السيمر / الخميس 22 . 11 . 2018 — كشف المُستشرِق الإسرائيليّ، تسفي بارئيل، الذي يعمل مُحلّلاً لشؤون الشرق الأوسط في صحيفة (هآرتس) العبريّة، كشف النقاب في مقالٍ نشره بالصحيفة أنّ المملكة العربيّة السعوديّة ساعدت كثيرًا في إخراج الزيارة التاريخيّة لرئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو إلى سلطنة عُمان واجتماعه بصورةٍ علنيّةٍ مع السلطان قابوس بن سعيد، بالإضافة إلى ذلك، شدّدّ المُحلّل على أنّ الرياض أخضعت البحرين وفرضت عليها توجيه دعوةٍ لوزير الاقتصاد الإسرائيليّ، إيلي كوهين، لزيارتها بشكلٍ رسميٍّ للمُشاركة في مؤتمرٍ دوليٍّ، لافتًا إلى أنّ السعوديّة استغلّت في هذه القضيّة أنّها خلال المُظاهرات التي اجتاحت البحرين خلال ما يُطلَق عليه (الربيع العربيّ)، قامت بإرسال قوّاتٍ عسكريّةٍ من (درع الجزيرة)، التي قمعت المُظاهرات بقسوةٍ وعملت بكلّ ما لديها من قوّةٍ لاستقرار النظام الحاكِم في المنامة، على حدّ تعبيره.
المُحلّل شنّ هجومًا لاذعًا على كلّ من رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، في قضية قتل الصحافيّ السعوديّ جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول، لافتًا إلى أنّ أقوال ترامب بأنّه يُريد المُحافظة على العلاقات بين واشنطن والرياض أيضًا لكي يُحافِظ على المصالح الإسرائيليّة، كان يجِب أنْ تُربِك صُنّاع القرار في تل أبيب، ولكنّه استدرك قائلاً إنّ إسرائيل هي التي عملت على ذلك، بعد أنْ أقّر نتنياهو نفسه بأنّه طلب من ترامب الحفاظ على الاستقرار في المملكة السعوديّة، على الرغم من جريمة القتل البشعة التي ارتكبتها بحقّ الصحافيّ خاشقجي، على حدّ تعبيره.
وشدّدّ على أنّ التنسيق ورؤية الأمور بنفس الطريقة بين الرئيس الأمريكيّ ورئيس الوزراء الإسرائيليّ لا يحتاجان إلى أدلّةٍ، في كلّ ما يتعلّق بالشرق الأوسط، وتحديدًا بإيران والقضية الفلسطينيّة، لا يُمكِن بعد الآن إيجاد أيّ خلافٍ بين الزعيمين، إذْ يبدو أنّهما يُعيدان ويُكرّران نفس الرسائل المكتوبة من قبل المُستشارين، مُوضحًا أنّ المواقف الأخلاقيّة بعيدة عن الرجلين على الأقّل ألف سنةٍ ضوئيّةٍ ، على حدّ قوله.
علاوةً على ذلك، أشار إلى أنّ دولاً عديدةً تقوم بقتل صحافيين ما زالت تُقيم علاقاتٍ مع كلٍّ من أمريكا وإسرائيل، كما أنّ الدول الأوروبيّة، التي تحمل راية حقوق الإنسان والحريّات، لم تفعل شيئًا من أجل تحسين الحريّات المفقودة في السعوديّة، كما أنّ المُجتمع الدوليّ لا يُطالِب السعوديّة بوقف عمليات الإعدام بالجملة للمُعارِضين، ولم نسمع عن دولةٍ أوروبيّةٍ واحدةٍ تُهدّد بقطع علاقاتها مع السعوديّة بسبب القمع والاستبداد، قال المُحلّل الإسرائيليّ.
بالإضافة إلى ذلك، وصف المُستشرِق الإسرائيليّ العلاقات بين نتنياهو وبين ترامب بأنّها مثل العلاقة بين لصوص الخيول، فمرّة يعتمِد نتنياهو على ترامب كوسادةٍ لسياسته، وتارةً يستخدِم الرئيس الأمريكيّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ لكي يمنح سياسته مصداقيّةً، والآن جاء دور الدولة العبريّة، أضاف بارئيل، لتمنح واشنطن الملجأ من كيفيّة الخروج من أزمة المُواجهة الدبلوماسيّة مع المملكة السعوديّة، على حدّ قوله.
وشدّدّ المُستشرِق الإسرائيليّ على أنّ السعوديّة ليست حليفةً فيما أسماها الحرب على الإرهاب، إذْ أنّها لم تُشارِك بصورةٍ عمليّةٍ في المُواجهة ضدّ تنظيم (داعش) الإرهابيّ الإجراميّ، كما أنّها تُقيم علاقاتٍ مع حركة طالبان في أفغانستان، بالإضافة إلى مسؤوليتها عن قتل عشرات آلاف الأطفال والمدنيين العُزّل في اليمن، على حدّ قوله.
مُضافًا إلى ما ذُكر أعلاه، فشلت السعوديّة فشلاً مُدّويًا في إضعاف قوّة حزب الله في لبنان، وتحديدًا عندما أمر ولي العهد محمد بن سلمان، رئيس الوزراء اللبنانيّ، سعد الحريري، بالاستقالة من منصبه لدى زيارته للرياض، وبرأي المُستشرِق الإسرائيليّ فإنّ الرياض لم تنجح في الانخراط بالمعركة في سوريّة والتأثير على مصير الرئيس د. بشّار الأسد، كما أنّها أعلنت عن حلٍّ من القضيّة الفلسطينيّة، طبقًا لتعبيره.
وتابع قائلاً إنّ الكأس الذهبيّ الذي تسعى إسرائيل إلى الفوز به يتواجد في الرياض، إذْ أنّ إقامة علاقاتٍ دبلوماسيّةٍ علنيّةٍ بين الدولتين، تؤكّد أقوال نتنياهو عن التحوّل الجوهريّ الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط فيما يتعلّق بقبول إسرائيل دولةً مُعترفًا بها في المنطقة، ولكنّه أضاف أنّه حتى اللحظة لم يخرج المُخطّط الإسرائيليّ، المدعوم أمريكيًا إلى حيّز التنفيذ، وفق قوله.
بارئيل رأى أيضًا أنّ استعانة ترامب بإسرائيل لصدّ الانتقادات الدوليّة ضدّه في مساعيه للحفاظ على العلاقات مع السعوديّة تُكمِل تعريف الوظيفة التي تقوم بها إسرائيل وهي مأخوذة من عالم المافيا، حيث يعمل نتنياهو لدى ترامب رئيس العصابة (Don) بمثابة المُستشار (Consigliere)، لافتًا إلى أنّ انسحاب واشنطن من الاتفاق النوويّ مع إيران ارتكزت على المصلحة الإسرائيليّة، وكذلك نقل السفارة الأمريكيّة إلى القدس ارتكزت على نفس العامِل، والآن، حقّ وليّ العهد السعوديّ في مُواصلة مشواره نحو العرش، هي أيضًا وظيفةً يقوم بها المُستشار نتنياهو، لأنّ العائلة، كما هو معروف، أهّم من كلّ شيءٍ، في إشارةٍ واضحةٍ إلى تصرّف المافيا الإيطاليّة، كما قال المُستشرِق بارئيل.
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس