السيمر / السبت 19 . 01 . 2019
سليم الحسني
في مدينة النجف الأشرف، حيث مرقد سيد المتقين الامام علي بن أبي طالب، وقف المهوال العشائري يقرأ أبيات المديح والثناء لأحمد الجبوري (أبو مازن). لم يعترض عليه أحد، فهذا السلوك صار مألوفاً عند العشائر العراقية، وفي المشهد العراقي. لكن عندما تكون الأبيات والهوسة ترحيباً ومديحاً لأبرز وجوه الفساد في العراق، ومن دون اعتراض أحد، فان معنى ذلك أن الكارثة الأخلاقية قد حلت بالمجتمع. (أبو مازن) أحد رموز الطائفية، وصانع الصفقات التي تمتص دم العراقيين، وقد وزع أعوانه ورجاله الفاسدين على المناصب المهمة في عدة وزارات منها التجارة والصناعة. ومع ذلك يحظى بالترحيب العشائري ويوصف بأعلى صفات الشهامة والنزاهة والوطنية. أبو مازن هو الذي رشح (محمد العاني) لوزارة التجارة، وقد كان مداناً بالسرقة من قبل القضاء عندما كان وكيلاً لوزير الصناعة، فخرج من السجن ليتولى مباشرة منصب وزير في حكومة السيد عادل عبد المهدي صاحب النافذة الالكترونية، وصاحب المجلس الأعلى لمحاربة الفساد. حين يصل السقوط القيمي الى النجف الأشرف، فان الخطر يصبح مرعباً، وتصبح الفاصلة مخيفة بين ثورة النجف عام ١٩١٨ التي قادها الحاج نجم البقال ورجال المدينة، وبين رجال عام ٢٠١٩. في الأولى كانت الكرامة هي التي حركت الرجال وعاشوا عدة أسابيع وسط حصار خانق يقاتلون ببطولة نادرة. في الثانية كان الرجال يرون كرامة المدينة تُسحق بكلمات مهوال وبابتسامة سارق وزارع فتنة طائفية، مات بسبب فساد آلاف الفقراء. في زمن نجم البقال وكاظم صبي وعباس الخليلي كانت الوطنية عقال الرجال. بعد قرن من الزمن، صار الفاسدون تيجان الرؤوس. هذه المدينة هي قلب العراق، وهي قلب العالم الشيعي، ومن الواجب على أبنائها أن يحموا تراثها ورمزيتها وقدسيتها من فاسدين يدنسون ترابها حين يدخلون اليها.. هذه النجف الأشرف وليست أي مدينة أخرى.