السيمر / فيينا / السبت 16 . 11 . 2019
النظام الديمقراطي في كل دول العالم، يمر بمخاض ولادة ليرى نور الإستقامة، وغالبا ماتكون بدايته عرجاء إلى أن يترسخ مفهومه في عقول الناس، حيث أن أمريكا موطن الديمقراطية، أحتاجت ثلاثة وسبعين سنة لتفهم أسس ومعالم التجربة الديمقراطية، فكيف الحال بالبلدان النامية؟!
سبعة عقود خاض فيها العراق كل أنواع النظم السياسية، فقد قارع حكم الإستعمار وانتقل تحت رحمة العثمانيين فالملكية ومع رحيل الملك فيصل الثاني بإنقلاب عسكري، وتولي عبد الكريم قاسم للحكم، وسلسال الدم الذي تبعه للظفر بالسلطة.
للنتقل للحكم الجمهوري الدكتاتوري، بقيادة صدام حسين، الذي سطر لوحة في الطغيان، وجعل العراق أكبر مقبرة للشبان، وآخرها النظام البرلماني الديمقراطي، الذي جاء به الشعب، بالأصابع البنفسجية.
كلنا يدري أن العراق بعد ٢٠٠٣ أصبح ساحة صراع لدول الجوار، فالعم سام والحاج.. جعلوا العراق حلبة لصراعاتهم، لكن هل كان بلدنا قبل ٢٠٠٣، خاليا من أي تدخل خارجي؟
بالطبع لا.. لأن العراق كان عبارة عن ثكنة عسكرية للولايات المتحدة، التي جعلت صدام حسين يمرح بقتل وتعذيب شعبنا، وهي مجرد متفرج لايعنيه الامر..
أحتجاجات تشرين، التي أنتشرت في بغداد ومدن الجنوب، ماهي إلا ظاهرة صحية، تنم عن زيادة الوعي في فهم التجربة الديمقراطية، لكن هناك بعض المطالب التي يجب أن نقف عليها، لنفهم هل هي من داخل عراقنا، أم من خارج حدوده..
الأولى المطالبة بإسقاط النظام.. والمنطق يحدد التجربة التي تحتاج مئة عام لفهمها، نحاول أن نهدمها في غضون ١٦ عام، فبدل أن نرمم بيت الديمقراطية، نحاول أن نهدمه لإثارة الفوضى، وإشاعة الحرب الأهلية!
نعم.. فالسلاح ليس بيد الحكومة، والبلد خرج لتوه من معركة شرسة، ضد الإرهاب بصورة “داعش” وسقوط النظام، معناه إباحة الدماء في كل أركان العراق.
الثانية تغيير النظام البرلماني: الأطر الدستورية للنظام البرلماني واضحة، ولكن بعض القوى السياسية حاولت أن تلتف حولها من أجل مصالحها الشخصية، وما حدث في ٢٠٠٦ خير دليل على الإلتفاف حول القوانين الدستورية، لن نتكلم عن سوء النظام الرئاسي، لأننا قد عاشرناه لمدة ٣٠ عام من المأساة، ناهيك عن رفض السنة والكرد له، أما مايشاع في الإعلام، أن نظام الدوائر الإنتخابية هو الحل.. فهي مجرد خدعة، لإدخالنا في دوامة اللادولة.
نظام الدوائر الإنتخابية، بما معناه أن كل نائب في المجلس التشريعي، سيكون ممثلاً عن قضاء أو حيّ من محافظة، وسيحاول أن يدافع ويحقق مطالب ذلك القضاء، متناسياً أنه يمثل العراق أجمع، وبالتالي ستضيع الوطنية والهوية العراقية، ويصبح العراق عبارة عن ٢٠٠ عراق أو أكثر.. وهذا يتنافى مع الدستور العراقي، الذي ينص على أن النائب يمثل أطياف الوطن أجمع، بالإضافة إلى أن نظام الدوائر الإنتخابية، سوف يعيدنا إلى حقبة الطائفية والمحاصصة المقيته.
ليس الخلل في النظام البرلماني، لكن الفشل في الشخوص التي أختارها الشعب، والحل الأمثل هو أن تجري تعديلات وفق سقوف زمنية، بين قريب وبعيد الأمد، ليرى الشارع العراقي إصلاحات ملحوظة، حينها يمكن أن يتغير وعينا، حول مفهوم النظام البرلماني.