الرئيسية / ثقافة وادب / تراتيل يراع للشاعر محمد حراث

تراتيل يراع للشاعر محمد حراث

السيمر / الجمعة 28 . 09 . 2018

معمر حبار / الجزائر

حين قٍرأت أنّ #الجمعية_الولائية_أفاق_الشبابية، ستقيم أوّل عمل لها بـ المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية الشلف يوم الثلاثاء 15 محرم 1440 هـ الموافق لـ 25 سبتمبر 2018، تحت عنوان #التظاهرة_الفنية_الأدبية #قصيدة_ولوحة، لبّيت الدعوة في الحين وكلّي فرح وسرور.
كنت أوّل الحضور صباحا قبل الموعد، وعدت في المساء بعد صلاة الظهر، إذ بي أرى زميلنا الشاعر الأنيق محمد حراث يتوسّط القاعة والطاولة التي ضمّت مجموعة من الكتب لبعض الشعراء للبيع بالإهداء، ومنها كتابه “تراتيل يراع”، دار الماهر، سطيف، 2018، من 67 صفحة. قاسمته الجلسة وأهداني الكتاب وخطّ بيده وبالحرف الواحد: “إلى الأستاذ المتألق صاحب الحرف الرصين الرزين والمقام العالي السامق، معمر حبار. شلف 2018. محمد حراث. التوقيع”.
شرع القارىء في قراءة كتاب “تراتيل يراع” في القاعة قبل ابتداء الأشغال ثمّ أتمّ قراءته في المنزل، ومما جاء في القراءة:
قال شاعرنا محمد حراث في مقدمته لكتابه صفحة 5: “كلّنا شعراء، فمنّا من يكتُبُ، ومنّا من يكبِتُ”.
في قصيدته المعنونة بـ: “حروف محمديّة”6-10، وهو يمدح سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بلغة فصيحة بليغة تليق بالكبار والعظماء، قال: “إن كان أمّيا فذاك هو الذي.. دانت له الأقوام خير معلّم”. وعن حسن أخلاق وتواضع وأدب الشاعر، يقول: “سأظلّ عمري ما حييت منافحا… عن عرضه بجميع حبري مع دمي”.
في قصيدته 12-13 “في رحابك ربّي”، يصف تذلّه لله تعالى وهو يقول بكلّ انكسار: ” ربّاه عاملني بفضلك إنّني… لا أرتجي عملا ينيل المأربا”، ويقول أيضا: “رحماك ربّي إنّني لك عائد… فاقبل عبيدا عندك هاربا”.
في قصيدته “برئ الإسلام منهم” 14-16، يستنكر التطرف وقتل الأبرياء بقوّة حين يقول: “إنّ التطرّف موبق ومدمّر… إنّ التطرّف في الشرائع كالوبا”، ويقول أيضا: “بل إنّ قاتل مسلم لو واحدا… سيّان في ذنب بمن قتل الورى”.
وخصّ شاعرنا محمد حراث كتابه بقصيدتين للجزائر وحب الجزائر، فقال في قصيدته “هي الجزائر” 18-22، وهو يشرح معنى حروف كلمة الجزائر والتي أقرأ شرحها لأوّل مرّة في حياتي، حين قال: ” فالجيم جوهرة، جمال، وجنّة… جاد الإله علينا تزخر… والزّاي دلّ على الزّعامة في العلى.. ألف تقول: أنوفنا لا تغفر.. ياهمزة همست بنبرة عزّة.. يا راء رفعتنا إليك نشمّر”. وبما أنّ الجزائري بطبعه يقرن دوما حب فلسطين بحب الجزائر، فإنّ شاعرنا أكّد ذلك حين قال: “هذه الجزائر يافلسطين اقتفي.. حبّي فلسطينا وحبّ جزائري”.
عن الألم الذي يعيشه من خلال مايعيشه إخواننا العرب يرسم بدقّة الحسرة والأسى، حين يقول في قصيدته: “سيف أدمى نحر أمّتي” 29-35: “أعلى العراق نشقّ حزن فؤادنا.. أم بالشّام وقد أصيبت بالعطب؟.. وبأيّ سعد صار في يمن البلى؟”.
يصف أيضا الوضع العربي بكلّ مرارة في قصيدته “فسيفساء وطني السّوداء” 36-39، حين يقول: “بطونهم نفخت بمال من ظلموا.. ومال من قتلوا ومال من صلبوا.. ومال من خطفوا ومال من سجنوا.. ومال من حرقوا ومال من سلبوا”. ويتأسّف في آخر بيتين عن القدس المجروحة، وهو يتألّم قائلا: “والحسب في نظم أبيات أجود بها.. قصيدة بدم للقدس تنتدب”.
خصّ عراقنا الحبيب بقصيدة كاملة عنوانها: “أنين في صدر بغداد”، وهو يقول: “بغداد يا أمنية بقلوبنا.. بغداد لحن طيب الأنغام.. بغداد طيفك جاثم فوق الفؤاد.. يرفرف كترفرف الأعلام.. بغداد يابلد الحضارة والعلا.. أسفي عليك فقد قست أيامي”.
يختم قصيدة “نفسي ترثي لنفسي” صفحة 45 بنصيحة غالية، بقوله: ” يا نفس كفّي عن خطاك إلى الخطى.. فالخطو ذاك إلى جهنّم يذهب”.
يطلق صيحة تحذير للمرأة من بعض التجار في قصيدته: “قالوا لها” 53-60، وهو ينقل عن بعض ذئاب البشر قولهم: “حتّى إذا ملّ الفؤاد تعشّقا.. أرمي بك لأذوق أخرى أطيب”.
يظلّ يقدّم نصائحه الغالية في آخر قصيدته المعنونة بـ” تجّار الغزل” 61-65، وهو يتحدّث بلسان الحكيم قائلا: “فمن يعش للهوى يعش منتحرا.. وطول مدّته موت على مهل”.
يختم كتابه عبر صفحة 66، فيقول: “فإنّ الشّعر أرقى أنواع التعبير عن الشعور ومختلجات الصّدر”، ويرى القارىء المتتبّع أنّ شاعرنا محمد حراث، بالغ كثيرا وأخطأ حين حصر “التعبير عن الشعور ومختلجات الصّدر” في الشعر دون غيره من الكتابة، والرسم، والمسرح، والسينما، والهدية، وغيرها من أدوات التعبير التي يعرفها المرء والتي غابت عنه، راجيا أن يتداركها في الطبعات القادمة.
طبعة دار “الماهر” كانت في غاية السّوء إلى درجة أنّ الأوراق تمزّقت بين يدي وأصبحت كومة من الأوراق رغم الحرص والحفظ. مع العلم “دار المجدد” بسطيف التي طبعت كتاب “أنا” لعباس محمود العقاد رحمة الله عليه نافست طبعة “الماهر” من سطيف والتي طبعت “تراتيل يراع” لشاعرنا محمد حراث في سوء الطبعة وتمزيق الأوراق وإهانة الكاتب والكتاب وكأنّها يد واحدة اختصّت في الإساءة للكتاب وليس طبع الكتاب. ونحمد الله تعالى أن رزق عبده الذليل القراءة والصبر على القراءة وإلاّ لما قرأ سطرا من الأوراق الممزّقة التي أفسدت على القارىء سحر القراءة والنقد.

اترك تعليقاً