السيمر / فيينا / الجمعة 14 . 06 . 2019
كفاح الزهاوي
كانت الشمس الصباح الساطعة بدفئها الخجول ترسل أسارير ضياءها عبر كوة النافذة العتيقة الى داخل الغرفة الباردة. وخرير الماء المتدفق من بين اخاديد الصخور الازلية تتسلل عبر الاثير الى الاذن كصوت تصدع الجبل. بينما هزيز الريح يرن كطنين الذباب في مسامعه مما أعاقه من الاستمرار في حلمه الفريد.
استفاق من نومه ممتعضا .اصابته مشاعر الطفل البريء, لم يكتف بالقدر الكافي في نومه ,علاوة على فقدانه لحظات المرح وهو يستغرقها في نشوة الحلم ..عاصفة من الأفكار تجول في ذاكرته على حين غرة وهو يبذل جهده ليعيد الى الذهن لحظاته الجميلة وهو يخوضها في أجواء الحلم تحت وهج الشمس وصخب الموسيقى مع ضجة الراقصات بحركاتهم الساحرة و قهقهاتهم المتفجرة وسط جمهرة واسعة في مركز المدينة.
– اين انا .. يتساءل باندهاش
الجبال, الوديان, والأنهار ,الزهور المتناثرة بألوانها الصاخبة وبزوغ الفجر تجسد معنى الوجود. حركات متداخلة وسط ضوضاء وضجيج المكائن في مكان ما هناك حيث بقايا الزمن من الارث القديم.
دقت ساعة منتصف الليل حيث النجوم تتلألأ فى فضائه الرحب وترى ملك الليل في بلوغه الكامل..يتغنى العاشقون بهالته والآخرون يرون محبيهم في أحضانه صور. وفي الضفة الاخرى من العالم حيث الحقول الواسعة و استنبات أشجار الصنوبر تضرب عمق الأرض بجذورها الصلبة لتكون موطن للعصافير والطيور المهاجرة وتجمعا للهاربين من مطاردة الصيادين لهم وهم يكشرون عن انيابهم الحادة ويهاجمون فرائسهم عندما الجوع يقتحم أحشائهم .
– أي عالم غامض نعيش في احضانه .قالها بصوت متهدج
وفي وقت الغسق كان قرص الشمس يهبط كالعادة باتجاه البحر وكانه يفكر في الغرق ليحول المساحة المتاخمة حوله الى بركة حمراء.وفريق متجانس من طيور النوارس بحركاتهم التحليقية في تلك الفسحة الواسعة تمتزج الوانهم البيضاء مع أسارير الشمس الحمراء لترسم لوحة سريالية ذات لون خيالي. وفي المناطق الكثيفة بالاشجار رغم كساء الضباب الا ان النوافذ الصغيرة من البيوت القديمة تشع بانوارها الزاهية ودوي الموسيقى في الغرف فتبعث في النفس رسالة الحياة.و ترأى الى حلمه تلك الغابات البعيدة و المكتظة بأنواع الحيوانات البرية فتشكل لوحة حقيقية عن الحياة بطريقة أخرى و بنظام آخر. انها الصراع بين القوي والضعيف من أجل البقاء. وفجأة انتابه هاجس مخيف حيث تخلل رعشة الخوف إلى سراديب الأوعية المنتشرة على الجلد. فشعر بقشعريرة ملتهبة وكأن وابل من الأمطار قد نزلت بقوة كي تجرف ما تقابلها في طريقها ,ورياحها الرعدية اطلقت عنانها دون سابق إنذار فحطمت زجاج الاحلام في يوم جميل الى ركام من الخيبات.انه عالم يتضاءل فيه لهيب القيم ويطغى عليه غطاء من السواد حتى بدا للناظر أن الليل قد أرخى سدوله وطوى صفحة الحياة.
– نعم الأيام القادمة هي الأسوأ.. قالها بصمت