السيمر / الاثنين 14 . 01 . 2019
رواء الجصاني
… والرجل الذي نتحدث عنه هذه المرة، من البصرة الفيحاء بعطائها الدائم، خيرا وتضحيات، وأسماء لامعة وتاريخ أثير، قديم وحديث، وفي مختلف نواحي الحياة.. ومثلهُ مثل غالبية المناضلين السياسيين العراقيين، شيوعيين وديمقراطيين وغيرهم، أمتاز خالد عبد لله العلي، بإيثارالابتعاد عن الاضواء قدر ما استطاع، تاركا مهامه ونشاطاته تتحدث عن نفسها، أو يتحدث عنها الآخرون، كما ها نحن نفعل اليوم، ولو بايجاز . كان اول تعارف بيننا اواسط السبعينات الماضية، في بغداد حيث كان ينعقد فيها اجتماع مركزي للشيوعيين، متخصص بالعمل النقابي والمهني والديمقراطي، أشرف عليه عضو المكتب السياسي للحزب ثابت حبيب العاني، وكان خالد العلي ممثلا لمنظمة البصرة في الاجتماع.. ثم التقينا مجددا في براغ اواخر ذلكم العقد السبعيني، حيث كان الرجل، يدرس الهندسة في الشطر الشرقي من الفيدرالية التشيكية – السلوفاكية السابقة، وينشط في قيادة منظمة الحزب الشيوعي العراقي، وكنت حينها في قيادة المنظمة ذاتها، متفرغا بشكل رئيس لمهام سياسية وديمقراطية .. ويستمر خالد العلي في مهامه الحزبية، ومنها خارج تشيكوسلوفاكيا، ليكون مسؤولاً عن فريق من طلبة شيوعيين عراقيين (وطالبات) يدرسون في المعاهد التشيكية والسلوفاكية، قطعوا دراستهم اوائل الثمانينات، وتطوعوا للألتحاق بفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، كشكل من اشكال التضامن معها ضد الاعتداءات الاسرائيلية، ولعدة اشهر.. ثم عاد ليكمل دراسته، ويتخرج، ثم يتوجه للألتحاق بنضالات حزبه داخل الوطن، ولكنــه يُستبقى على الحدود !.. ثم يكلف الرجل بمهمة نضالية جديدة، ضمن مسؤولي محطة الحزب الشيوعي العراقي في مدينة / منطقة “القامشلي” السورية، عام 1983 وليُكنى منذ ذلك الحين بـ (ابو احمد/ قامشلي) تمييزا عن رفاق اخرين يحملون الاسم الحزبي ذاته .. ويبقى هناك لعدة اعوام، معنيا مع رفاقه الاخرين عن صلة الوصل والارتباط، وبأشكال مختلفة، بين الداخل العراقي (كوردستان تحديدا) والخارج، عبر دمشق.. وفي اواخر الثمانينات يستقر فترة من الوقت في دمشق مستمرا في التكليفات الحزبية التي نُسب اليها، ومنها شؤون العلاقات العربية، ومتابعة فروع الخارج لأتحاد الطلبة العراقي العام. ثم نلتقي من جديد، عام 1989 وهذه المرة في العاصمة الكورية الشمالية (بيونغ يانغ) قادما من سوريا حين ترأس الوفد العراقي الديمقراطي للشبيبة والطلبة المشارك في المهرجان الثالث عشر لطلبة وشبيبة العالم(1) .. وبعد ذلك بأشهر قليلة يعود خالد العلي (ابو أحمد/ قامشلي) الى براغ اواخر الثمانينات الماضية الى براغ، عضوا في لجنة تنظيم الخارج للحزب الشيوعي العراقي، التي كان مسؤولا عنه الفقيد الدكتور رحيم عجينة. ونلتقي مجددا في هذه المهمة أو تلك، ثم نتشارك في تأسيس المنتدى (النادي) العراقي في الجمهورية التشيكية عام 1991 والذي ترأس هيأته الادارية لدورات عديدة.. وهكذا تتداخل المهام