السيمر / فيينا / الاربعاء 21 . 08 . 2019
نشر موقع “ناس” بداية العام الجاري، تقريراً يتضمن تفاصيل تحذير أميركي تلقاه العراق، بشأن نوايا إسرائيلية، لمهاجمة أهداف على أرضه، تابعة لفصائل مسلحة تقاتل في سوريا.
وذكر التقرير الذي نشر في (16 كانون الثاني 2019) أن “وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أبلغ، لدى زيارته العراق، رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، بأن إسرائيل قد تقصف في أي وقت، أهدافا داخل الأراضي العراقية، ترتبط بفصائل مسلحة تقاتل في سوريا”.
لم تعلق السلطات العراقية حينها على هذه المعلومات، لكن إسرائيل تحدثت عن وجود صاروخي إيراني متنام في العراق، وادعت مراكزها الأمنية للدراسات نقل طهران أسلحة متطورة إلى معسكرات تابعة لفصائل الحشد الشعبي، تضمنت مجموعات صواريخ قيل إنها من طراز Fateh-110 Zolfaqar و Zelzal – التي يتراوح مداها بين 200 و700 كيلومتر.
عبدالمهدي والحشد “الرسمي”.. والفصائل
وتُظهر الحكومة العراقية برئاسة عادل عبدالمهدي، ميلاً إلى التعامل برويّة مع ملف تفجير مخازن الحشد الشعبي، فيما تُظهر أطراف في الحشد حماساً متزايداً تجاه اتهام تل أبيب بالهجمات، وتصعيد الموقف، لكن هيئة الحشد تُظهر التزاماً مستمراً بالرواية الرسمية، بعيداً عن التصريحات المنفردة.
وردّ عبدالمهدي على تقارير صحفية حمّلت إسرائيل مسؤولية الهجوم على مقر الحشد الشعبي في امرلي (19 تموز 2019) بالقول إنها “ليست تقارير دقيقة، وان تلك الحادثة بسيطة ولا يوجد فيها ضحايا”.
وهي الرواية التي تبنتها هيئة الحشد الشعبي رسمياً، ليأتي بيانها متسقاً في إطار نفي تورط واشنطن أو تل أبيب، أو أي طرف خارجي، حيث توصلت تحقيقات الهيئة إلى أن “الانفجار لم يكن استهدافا عسكريا نتيجة طائرة مسيرة او صاروخاً موجهاً إنما كان مجرد حريق لوقود صلب نتيجة خلل داخلي”.
لكن تلميح اطراف في الفصائل لم يتوقف إلى علاقة تل أبيب وواشنطن بالحوادث المشابهة، كما في حادثة بلد، التي لم تمض دقائق على وقوعها حتى خرج النائب عن حركة عصائب اهل الحق محمد البلداوي، متحدثاً عن هجوم بطائرة مجهولة، قال إنه يأتي “ضمن سياق الاستهدافات المتكررة السابقة”.
وفي الأسبوع الماضي، حظر رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الطلعات الجوية غير المصرح بها وأمر بنقل جميع القواعد العسكرية ومستودعات الذخيرة بعيدا عن المدن ردا على الضربات المزعومة، فيما بدا أنها محاولة من عبدالمهدي للتوفيق بين أطراف الصراع، حيث استقبلت قيادات في الفصائل على رأسهم زعيم كتائب سيد الشهداء “أبو ولاء الولائي” قرار عبدالمهدي بالإشادة والارتياح.
بيان بتوقيع “ابو مهدي المهندس”
لكن بيان نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، ابو مهدي المهندس، أثار مزيداً من التساؤلات، حيث حمل البيان الذي كُتب بلهجة شديدة ضد واشنطن، توقيع المهندس نفسه، في إشارة إلى أنه ليس بياناً صادراً من هيئة الحشد الشعبي رسمياً، ما دعا رئيس الوزراء إلى اجتماع طارئ مع قيادات الحشد الشعبي لفهم ما يجري.
“الفصائل المستهدفة”
وبعد سلسلة هجمات عدائية تعرضت لها مواقع عسكرية عراقية، أُشيع أنها تابعة لـ ” “كتائب حزب الله، منظمة بدر، كتائب الإمام علي، كتائب سيد الشهداء”، نشرت مراكز التقييم الأمني الاسرائيلية تفاصيل وخرائط ما قالت إنه “مواقع وتفاصيل الأسلحة، التي دمرت، ومعلومات إضافية عن مواصفات مستودعات الأسلحة”.
