أخبار عاجلة
الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / العراق: رفض 5 مرشحين لاستبدال عبد المهدي

العراق: رفض 5 مرشحين لاستبدال عبد المهدي

السيمر / فيينا / الجمعة 08 . 11 . 2019 — يُجمع مسؤولون وبرلمانيون عراقيون على أن من بين أبرز أسباب الانغلاق السياسي الحالي في البلاد، وتعثر مفاوضات إقالة أو استقالة الحكومة الحالية، كإجراء يُطرح حالياً لتخفيف نقمة الشارع العراقي المتظاهر منذ أسابيع، هو عجز القوى السياسية الرئيسة في البلاد عن تقديم شخصيات مناسبة أو مقنعة لمنصب رئاسة الوزراء، وهو ما دفع مراقبين إلى اعتباره نجاحاً مبكراً للتظاهرات، لأن القوى السياسية العراقية المختلفة صارت تسعى لتقديم وجوه جديدة للشارع غير تلك التي عرفها العراقيون بعد الغزو الأميركي للبلاد (2003). ومع ترقب لجلسة جديدة للبرلمان، أعلن عنها أمس الأول الخميس، من المقرر أن تعقد عند الساعة الواحدة من ظهر اليوم السبت، لمناقشة “مطالب المتظاهرين والإصلاحات”، على وقع استعداد المتظاهرين لتنظيم فعاليات جديدة في ساحة التحرير، وسط بغداد، وعدد من ميادين الجنوب.

وأفاد ناشط في كربلاء بأنه ستتم إقامة محاكاة لمحاكمة مفترضة لعشرات المسؤولين والسياسيين في البلاد بتهمة “إضعاف الشعب وإفقاره”. وأضاف أن السياسيين متهمون وفقاً للمادة 4 بالطائفية والمادة 56 بالنصب والاحتيال بموجب قانون العقوبات العراقي. وتأتي الفعالية بعد يومين من التحضيرات، على الرغم من تصاعد وتيرة القمع الحكومي للتظاهرات وارتفاع عدد الضحايا إلى أكثر من 300 ضحية ونحو 13 ألف جريح، منذ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي ولغاية أمس الجمعة.

في السياق، يقول مسؤول عراقي لـ”العربي الجديد”، إنه تمّ طرح أكثر من 5 أسماء منذ الأيام الأولى لانطلاق التظاهرات، تضم شخصيات تقيم بالخارج لتولي إدارة البلاد، لكنها لم تحصل على موافقة الكتل الرئيسة، مثل “سائرون”، و”الفتح”، بحجة أنها لن تكون مقنعة للشارع، أو لوجود تحفظات حزبية وشخصية على بعضها لاعتبارات تتعلق بإيران وتحفظاتها. ويشير إلى أن الإيرانيين لا يريدون لمنصب رئيس الوزراء أن يخرج بعيداً عن إطار الأحزاب الإسلامية الرئيسة القريبة منها، وهي حزب الدعوة والمجلس الأعلى ومنظمة بدر والتيار الصدري، والتكتلات السياسية الأخرى مثل صادقون والفضيلة.

ويؤكّد المسؤول أنه حتى الآن لا يوجد أي بديل لرئيس الحكومة عادل عبد المهدي، وأي حديث خلاف ذلك غير صحيح، وهناك كتل قد تتراجع عن مواقفها بالأيام المقبلة، أبرزها تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، وسيتم طرح منح الحكومة مهلة زمنية لتنفيذ حزم الإصلاح والوعود للمتظاهرين، وقد تكون لستة أشهر أو حتى منتصف العام المقبل 2020. ويعتبر أن هذا الخيار هو المتاح بيد القوى السياسية، ومن المؤكد أنه لن يكون مقبولاً، لذا قد يكون هناك تصعيد في إجراءات مواجهة التظاهرات. ويرى أن اختيار عبد المهدي للمهمة عام 2018 كان كورقة أخيرة ولو وجد أفضل منه لتم تقديمه.

في المقابل، فإن خطبة المرجع الديني في النجف علي السيستاني، على الرغم مما تضمنته من إشادة بالتظاهرات وما عكسته من روح تعاون وأصالة العراقيين وتأييدها لمطالب المتظاهرين، إلا أنها في الوقت ذاته تحدثت للمرة الأولى عن خارطة طريق ومدد زمنية. وهو ما فُسّر على أنه قد يكون تأييداً لمنح حكومة عبد المهدي مهلة زمنية لتنفيذ الإصلاحات، لكن آخرين اعتبروا الإشارة إلى خارطة طريق والمدد الزمنية إشارة عامة لمجمل قوى العملية السياسية ولا تتعلق بالحكومة لوحدها.