المشتركة، والثنائية، فتتوطد العلاقات الصداقية والاجتماعية، وتستمر الى اليوم (على الأقل!) خاصة وثمة انسجام يسود في وجهات بعض وجهات النظر بما يتعلق بجوانب من شؤون وأوضاع البلاد العراقية، وأفاق حلولها، وضمن المتغيرات التي تستمر في عالمنا اليوم عموما. وهنا ينبغي الاشارة ايضا الى ان الرجل بعيـد عن الجمود “العقائدي” والتشدد السياسي الذي كان سائدا في اوساطنا حتى سنوات اخيرة، دعوا عنكم ما يحمله – خالد – من الطيبة العراقية الجنوبية المعروفة، والتسامح “البصري” ذائع الصيت، وسجاياه الشخصية، وكل ذلك وغيره ما وفـر وبالضرورة تميزا للرجل بين عارفيه ومعارفه في الخارج، كما في براغ التي يستقر فيه الان مع عائلته (2) ناشطا سياسيا ومدنيا، بعد فترة عمل مهني في العراق، متخصصا بدراسات عن تخطيط مدن وبلدات عراقية .. وفي عودة مكرورة لخواتم هذه الحلقات التي نستمر بتوثيقها، نعيد القول: كمْ هي الحاجة ماسةٌ لأن يكتب خالد العلي ما يتيسر له من وقائع وشهادات، أظنها وفيرة ومتعددة، بل ومثيرة، خاصة وأنه تكلف في مسؤوليات سياسية وحزبية عديدة، وما زال، ولا تنفع هنا الاعذار التي يرددها حين محاججته في تلكؤه عن ذلك، بأنه ليس متخصص في الكتابة! . صحيح ان خالد العلي ليس بكاتب بالمعنى المعهود، وليس بشاعر مثل اخيه الفقيد، المبدع (مصطفى عبد الله) ولكنه، وكما معروف عنه، واسع الاطلاع والثقافة، ومتحدث لبـق في الكثير من المجالس والندوات السياسية والثقافية. وأذكر هنا بالمناسبة مساهمته في فعاليتين بارزتين ببراغ، الاولى هي حفل استذكار مئوية الجواهري الخالد، عام 2001 وكذلك ثمانينية الفنان والمفكر الرائد محمود صبري، عام 2008 . كما أشير الى اهتمامه بأرث الكاتب والمترجم المميّز، أبن مدينته – البصرة، الفقيد مصطفى عبود. فضلا عن ولعه واهتمامه بألارشفة والوثائق التي فيها ما فيها من معلومات ووقائع تاريخية مهمة لا يجوز تركها دون كتابة، وتأرخة مناسبة، ضمن الممكن والمتاح طبعا. ———————————————– براغ / اواسط كانون الثاني 2019 (*) تحاول هذه التوثيقات التي تأتي في حلقات متتابعة، ان تلقي اضواء غير متداولة، أو خلاصات وأنطباعات شخصية، تراكمت على مدى اعوام، بل وعقود عديدة، وبشكل رئيس عن وجوه عراقية لم تأخذ حقها في التأرخة المناسبة، بحسب مزاعم الكاتب.. وكانت الحلقة الاولى عن علي جواد الراعي، والثانية عن وليد حميد شلتاغ، والثالثة عن حميد مجيد موسى.. (1) دام المهرجان تسعة ايام، وضم الوفد نحو ثلاثين مشاركاً، غالبيتهم من الأنصار الشيوعيين، وممثلين لعدد من شبيبة وطلبة احزاب سياسية عراقية منها الحزب الديمقراطي، والحزب الاشتراكي، الكردستانيين، وحزب البعث العراقي – قيادة قطر العراق / سوريا، والتجمع الديمقراطي العراقي .. وكان الكاتب مشاركا في الوفد من خلال مسؤوليته عن العلاقات الخارجية لاتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي.. (2) متزوج من المهندسة، السلوفاكية، أيفا عليوفا، ولهما إبنان وحفيد .