وسبق لإسرائيل أن هاجمت قواعد قيل إنها إيرانية في سوريا المجاورة، في مناسبات عديدة، وكانت هناك تكهنات بأنها قد توسع حملتها عبر هجمات مماثلة في العراق. ومع ذلك، لم تعالج الحكومة العراقية ولا إسرائيل التقارير.
اهتمام بالغ في المراكز البحثية الاسرائيلية
وعندما تم استهداف معسكر الصقر، الاسبوع قبل الماضي، ذكر تقييم صادر عن ImageSat International (ISI) تفاصيل المستودع، “الذي تبلغ مساحته 140 × 180 مترًا”، مع نشر خرائط وصور جوية ملتقطة بدقة، في وقت ان الكثير من القيادات الامنية والعسكرية العراقية كانت تجهل وجود هذا المستودع ولا تعرف سعة خزينته الصاروخية، فيما قالت تقارير أمنية اسرائيلية أن “50 صاروخًا على الأقل قد تم تدميرها في هذه الغارة”.
ونشر موقع دعم قوات الدفاع الخاصة لأغراض الأمن القومي والاستخبارات الاسرائيلي، خرائطلمعسكر الصقر وعلق عليها “تم تدمير المبنى الرئيسي، مع وجود علامات أضرار جانبية كبيرة وأن الضرر الملحوظ في هذه الصورة، من المحتمل أن يكون الانفجار قد نجم عن غارة جوية أعقبتها انفجارات ثانوية للمتفجرات المخزنة في المكان”.
إنكار عراقي رغم قتلى الحرس الثوري
في الشهر الماضي، هز انفجار قاعدة عسكرية أخرى في أمرلي، تديرها قوات تركمانية، بالقرب من كركوك، ما أسفر عن مقتل احد عناصر الحرس الثوري، وفقا لوسائل أعلام إيرانية.
وفيما أعلن الحشد الشعبي حينها عن إصابة منتسبين اثنين، في القصف، أشارت صحيفة “إندبندنت” إلى أن “الهجوم أسفر عن مقتل العشرات من مقاتلي الحشد الشعبي والحرس الثوري وحزب الله، وخلف دمار الموقع بأكمله”، لافتة الى أنه “تم استخدام صواريخ متطورة وموجهة في القصف، كتلك التي تستخدمها إسرائيل في سوريا، حيث تبلغ زنة الصاروخ نحو طن”.
الاشتباك الاسرائيلي مع العراق ضمن “الأخطر”
وكان الجيش الإسرائيلي، قد وضع “الاشتباك مع أطراف عراقية”، ضمن قائمة أخطر 10 تحديات تواجهه في المرحلة المقبلة، وفقا لدراسة صادرة عن معهد بحثي تابع لجامعة تل أبيب.
وسبق وضع الاشتباك الاسرائيلي وتلاه، مجموعة انفجارت هزت 4 معسكرات تابعة لفصائل مسلحة عراقية ترتبط غالبيتها بالحشد الشعبي، غير الحوادث الاخيرة التي اخفيت تفاصيلها، وكان ابرزها حدوث تفجيرات مدوية في معسكر أشرف، في محافظة ديالى، وهو المقر الرئيسي للقوات التابعة لمنظمة بدر في 28 تموز الماضي.
وقالت السلطات المحلية في محافظة ديالى، ان القصف استهدف موقعين داخل المعسكر؛ أحدهما مخزن للصواريخ والآخر تجمع لعدد كبير من عناصر الحشد.
وتُستبعد الأسباب العرضية من هذه الحوادث، لانها أتت تباعاً على معسكرات تابعة فقط لفصائل مسلحة عراقية تتبع قوات الحشد الشعبي.
قصف العراق.. ورقة انتخابية اسرائيلية!
في الوقت الذي تتردد فيه معلومات وتقديرات بأن طائرات مسيرة إسرائيلية هي التي هاجمت معسكرات ومستودعات سلاح الحشد الشعبي في العراق، نشر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في تموز الماضي، شريطاً مصورا ضمن حملته الانتخابية يلمح فيه إلى دور إسرائيلي في الهجمات على المعسكرات العراقية.
وقال الصحفي الإسرائيلي تسيفي يحزكيلي إن “الهجوم الإسرائيلي على العراق يعدّ قفزة كبيرة في سلم المواجهة التي تخوضها إسرائيل في المنطقة”.
وأوضح يحزكيلي، الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية، أن “إسرائيل فشلت في محاولة طرد إيران من سوريا، لأنها استيقظت متأخرة وإنها مضطرة لتوسيع رقعة هجماتها وصولاً إلى العراق والجولان ولبنان وسوريا، صحيح أن الصورة ليست جميلة إلى حد بعيد، لكن هذا الوضع في الشرق الأوسط”.
المصدر / ناس