الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / السبسي.. رحيل محامي “كل العصور”

السبسي.. رحيل محامي “كل العصور”

السيمر / فيينا / الخميس 25 . 07 . 2019

ذلك الطالب، الباجي قايد السبسي، الذي كان يجري دراسات عليا في القانون بالعاصمة الفرنسية، باريس، لم يكن يتخيل يوما أنه سيكون أحد الشخصيات المفصلية في تاريخ تونس، بل ويتركها في وقت حرج يشهد صراع سياسي وقانوني شديد.

أعلنت الرئاسة التونسية، اليوم الخميس، 25 يوليو/تموز، وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي، داخل المستشفى العسكري في العاصمة تونس، عن عمر يناهز الـ93 عاما.

الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي
ونعت صفحة رئاسة الجمهورية التونسية، على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك الرئيس محمد الباجي قايد السبسي، الذي وافته المنية في الساعة العاشرة من صباح اليوم، مؤكدة أنه سيتم الإعلان عن مراسم الدفن لاحقا.

صديق الملهم

يبدو أن الأقدار لعبت دورا كبيرا في حياة السبسي، الذي ولد 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1926، فهو الرجل الذي شهد ولادة تونس مرتين، الأولى بعد استقلالها، والثانية بعد ثورة الياسمين التي أطاحت بحكم زين العابدين بن علي.

ولكنه لم يكن يدرك أن تلك الأقدار، هي التي ستجعل هذا المحامي الشاب عام 1949، سيكون له دور كبير في الحياة السياسية التونسية.

وساقت الأقدار السبسي خلال تحوله إلى الدراسات العليا في باريس إلى لقاء الحبيب بورقيبة الابن، والذي سرعان ما تحولت العلاقة بينهما إلى “صداقة”.

وبالتالي تحولت علاقة الصداقة تلك من الحبيب بورقيبة الابن إلى الحبيب بورقيبة الأب، حتى قرر السبسي العودة إلى تونس في عام 1952، والذي شهد خلالها ولادة الجمهورية التونسية الأولى عام 1956.

وبالفعل بمجرد صعود الحبيب بورقيبة إلى رئاسة تونس، استعان به ليختار السبسي مستشارا له، ثم يعينه وزيرا للداخلية ووزيرا للدفاع ووزيرا للخارجية ورئيسا للوزراء ورئيسا لمجلس النواب.

محامي كل العصور

مع رحيل بورقيبة، واعتلاء زين العابدين بن علي، لم يتخلى الرئيس التونسي الجديد عن رفيق ومستشار بورقيبة، واستعان به في مناصب عديدة.

وشهد السبسي بالتالي، كافة أحداث ثورة الياسمين في تونس، وخلع زين العابدين بن علي، ولكن مع إنزواء بن علي، لم ينزوي السبسي على الإطلاق، بل استمر في نجمه في الصعود، حتى أصبح في ديسمبر/كانون الأول 2014 رئيسا لتونس، بعدما أطاح بالمعارض البارز، منصف المرزوقي.

رغم أن السبسي ينظر إليه بأنه رجل ذو أجندة سياسية واضحة، إلا أن التناقضات بنت جزء رئيسي من شخصيته.

فرغم أنه من أصول إيطالية ترجع إلى جزيرة سردينيا، إلا أنه كان محاربا شرسا للاحتلال.

الرحيل الحرج

رغم أن السبسي رحل وعمره يناهز الـ93 عاما، إلا أنه رحل في وقت حرج تشهده الساحة السياسية التونسية، عقب رفض الرئيس التونسي الراحل التوقيع على تعديلات قانون الانتخابات.

وكانت وكالة الأنباء التونسية الرسمية، قد نقلت عن عضو الهيئة العليا للانتخابات أنيس الجربوعي: “رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، أمضى على الأمر المتعلق بدعوة الناخبين للانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019”.

وتعيش تونس على وقع سجال كبير مرتبط بتنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية التي ستجري في شهري أكتوبر ونوفمبر المقبلين، وهي الانتخابات الثانية منذ إصدار دستور الجمهورية الثانية في عام 2014 والثالثة منذ الثورة التونسية.

وتشهد الساحة السياسية التونسية تحركات مكثفة لتشكيل تحالفات تمهيدا للانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، تليها انتخابات رئاسية في 17 نوفمبر/تشرين الثاني.

كما أن كل ذلك الحراك يأتي وسط خلافات، أحد لتأخر انتخاب المحكمة الدستورية، التي تركت البلاد في حالة “فراغ قانوني” بعد رحيل السبسي.

وتعد المحكمة الدستورية هي الهيكل الوحيد المخوّل له تحديد من سيخلف رئيس الجمهورية في حال الشغور الجزئي أو الكلي لمنصبه، باعتبارها الهيئة القضائية المستقلة الضامنة لعلوية الدستور والحامية للنظام الجمهوري الديمقراطي وللحقوق والحريات.

المصدر / سبوتنيك

اترك تعليقاً