السيمر / فيينا / الاثنين 25 . 11 . 2019
أياد السماوي
ربّما هي المرّة الأولى التي يقبض فيها على نائب متلّبس بالرشوة , فالعادة أن تتمّ مثل هذه المساوامات عن طريق طرف ثالث وليس بشكل مباشر .. بالرغم من أن الغالبية العظمى من النوّاب قد مارسوا الفساد بأشكال متعددة ومنها الابتزاز والرشوة .. وقد يكون جميعهم قد مارس الفساد حتى من دون أن يسرق أو يأخذ رشوة .. فاعتراف النائب السابق مشعان الجبوري بأننا جميعا فاسدون ولصوص ومرتشون قد أعطى صورة واقعية عن عمل مجلس النواب , وأوضح كيف تفتح ملّفات الفساد في مجلس النواب وكيف تسّكر هذه الملّفات .. والنائب محمود ملا طلال ليس أول نائب فاسد مارس الابتزاز والرشوة .. أنا أجزم أنّ معظم النواب ( وليس جميعهم ) الذين فتحوا ملّفات فساد على الوزراء والمسؤولين الكبار في الدولة , لم تكن غايتهم الرقابة على أموال الشعب والحفاظ عليها , بل أن أغلبهم مارس هذا اللون من النشاط الدستوري لأغراض الابتزاز والرشوة وكما صرح بذلك مشعان الجبوري ( نفتح ملّف فساد ثمّ يأتي الفاسد الكلب ابن الكلب يعطينا كم مليون , نسّكر بعدها الملّف ) …
والسؤال الأكبر .. من المسؤول عن فساد الطبقة السياسية الحاكمة ؟ هل هي طبيعة النظام السياسي القائم على المحاصصات ؟ أم ضعف القضاء وفساده ؟ أم فساد الأحزاب السياسية نفسها ؟ أم المجتمع الذي أوصل هؤلاء الفاسدين إلى قيادة البلد ؟ أم تراجع القيم وانحطاط الاخلاق ؟ أم كلّ هذه الاسباب مجتمعة ؟ .. أنا شخصيا أعتقد أنّ هذه الأسباب قد تظافرت جميعا لتوصل البلد والمجتمع إلى هذا المستوى من الفساد والانحطاط الاخلاقي .. ولكن يبقى العامل الأهم في هذا الفساد والانحطاط الأخلاقي والمجتمعي , هو طبيعة النظام السياسي القائم , فحين يكون النظام السياسي هو الفاسد الأكبر , فمن الطبيعي جدا أن يفرّخ نوابا ومسؤولين فاسدين .. فإذا صلح النظام السياسي , صلح القضاء وصلح المجتمع .. وقد قلناها مرارا إنّ الفساد المستشري في العراق ليس فساد أشخاص بعينهم أو أحزابا سياسية بعينها .. بل هو فساد بنيوي متأصل في طبيعة النظام السياسي القائم .. فما لم تتغيّر بنية هذا النظام الفاسد ويعاد بناءه من جديد على أسس غير الأسس التي بني عليها , فلن تنتهي ظاهرة أحمد ومحمود وعشرات الآلاف مثلهم من اللصوص والسرّاق والفاسدين .. وبهذا المناسبة أعيد ما قلته في الأيام الماضية .. أنّ مؤسسات النظام الحالية من مجلس نواب وقضاء وحكومة , لا تصلح أبدا للقيام بأي إصلاح أو تغيير .. وحين تفقد هذه المؤسسات أهليتها للقيام بالتغيير الذي يطالب به الشعب المنتفض .. فليس هنالك من سبيل غير الشرعية الثورية ..
في 25 / 11 / 2019