السيمر / السبت 28 . 07 . 2018
رسل جمال
نادراً ما تنجح برامج التلفاز بلفت انتباهي، وان حدث ذلك بشكل عرضي، لا أجد بشاشات قنواتنا العربية مايثير الاهتمام، او يسرق الانظار، لسبب بسيط انها تستنسخ برامج بطريقة رديئة، اذ تعج الشاشات ببرامج للمواهب الفنية سوأ للشباب او حتى للأطفال، وكثيراً ما كنت اسأل نفسي، ترى مامصير تلك المواهب؟ هل يستمر تسليط الضوء عليها؟ وتنعم بذات الاهتمام؟ ام ان تلك البرامج ماهي الا ومضة مصباح، سرعان ما ينطفئ، ويكسو غبار الاهمال والنسيان اولئك الموهبون.
مثل هكذا برامج لا تعدو كونها اعلانات تجارية، وضحك على ذقون السذج، لزيادة مشاهدات تلك القنوات، وعقد صفقة رابحة مع شركات الاتصالات، اذ ان نهاية تلك البرامج لا تكون الا بتصويت الجمهور عبر أرسال رسائل sms الرابح الوحيد بنهاية تلك المسابقات، هم شركات الاتصال والقنوات التفزيونية، التي تقتاد على هذه الافكار من البرامج السطحية، اما الفائزون من تلك المسابقات فبعد الحفل النهائي، لا يأتي على ذكرهم احد وحتما ينساهم الجمهور سريعاً.
لم اجد افضل من تلك المقاربة الحية الواضحة، لشرح واقع تظاهرات الجمعة، وخطب الجمعة الاخيرة التي اخذت حيزاً واسعاً في الجنوب والوسط، المحير في الامر ليس في التظاهر، لانه حق مشروع كفله الدستور للمواطنين، ورد فعل طبيعي لتردي الخدمات بشكل كامل في عموم البلاد، المحير في تلك التظاهرات رفع لافتات ساخطة على خطاب المرجعية، وتحميلها سبب فشل الحكومة، وشن ممن يسمون انفسهم بنشطاء مدنين حملات تسقيطية، بحق المرجعية عبر وسائل التواصل، رغم ان كل توجيهات المرجعية وخطبها منذ سقوط الصنم ولغاية اللحظة، لم تخلو من تعليمات وتوجيهات، حتى بح صوت خطيبها!
رغم ذلك فلا يحلو للمتصيدين بالماء العكر الا بألقاء اللوم على المرجعية، وكأنها سبب الدمار والخراب، الذي عاث بالبلد .
ان المرجعية الدينية الرشيدة هي صمام أمان البلد سوأ ايقنت الجماهير تلك الحقيقة او تجاهلتها، وستبقى هي المنهل المعطاء، حتى وان لم يقابل أحسانها بالاحسان.
لان المصلحون والشرفاء هم من يوجهون دفة القيادة الى بر الامان، وان لم يعي الناس حجم تلك المسؤولية، الا انهم يؤدون واجبهم الانساني والاخلاقي، على اتم وجه.
لقد وجهت المرجعية جملة نقاط فيما يخص التظاهر، حتى لا يكون مجرد تجمهر ثم يعودوا الغاضبون ادراجهم وكأن شيئا لم يكن، اشبه بتصفيات المواهب لا يترتب عليها شيء يذكر.
انما حددت نقاط مهمة وجوهرية هذه المرة، والقمت الذين يقولون ان المرجعية لاتهتم لأمر المتظاهرين حجراً كبيراً هذه المرة.
اذ اكدت على ضرورة ان تولى الحكومة اهتماماً خاصاً بمطاليب الناس المشروعة، وتخفيف مما يعانونه من سوء خدمات، وان تتظافر الجهود لتشكيل الحكومة الجديدة، بأسرع وقت وفق النظام الدستوري، لكن مع التأكيد على عناصر الحكومة القادمة، اذ حددت المرجعية سمات اللاعبين الاساسيين في العملية السياسية القادمة، يجب ان يكونوا على قدر كبير من الكفاءة والحرص على المال العام، ومن ذوي الاختصاص، على ان يتحمل رئيس الوزراء المقبل وزره ووزر حكومته المزمع تشكيلها، وان يكون هو المسؤول الوحيد امام الشعب عن نجاح او اخفاق عمل الحكومة.
لذلك رسمت المرجعية اليوم، ملامح رئيس الوزراء القادم، أهمها الحزم والشجاعة في محاربة الفساد، اشارة واضحة الى ان العبادي قد فشل في دعواه التي استمرت لسنوات في محاربة الفساد، بل لم يفلح في تخويفه حتى!
وضعت اليوم خطبة الجمعة خارطة طريق واضحة، لمن يريد بالعراق وأهله الخير والوصول الى بر الامان، كذلك حذرت في نهاية الخطبة ان التنصل عن واجبات الحكومة تجاه الناس والمواطنين، وسيجعل الامور تأخذ منحى أخر والمشهد سيكون حتما اكثر سوداوية.
اليوم اعطت مضامين خطبة الجمعة فرصة أخيرة، للفائزين بالانتخابات برفع راية الاصلاح الحقيقي، وجعل غضب الجماهير نصب اعينهم، وعليهم ان يقروا قوانين تلغي الامتيازات السابقة، التي كان يتمتع بها النواب واصحاب الدرجات الخاصة، كذلك منح هيئة النزاهة والسلطات الرقابية الاخرى اختيارات اوسع في مكافحة الفساد، والوقوف بوجه الفاسدين.
حذرت الحكومة كذلك من التنصل من عهودها للناس، واوصت الجماهير بتطوير اساليب احتجاجهم، بشكل اكثر منهجية لك تجدي تلك المظاهرات نفعاً، والابتعاد عن التخريب والاعتداء على القوات الامنية.
حتى تؤتى التظاهرات أوكلها يجب ان يرافق تلك المطالب متابعة حثيثة من الجانب الحكومي، حتى لا تكون أشبه بتصفيات ذا فويز .