السيمر / السبت 19 . 01 . 2019
محمد ضياء عيسى العقابي
عندما بنيتَ، يا دكتور حيدر، مسيرتَك كرجل السياسة الأول في العراق، على باطل فكان لزاماً عليك أن تتوقع أن يعصف الباطلُ بوجهك من جهات عدة لأن الباطل يبعث الباطل ويستجلبه. إيران لم تُسقطك بل هو الشعب العراقي الذي أسقطك. والسبب هو أنت نفسك لا غير فلا تلم غير نفسك ولا تخترع الأعذار وتلومنّ الآخرين. مارستَ في بداية إنطلاقتك ما مارسه، قبلك ومايزالون، أتباع مقتدى وعمار آملَين تحقيق حلمهما بحكم العراق بواسطة العوائل “المرموقة” بدعم أمريكي – سعودي (آل الصدر وآل الحكيم وآل النجيفي وآل برزان وآل علاوي وغيرهم)، أقول مارستَ إستجداء دعمِ الطغمويين(1) والإنفصاليين وأيَّ دعمٍ وهؤلاء واجهة للإمبرياليين وعملائهم في المنطقة!!! – نعم إستجديتَ دعمهم الخائب لشخصك مقابلَ شتمِ الذات الجمعية ممثَلة بالمسؤول الأول الذي سبقكَ في المنصب وإئتلافه الذي أعاد السيادة والإستقلال، وأخرج العراق من الفصل السابع، وأفشل المشروع الأمريكي بتقسيم العراق، ورفض أن تنطلق من العراق أعمالاً عدائية ضد أية دولة لا تؤذينا وتحديداً هي إيران المستهدَفة لموقفها المشرِّف من القضية الفلسطينية ومن الدولتين السورية والعراقية حيال الإرهاب، ورفضَ الإنخراط في التآمر على سوريا العروبة، ورفض التخلي عن قضية الشرق الأوسط الأولى وهي القضية الفلسطينية. النتيجةُ، أنك لم تحصل على التأييد الصادق بل حصلتَ على تأييد تكتيكي من جانب أمريكا والسعودية وإسرائيل و “حلفائهم” الطغمويين وكلُهم دفعوك إلى مزيد من الطلبات لتُلبّيها لهم بمزيد من شتم الذات الجمعي فتزداد بعثرة القوى الداعمة للديمقراطية وخاصة أطراف التحالف الوطني، بينما الإمبرياليون وعملاؤهم في الداخل والمنطقة، وهم أقوى قوى الأرض عسكرياً ومالياً وإعلامياً، يتوغلون في العمق العراقي منذ قيام الديمقراطية ورفض العراقِ الإنصياعَ للإحتلال مستهينين بكم جميعاً فإنهالوا عليكم إرهاباً وتخريباً من داخل العملية السياسية وأنتم تتناحرون فيما بينكم فألّبوا عليكم الشعبَ بعد شلِّ أيديكم في كل الميادين لحرمان الشعب من خيرات الديمقراطية في توفير الأمن وتوفير الخدمات وإعادة الإعمار والبناء، بل إن بعضكم ساهم في التخريب حين عارض قانون البنى التحتية الذي حاولتم إحياءه فيما بعد لصالحكم ففشلتم لأنكم متناحرون جهلة ومستهترون بحقوق الشعب. الشكرُ للشعب الذي لولا وعيُه بماهية الإمبريالية وفاشية الوهابية وبماضي وحاضر الطغمويين العميل الأسود الإجرامي الكالح، ولولا وعيُ الشعب بنواياهم الشريرة التي تنطق جهاراً ليلَ نهارَ بالإبادة الجماعية لو ظفروا بالشعب يوماً واحداً لا غير – أقول لولا كل هذا لثار عليكم الشعب ثورة عارمة لا تبقي ولا تذر. فالشكر، إذاً، ليس لكم بل للطغمويين ومشغِّليهم ووعي الشعب. وقد زدتَ، يا عبادي، الطين ألف بلة. بناءً على ذلك فَهَمَ الخارجيُّ خفةَ وزنك، يا عبادي، ونوع معدنك وتصرّفَ بناءً على ما تمليه عليه مصالحُه اللامشروعة لتمريرها على ظهر شخص ضعيف مهزوز يطلب الدعم مقابل شتم نفسه وأهله وخداعهم دونما مبرر وهذا أول الشوط. كانت أولُ صفعة تلقاها العراق على يدك ومسَّت سيادته وإستقلاله، توغُّلَ الجيشِ التركي حتى وصل بعشيقة ولم تستطع فعل شيء بل إن وزير دفاعك خالد العبيدي أبلغك بمعلومات كاذبة عن حقيقة التواجد التركي ولم تستطع فعل شيء له لأنه مدعوم أمريكياً وقد