو قانونية إضافة إلى إن المجلس يدعي بعدم وجود النص الدستوري الذي يخول رئيس الجمهورية بإعادة القوانين مستندين إلى المادة (73/ثالثا) من الدستور وكذلك قرار المحكمة الاتحادية العليا مؤخرا، وامتنع رئيس الجمهورية عن التوقيع لتضمنه خروقات دستورية، إلا أن القانون قد صدر بمضي المدة القانونية وأرسل للنشر بناء على ذلك”.
وبررت رئاسة الجمهورية موقفها قائلة انها “عملت على التصدي لكل التشريعات التي توجد فيها مخالفات دستورية أو فيها انحراف أو عيب تشريعي، ودأبت على الطعن في تلك التشريعات أمام المحكمة المختصة، إلا أن هذا الإجراء لازال قاصرا وغير كاف”.
قانون سري
من جانب أخر، كشف الخبير القانوني طارق حرب، الاربعاء 18 تموز، على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك ، انه “يوم ١٦ تموز ٢٠١٨ صدرت الجريدة الرسمية جريدة الوقائع العراقية بالعدد ٤٤٩٩ متضمنة قانون مجلس النواب الجديد بالرقم ١٣ لسنة ٢٠١٨ وهو قانون لم يتم ذكر اي شيء عنه عند دراسته وعند اعداده وعند مناقشته وعند تشريعه، حيث كانت الامور سرية ولم يتولى مجلس النواب اصداره اي تحديد تاريخ اصداره في زمن عمله قبل الانتخابات وانما حددت المادة ٧٣ من هذا القانون ان تاريخ صدوره هو الاول من تموز عام 2018، اي بعد انتهاء عمل مجلس النواب وبعد اجراء الانتخابات”.
وحول الامتيازات في القانون، وفقا للخبير القانوني طارق حرب فهي:
1- ان “المادة ١٣ من القانون تقرر جعل خدمة عضو مجلس النواب ١٥ سنة بصرف النظر عن مدة خدمته، وذلك يخالف قانون التقاعد الذي يشترط ان تكون هناك ١٥ سنة خدمة فعلية للحصول على الراتب التقاعدي”.
2- انه قد خالف احكام قانون التقاعد والذي يعزز صرف الحقوق التقاعدية عند بلوغ ٥٠ سنة، في حين ان قانون البرلمان الجديد يقرر صرف نصف الحقوق التقاعدية حتى ولو لم يبلغ هذا العمر اما اذا بلغ هذا العمر فانه يستحق الحقوق التقاعدية كاملة ومعنى ذلك ان النائب افضل من المتقاعد العادي من عدم اشتراط ١٥ سنة كخدمة وعدم اشتراط ٥٠ سنة كعمر التي يستحق بموجبها المتقاعد العادي استحقاق الحقوق التقاعدية”.
3- ان “المادة ٨ من القانون الجديد تقرر اعطاء الرغبة للنائب في العودة الى وظيفته خلافا للقاعدة العامة التي تشترط وجود درجة وتخصيص مالي، فالنائب بموجب هذا القانون يعود الى الوظيفة حتى ولو لم تكن هنالك درجة او لم يكن هنالك تخصيص مالي”.
4- ان “المادة السادسة اعطت النائب حق التقاضي امام الهيئات القضائية”.
5- ان “المادة ١٥ اعطت للنائب حق اصدار كتب لجميع الجهات في الدولة خلافا للقاعدة العامة في البرلمانات وهو ان الكتب والمراسلات البرلمانية تكون عن طريق مكتب رئاسة مجلس النواب وليس لكل نائب مكتب ومراسلات كما انه توسع بالصلاحيات بشكل كبير”. وفقا للخبير القانوني.
البرلمان لا يستحق
عضو اللجنة القانونية النائب السابق زانا سعيد، يقول ان “القانون الجديد لمجلس النواب يقوي من موقعه مجلس أمام مجلس الوزراء ويكرس استقلال السلطة التشريعية”.
وقال زانا، في حديث صحفي ان “، كما ان تضمين القانون بعض المواد التي تستثني النواب من شروط قانون التقاعد الموحد، هو لإرضاء بعض اعضاء البرلمان الذين لا يشملهم قانون التقاعد الموحد بالراتب التقاعدي البرلماني وتم وضع حل لهم في القانون الجديد، بحيث اصبح بإمكان النائب الذي لم تتجاوز خدمته الوظيفية 15 سنة ان يدفع كل شهر مبلغ 500 الف لهيئة التقاعد من اجل شراء الخدمة والوصول الى الشرط القانوني 15 عاما من الخدمة حتى يتيح له استلام راتب تقاعدي من البرلمان”.
ويبين ان “الشرط الثاني الذي تم تعديله هو ان قانون التقاعد الموحد يشترط على الموظف ان يتجاوز 50 عاما حتى يشمل بالتقاعد وبالتالي هناك نواب لم يصلوا لهذا العمر والقانون الجديد لمجلس النواب اتاح لهم استلام نصف راتب تقاعدي
من جانب آخر، يقول رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية، واثق الهاشمي ان “اقرار القانون الجديد لمجلس النواب بهذه الطريقة هو تظليل للرأي العام وتجاوز عليه وعلى الوضع العراقي وستترتب عليه الكثير من القضايا المهمة”.
وأضاف، لـ (وان نيوز) ان “الحديث عن الرواتب والامتيازات التقاعدية للنواب في هذا التوقيت وفي ظل الاضطرابات الكثيرة والتظاهرات التي تعم البلاد وكذلك مشاكل الفقر ونقص الكهرباء والماء والخدمات الأساسية، يعتبر تجاوزا على الشعب العراقي وكان الاجدر ايقاف العمل بالقانون”.
ويعتقد الهاشمي ان “مجلس النواب لم يقم بواجبه كما مطلوب منه حيث كانت هنالك اعتراضات على اداءه وعمله وبالتالي لا يستحق هذه الاموال الطائلة والامتيازات وهو ما ولد حالة امتعاض لدى المواطن العراقي”.
بدوره، دعا الخبير القانوني طارق حرب: “رئاسة الوزراء او الجهات ذات العلاقة الى اقامة الدعوى امام المحكمة الاتحادية العليا لابطال الاحكام المالية الواردة في القانون لعدم اخذ راي الحكومة في ذلك ولان مجلس الوزراء لم يتول اعداد هذا القانون”.
وان نيوز