السيمر / الاحد 21 . 10 . 2018
معمر حبار / الجزائر
1. رحم الله السّعودي جمال خاشقجي الذي لم نره يوما رأي العين، ولم نقرأ له، ولا نعرف عنه شيئا اللّهم إلاّ بعد مقتله.
2. يركّز صاحب المقال على عبارة “ملاحظات شخصية” لأنّ هناك أسرارا يعرفها أصحابها والقائمين على عملية القتل، والمشرفين على الضّغط، والمكلّفين بضخ المعلومات، وزوايا أخرى ستظهر لاحقا.
3. المقال ليس موجّها للأتباع الذين سيغضبهم موقفي من دولة يتبعونها ولا ضدّ جهة بعينها لأنّنا نتعامل مع الدول على حدّ سواء ولا نفرّق بينها، بل موجّه للقارئ المتتبّع الذي لايتبع جهة ولا يحقد على جهة، وهذا شأن كلّ المواضيع التي طرحت والتي ستطرح.
4. بالنسبة للولايات المتحدّة الأمريكية: لا تريد أن تخسر حليفها السّعودي فالسّعودي عندها مصدر 110 مليار دولار، و 450 مليار دولار من الصفقات، وشراء الأسلحة، وضمان توظيف اليد العاملة المحلية، وسوق دائمة ثابتة لم تحلم بها الولايات المتحدة الأمريكية ولم تتحصّل عليها من قبل باعتراف ترامب شخصيا. وبالتالي فلا غرابة أن يعلن مباركته العلنية والصّريحة للرواية السّعودية بشأن مقتل خاشقجي رحمة الله عليه في انتظار معلومات أخرى سيتعامل معها في حينها بما يناسب ضمان تدفق الصفقات. و واضح جدّا أنّ المستفيد الأوّل من قتل خاشقي هي الولايات المتحدة الأمريكية لأنّ ثمن الحماية سيرتفع بكثير عمّا كان من قبل. ومن جهة أخرى ستحاول أن تظهر الولايات المتحدة نفسها أمام العالم على أنّها مازالت تحمي ما تسميه حقوق الإنسان والدفاع عن المظلومين، وطبعا مع ضمان تدفق الصفقات واستمرارها، وفي العمق لا يعنيها الدم العربي كما لم يعنيها من قبل. بقيت الإشارة أنّ علاقة الولايات المتّحدة الأمريكية بالمملكة السّعودية قوية جدّا ولا يمكن بحال لدم خاشقي أن يفسد بينهما، فالمصالح أقوى من الدماء، والصفقات مقدّمة على الدماء ولو كانت دم الأخ.
5. بالنسبة لتركيا: واضح جدّا أن تركيا تريد بكلّ ما لديها أن تستغلّ مقتل خاشقجي لصالحها ولضمان الاستثمارات السّعودية التي فرّت منها، وقد تابعت هذا الأسبوع أستاذا تركيا عبر فضائية غربية ناطقة باللّغة العربية يقول: لا تريد تركيا أن تغضب السّعودية لذلك تعمّدت تسريب المعلومات للولايات المتّحدة الأمريكية ونشرها عبر وسائل الإعلام التّابعة للولايات المتّحدة الأمريكية، لأنّ تركيا تحرص على ضمان تدفق الاستثمارات السّعودية، كما أكّد ذلك الأستاذ التركي. ويتّضح ذلك جليا في تقديم المعلومات بشأن مقتل خاشقجي عبر عملية التقطير، أي تقديم المعلومة كلّ يوم وبالجزء الصّغير والمثير والمطلوب، وحسب تركيا فإنّ لها معلومات تتركها للحظات الأخيرة وضمن عملية التقطير دائما. االتركي إذن لا يريد أن يخسر مظلّة الأب الأطلسي باعتباره الدعم الدّائم والسّند الثابت القوي، ولا يريد في نفس الوقت أن يخسر العربي الثري باعتباره مصدر الصّفقات والمال، ولا يهم بعد ذلك الدم العربي ما دام العربي هو الذي قتل أخاه العربي بحماقة تشمئزّ منها الأنفس.
6. بالنسبة للمملكة السّعودية: لن يضيف صاحب الأسطر جديدا إذا قال أنّ السّعودية تعاملت مع مقتل خاشقجي بحماقة لا مثيل لها، ويكفي أنّها تأخرت أسبوعين لإصدار بيان حول ما تسميه “وفاة !!” خاشقجي رحمة الله عليه، وأثبتت ماكانت تنكره منذ أسبوعين، وضحّت برؤوس كانت معلومة من قبل أنّها ستضحي بها. السّعودية الآن في موقف صعب جدّا لأنّ حليفها الأمريكي ومنافسها التركي وعدوّها الإيراني وجارها القطري وكذا الروسي والأوروبي يريدون حقّهم وميراثهم وتركتهم مقابل الحماية والدّعم والسّكوت وعودة الاستثمارات وضمان الصفقات وفتح الطرقات، لأنّ الدم العربي لا يعنيهم في شيء خاصّة إذا كان القاتل هو الأخ العربي.
7. بالنسبة لقطر وإيران وروسيا وأوروبا: هذه الدول العربية والأعجمية والغربية تشترك في نقاط لعلّ أقلّها: أنّها ليست الفاعل الأساسي في مشهد مقتل خاشقجي لأنّ عملية القتل لم تتم في أراضيها، وخاشقجي ليس من مواطنيها أو حامل جنسيتها، من جهة أخرى تريد كلّ منها أن تضغط على السّعودية بما تملك من قوة روسية، ومكانة أوروبية، وحصار الأخ والجار القطري ومحاولة الخروج منه عبر الضامن والوكيل، والحرب القائمة مع إيران وبواسطة الصراع حول السيطرة على مناطق النفوذ التي لا يبدو في الأفق أنّها محدودة المساحة والعمق. وكلّ منهم يبحث لنفسه نافذة وخللا يدخل من خلالها للسّعودية للحصول على مكاسب يسعى إليها وامتيازات يتمناها عبر دم خاشقجي، لأنّ الدم العربي لا يهم العربي ولا الأعجمي ولا الغربي ولا الروسي ولا التركي ولا الأمريكي، مادام أبناء العرب يقتلون إخوانهم وجيرانهم العرب بحمق وغباء.