السيمر / الاحد 24 . 02 . 2019
هادي جلو مرعي
نعم لايكفي.فأنت تحزن لفقد حبيب، أو إبتعاده وإغترابه، فتعتريك المخاوف من فقده الى الأبد، ويحاصرك خوف أن لايعود أبدا، وقد بصاحبك الحزن الى الأبد، وهناك من يرى: إن الحزن في حقيقته ليس مرتبطا بفقد الحبيب، أو بموت عزيز، أو قريب، والمعنى العميق للحزن متصل بنوع الفهم لدى كل واحد منا، فأنا أفهمه بوصفه معرفة ووعي كامل بالدنيا ومآلاتها، وماسننتهي إليه كبشر، وهناك من يصرح بلاجدوى الحزن، ولذلك يفضل الترويج لفكرة اللذة، والتمكن من الأشياء والإستمتاع بها حتى مع إنقطاعها، وفنائنا الأبدي المرتقب عند كل واحد منا، نساءا ورجالا، فيقولون، تفاءلوا، ولاتحزنوا، وكونوا قريبين من السعادة بمستوى يعمق إيمانكم، وفي الواقع فإن الإيمان هو الباعث على السعادة، وهو المصنع الذي ينتجها فكل فراغ يؤدي الى فساد في النفس، وهناك إمتلاء بفساد يؤدي الى إبتعاد الأشياء الصالحة عن داخل الإنسان وخاصة إذا إشتغل بها وزاول حياته. فهمنا للحياة يبعث فينا الحزن، فالحزن هو النهاية، وليس الفرح، وأرى الفرح عابرا، ولامكوث له في ثنايانا، ولافي بيوتنا، ولا لدى الذين نحب ونلتصق بهم ونعيش معهم ونتواصل. والشعور بالنهاية محزن، والخوف من الرحيل محزن، وفقدان الأحبة محزن، والنظر في النهايات القاسية محزن، فراق صديق محزن، ووداع حبيب محزن، وموت صديق، أو قريب، أو حبيب، أو عزيز محزن، وهذا الحزن هو نتاج الطبيعة التي تحيط بالبشر، أو التي يكون الناس جزءا منها، أو ذرات صغيرة في كينونتها لأنها باعثة للحزن ومنتجة له. وفي الكون اللامتناه يرى علماء إن جميع الحوادث التي عشناها، والناس الذين عاشوا معنا، والذين سبقونا بمائة عام، أو بألف، أو بمليون عام، والذين سيأتون من بعدنا لايكون لهم من وجود في وقت ما، فالذين زالوا، والذين مازالوا، والذين سيداهمهم الزوال كلهم ضائعون في مجرة مظلمة بعيدة مترامية لايدرك لها وجود حقيقي، ولاحدود ولامقاييس وفقا لأوهامنا وتفاهاتنا وصغرنا، وكلها مجهولة لأنها في عهدة القوة اللامتناهية العظيمة المتجبرة. نحزن لأننا لانمتلك غير ذلك وسيلة للتعبير عن خساراتنا. ونبكي لأنه ليس كالدمع وسيلة لغسل الجروح وتعقيمها. إنها النهايات التي كلنا ضحاياها.