أنَخْتَ لهم سلفاً. للعلم فإن السيد خالد العبيدي تربطه صلة النسب مع آل النجيفي (من العوائل “المرموقة” حسب مفهوم ومشروع مقتدى وعمار) الذين صوتوا للإنضمام الى تركيا في الإستفتاء الذي أجرته عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى عند تأسيس الدولة العراقية الحديثة. مازال أسامة وأثيل النجيفيان عاشقين للسياسة التركية ضد العراق حتى أن أثيل مطلوب للعدالة بتهمة الخيانة العظمى بسبب ما يقال عن تآمره مع داعش لإحتلال الموصل وتعاونه على إدخال القوات التركية الى العمق العراقي. فهمَ الأمريكيون ضعفَك الناجمَ عن بلوغك منصبَك بالتآمر، يا عبادي، فلم يحركوا ساكناً حيال الاحتلال التركي ذاك الذي يستبطن سلخ الموصل وكركوك والسليمانية وكركوك من العراق وسلخ حلب وإدلب وغيرهما من مدن شمال سوريا وضمها الى تركيا حسب وصية كمال أتاتورك عام 1920، بدعوى إنتهاء مفعول معاهدتي (سايكس-بيكو) و (سيفر) الآن وحسب المقال الذي كتبه الرئيس أردوغان في صحيفة النيويورك تايمز مؤخراً حيث أكّد الإلتزام بالقرار الصادر عن المجلس الملّي عام 1920 الذي أيّدَ ما ذهب اليه كمال أتاتورك سالف الذكر. لم يحرك الأمريكيون ساكناً حسبما تقتضيه معاهدة الإطار الإستراتيجي المعقودة بين الطرفين أو بموجب الإتفاقية المبرمة مع التحالف الدولي، بل إكتفوا بالقول “إن التحرك التركي ليس جزءاً من نشاط التحالف الدولي”. إنهم حتى لم يطالبوا لفظاً القوات التركية بالخروج من بعشيقة. الدنيا تلتقط الحركات والسكنات للمسؤولين لتبني عليها تكهناتها وتحركاتها في المال والسياسة وغيرها. فقد قيل إذا مرض أو حتى عطس رئيسُ البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي تهتز أسواق المال العالمية. فكيف بنا ورئيس وزراء العراق ينط ويهبط على الحبال؟!! ذلك العراق الذي لا يحتملُ العبثَ والأطماعَ الشخصية فقد أراده المحافظون الجدد الإمبرياليون في أمريكا أن يكون رأسَ حربتهم في بناء “شرق أوسط جديد” وضرب سوريا وإيران وتفتيت الدول العربية والإسلامية وتنفيذ “صفقة القرن” وتصفية القضية الفلسطينية وتسليم المنطقة بيد إسرائيل بقفاز سعودي مرحلي (ريثما يحين موعد تمزيق السعودية الوهابية أيضاً) لتُتمَّ أمريكا عندئذ ما باشرته الآن بنقل معظم جهدها الى بحر الصين الجنوبي (حيث الثروات الهائلة والتجارة العالمية الكبيرة) والفضاء الأوراسي لإقتحام روسيا والصين إرهابياً عبر ضخ المتدربين منهم في سوريا والعراق وأفغانستان لتخريبهما وتخريب منظومة (بريكس) والإنفراد في قيادة العالم لتصريف أزمات الرأسمالية العالمية المريضة المتوحشة، دون رادع، في الدول التي أفقروها، سلفاً، بسياساتهم الإمبريالية الجشعة ونهبها المباشر. فلنتصوَّر، إذاً، كم سهلَت مهمةُ الإمبرياليين في قراءة العبادي وهو عارٍ أمامهم وقد مزّقَ ثيابَه وهو يلعب على الحبال والعراق والمنطقة تمر بأخطر أحوالها!! كيف سيتعامل، إذاً، هؤلاء مع العراق ورئيس وزراءه ينفخ بالبوق شاتماً أهله وممجداً قاتليه؟!! فلنتأمل!!! (يتبع). ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1): للإطلاع على “الطغموية والطغمويون والإنفصاليون وجذور المسألة العراقية” برجاء مراجعة هامش المقال المنشور على الروابط التالية:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=585117
http://saymar.org/2018/01/44729.html http://www.akhbaar.org/home/2018/1/239116.html