الرئيسية / مقالات / هوبز ينتصر و روسو يحتضر !

هوبز ينتصر و روسو يحتضر !

السيمر / الاثنين 23 . 07 . 2018

سيف ابراهيم

ان النظم الديمقراطية التي يتغنى بها الغرب و يحاول تصدريها لكل ارجاء القرية الصغيرة و جعلها مثالا يحتذى به على انه الانموذج الامثل ، لا تكون صالحة في كل زمان و مكان لذلك نراها في كثير الدول تفشل كون الظروف عادة ما تكون غير مناسبة لنمو هذا الجنين الاشقر ابن العم سام .
و لو فرضنا جدلا انه ينمو من دون تدخل الانسان نباتا طبيعيا بفرض التشبيه كونه يماشي الفطرة و يماهيها ، علينا ان نعي جيدا ان ادوات هذا النوع من النظام في التعبير و التغيير انما تكون مختلفة و متباينة ، فمثلما تعتمد الانتخابات طريق و مسلك نحو التبادل السلمي للسلطة ، فانها بقبالة ذلك لا تحتكر هذه الطريقة فقط بل تعطي فسحة عظيمة لادوات تغيير اخرى كالتظاهرات و الاعتصامات و الاضرابات و كلها مكفولة محليا و دوليا ، دستوريا و حتى من خلال مبادئ حقوق الانسان و مواثيق المنظمات الدولية ، لذلك على الدول التي تتغنى بهذا النظام ان تؤمن بأحقية التعبير عن عدم القبول و السخط فيما اذا كان هناك انحراف على مستوى العقد المبرم بين السلطة و الشعب استنادا الى روسو و ليس الى ذاك المنحرف هوبز .
لذلك و استنادا الى مختلف النظريات و التنظيرات و الوقائع فان من حق كل الشعوب المطالبة بحقوقها بمختلف الطرق المشروعة عند اخلال طرف السلطة بالعقد المبرم بين الطرفين و لا يجب ان يلعن الشعب و يوصف بما لا يليق و لا يُقبل ، ان كانت السلطة مؤمنة بالديمقراطية فعليها الايمان الكامل و المطلق لا ان تؤمن فقط بما يتلائم و مصالحها ف ما لا يدرك كله يترك جله نعم و الا فلا .
ان تظاهرات الشعب العراقي عندما انطلقت انما كانت تمارس ابسط حقوقها في التعبير عن ضياع الحقوق و هدرها و العبث بمصير بلد يكتنز الخير و لا يعلمون اي يولي مهرولا نحو حيتان فساد ابى الا ان يهلكها قريبا باذنه تعالى .
بعد مرور ما يقارب على نصف الفترة التي حكمنا بها ذاك النظام البائد ، لم يرَ الشعب من الطبقة السياسة الحاكمة الحالية غير السوء و عظيم النهب و السلب الا ما رحم ربي ، لذلك فان خروجهم للشارع انما هو تلبية لنداء العقل و حب الوطن و الخوف من قادم يدفع اجياله القادمة عظيم الثمن ، انها صرخة جائع في حضرت سلطان جائر نعم انه الجهاد الاعظم .
ابو ذر الرجل الثائر يستغرب كيف من لا يجد قوت يومه ان لا يخرج شاهرا سيفه ! ، و تنفيذ عقوبة قطع اليد لمن سرق قد اوقفها احد الصحابة في ظل القحط و انعدام الامن الغذائي فالعيب لم يكن بالسارق بل بالسلطة التي لم ترعَ الحقوق و تحفظ للناس حق الحياة الكريمة .
لكن رغم ذلك لم يخرج الشعب اليوم شاهرا سيفه و لا حاملا سلاحه و لا مطالبا بما يعجز الحاكم عن ايجاده و تنفيذه ، لم يسرقوا و لم يعبثوا و ما ارادوا الا الصلاح و الاصلاح في امة قد ساء وضعها و اصبحت بالحضيض يوما بعد اخر .
ان انعدمت الكرامة فلا قيمة لعيش بعد اليوم و هوان يمضي العمر بهوان ، و الكرامة تحفظ بتوفير ابسط الحقوق و المستلزمات ، طالبوا بالخدمات و توفير فرص العمل لا اكثر و هي مقارنة بخيرات بلدهم هي مطالب لا تذكر بل فطرية يجب ان تكون ، من المهد يجب ان يتمتع بها كل فرد حتى يأذن الله بانقضاء اجله .
فبدلا من توجيه اللوم و التهم على المتظاهرين من قبيل المندسين و المخربين ، و هذا امر لا احد يستطيع ان ينفيه ، فكيف لا تتواجد هكذا فئة ضالة في ظل تظاهرات عفوية تشارك فيها مختلف طبقات المجتمع و بمختلف الميول و التوجهات ، تظاهرات بكل تأكيد سيحاول جرها نحوه ذاك المخرب بتوجيه او بعدم توجيه ، كيف لمن يطالب بحقه ان يعرف ذلك لا بل كيف له القضاء على من يريد اخذ التظاهرات لمآلات اخرى !! ، انه واجبكم ايتها السلطة ، مسؤوليتكم في تشخيص هؤلاء ، و واجبكم بتنفيذ المطالب كي يعود اصحاب الحق لبيوتهم آمنين .
لكن من يسمع ! ، و ان سمعوا من يهتم ، سلطة ختم الله على قلوبها ، فما عادت ترى الا الحق معها و الباطل لا يأتيها مطلقا ، المعيب فيهم كثير و رغم ذلك لا يعترفون و ان اعترفوا بفشلهم يزدادون بالمناصب التصاقا .

اترك تعليقاً