الرئيسية / مقالات / المتدين السياسي !

المتدين السياسي !

السيمر / الاحد 10 . 03 . 2019

عمار جبار الكعبي

يعتبر مصطلح المتدين السياسي من اكثر المصطلحات جدلاً، اذ لا يرتبط بظاهرة انية، بقدر ارتباطه بجدلية الدين والسياسة الأزلية، لكنه يعتبر تطور كبيراً ومهماً في هذه الجدلية، اذ بات يعاب تدين السياسي حتى وان كان في جانبه الروحي غير الظاهر للعيان، فبات المتدين ملاحقاً حتى في خصوصياته بتهمة الرجعية وعدم مواكبة العصر، دون الإشارة الى ماهية الربط بين التدين والتطور والرجعية ! الحديث عن المتدين السياسي في العراق بعد ٢٠٠٣، عبارة عن تهريج وتسطيح وتلفيق، كونه يكتفي بانتقادات سطحية لا تناقش النظريات، وتتعامل مع التيارات والأحزاب التي تملك بعداً دينية ككل شامل، دون ان تراعي الفروقات الواضحة والكبيرة بين نظرياتها، وهو الخطأ نفسه الذي كان يقع فيه بعض المتدينين حينما يتعاملون مع الماركسية والليبرالية ككل واحد يعبر عنه بالعلمانية ! محاولة تسقيط جميع الاحزاب والحركات ذات البعد الديني، يعتبر خطأ فادح، لان الخاسر في هذه المعركة التسقيطية هو المعتدل، اما الجهات المسلحة فستبقى لانها تستند على القوة والعنف والبطش وتجاوز القانون، وبالتالي سيتم افراغ الساحة من المعتدلين لصالح المتطرفين ! الحركات والتيارات والأحزاب ذات البعد الديني في العراق، بغض النظر عن بعض الملاحظات التي ترد على سلوكها كأداء سياسي، فانها تعتبر من انضج وأكثر الاحزاب تطوراً في العالم الاسلامي، كونها تتميز بالتسامح وعدم التشدد، اضافة الى الخطاب الوطني العابر للطائفية والدينية والعنصرية، وكذلك قبولها للآخر المختلف، واعتمادها للآليات الديمقراطية، وعدم التضييق على الحريات او الحقوق لاي أقلية، بل انها كانت المدافع الاول عن حقوق الأقليات الاثنية في العراق . ان محاولة إسقاط كل ما يجري في العراق سياسياً وثقافياً واجتماعياً، وايصال المجتمع الى قناعة ان لا بديل الا إسقاط كل ما هو موجود دون إعطاء البديل، او على الأقل تحديد ملامح هذا البديل، فهو يعني ان على المجتمع ان يتقبل دكتاتوراً متسلطاً، يعتاش على دماء المجتمع وحرماته وحقوقه وحرياته، بشرط ان يخلصهم من المتدينين، كحال الشاب الألماني النازي حينما سؤل عن سبب تمسكه بهتلر، حيث كان جوابه ( لانه يخلصنا من عبء الحرية ) !.

اترك تعليقاً