وطالب السيستاني في خطبة أمس، الجمعة، التي ألقاها ممثله عبد المهدي الكربلائي، السلطات “بعدم الزج بالقوات القتالية بأي من عناوينها ضد المتظاهرين، وعدم السماح بانزلاق البلد إلى مهاوي الاقتتال الداخلي”. وقال إن “المرجعية الدينية تجدد التأكيد على موقفها المعروف من إدانة التعرض للمتظاهرين السلميين وكل أنواع العنف غير المبرر، وضرورة محاسبة القائمين بذلك”. وقال ممثل عن السيستاني في خطبة الجمعة بمدينة كربلاء “المحافظة على سلمية الاحتجاجات بمختلف أشكالها تحظى بأهمية كبيرة، والمسؤولية الكبرى في ذلك تقع على عاتق القوات الأمنية بأن يتجنبوا استخدام العنف ولا سيما العنف المفرط في التعامل مع المحتجين السلميين، لأنه لا مسوغ له ويؤدي إلى عواقب وخيمة”.
وأضاف “نود أن نشير إلى عدة نقاط، من بينها أن أمام القوى السياسية الممسكة بزمام السلطة فرصة فريدة للاستجابة ‏لمطالب المواطنين وفق خارطة طريق يتفق عليها، تنفّذ في مدة زمنية محددة، فتضع حدّاً ‏لحقبة طويلة من الفساد والمحاصصة المقيتة وغياب العدالة الاجتماعية، ولا يجوز مزيد ‏المماطلة والتسويف في هذا المجال، لما فيه من مخاطر كبيرة تحيط بالبلاد”، وفيما اعتبر أن “التظاهر السلمي حق لكل عراقي”، وجّه تحذيراً اعتبر تلميحاً إلى حزب البعث العراقي بالقول إن هناك أطرافاً وجهات داخلية وخارجية كان لها في العقود الماضية دور ‏بارز في ما أصاب العراق من أذى بالغ وما تعرض له العراقيون من قمع وتنكيل. وهي قد ‏تسعى اليوم لاستغلال الحركة الاحتجاجية الحالية لتحقيق بعض أهدافها، لذلك ينبغي للمشاركين ‏في الاحتجاجات وغيرهم أن يكونوا على حذر كبير من استغلال هذه الأطراف والجهات ‏لأيّ ثغرة يمكن من خلالها اختراق جمعهم وتغيير مسار الحركة الإصلاحية”.

من جهته، قال رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي، في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، إن ما يفهم من خطبة المرجع السيستاني أن المرجعية أرادت إعطاء فرصة أخرى لعبد المهدي تحدد بقاءه بالسلطة، مقابل تحقيق مطالب المتظاهرين والابتعاد عن العنف ووفق مدد زمنية محددة. واعتبر أنه لا توجد حلول مقنعة، فالقوى السياسية غير متفقة في موضوع مصير الحكومة والبرلمان، ولا الرئاسات الثلاث متفقة أيضاً. وهذا الأمر يصعّب من إعطاء ضمانات للشارع لتنفيذ الإصلاحات، لافتاً إلى أن الضمانة التي يقبل بها الشارع وفقاً لتوقيتات زمنية هي المرجعية الدينية في النجف والأمم المتحدة، والحكومة إذا استطاعت إقناع هذين الطرفين بأن تكون ضامناً لها، ستكون هناك حلحلة على مستوى الشارع المتظاهر، أما إذا لم تستطع، فالأمور تتجه إلى التصعيد، معتبراً أن تحركات النجف تنطلق من حرصها على دماء العراقيين.

من جهته، أكد عضو المحور الوطني كامل الدليمي، أن “قادة العملية السياسية الحاليين يسعون إلى عدم التفريط بما يمتلكونه من منجزات تحققت لهم في حكومة عبد المهدي، وبالتالي فهم متمسكون برئيس الحكومة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، حفاظاً على ما حققوه لأنفسهم وأحزابهم، كم أنهم لا يفكرون بإيجاد الحلول التي ترضي المحتجين لكنهم يبحثون عن كبش الفداء الذي يحملونه مسؤولية الإخفاقات وقمع المتظاهرين”. وأوضح في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، أن “ثورة الشباب لن تهدأ إلا بمعالجة الخلل في العملية السياسية التي عبثت بأموال العراقيين لمدة 16 عاماً، وخصوصاً أن الثورة هزت عروش قادة الأحزاب والمليشيات، التي لم توفر أجيالاً سياسية رشيدة، لإيمانها بأنها وحدها القادرة على إدارة البلاد”.

ميدانياً، أفاد مصدر طبي في بغداد، لـ”العربي الجديد”، عن سقوط 5 ضحايا في بغداد، أمس. وفي البصرة، ارتفع عدد الضحايا إلى 12 قتيلاً ونحو 200 جريح. وقال شهود عيان وناشطون إن قوات الأمن استخدمت الذخيرة وقنابل الغاز لتفريق المتظاهرين قرب مبنى الحكومة المحلية، حيث شهدت ليلة الخميس مقتل ستة متظاهرين بنيران الأمن. وفي كربلاء وواسط والمثنى وميسان، شهدت المحافظات تظاهرات واسعة في ميادين وساحات عامة، شاركت فيها زعامات عشائرية ودينية مختلفة.

وفي ذي قار، فرضت قوات الأمن حظراً شاملاً للتجوال على مدينة الرفاعي، جنوبي المحافظة، كما أقرت إجراءات جديدة في الناصرية، عاصمة المحافظة المحلية، بعد اتساع رقعة التظاهرات خارج محيط ساحة الحبوبي، وسط المدينة، حيث قطعت عدداً من الطرق الرئيسة وكذلك جسرين على نهر الفرات.

المصدر / العربي الجديد

اترك تعليقاً