السيمر / فيينا / الثلاثاء 26 . 11 . 2019 — رغم تمسك المتظاهرين العراقيين بمبدأ سلمية التظاهرات، يبدو أن بعضا منهم قد خرج عن هذه القاعدة، بعد وصول قمع الشرطة لمستوى غير مسبوق أدى إلى مقتل عشرات المتظاهرين في أنحاء البلاد.
تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر انقضاض مجموعة من الشبان على رجل أمن عراقي، وسط تضارب الأنباء بشأن موقع الحادثة.
وفي حين قال نشطاء إن الفيديو التقط في مدينة كربلاء، أكدت مصادر أمنية تواصل معها موقع الحرة الحادثة، إلا أنها أشارت إلى تعذر تحديد مكات وتوقيتها.
كما نقل ناشط عن مدير إعلام قيادة عمليات الفرات الأوسط قوله إن الحادثة لم تقع في كربلاء، مشيرا إلى وجود تضارب بشأن الموقع، فبعض المعلومات تتشير إلى وقوعها في الناصرية بينما يقول آخرون إنها في بغداد.
وأظهر الفيديو، الذي تداوله عراقيون عبر مجموعات في واتساب وفايبر، اعتداء بعض المحتجين على جثة جندي عراقي، بينما يحاول آخرون ثنيهم عن ضربه. ويقول أحدهم “هذا أخونا”.
ولا يعد هذا المشهد الأول من نوعه، ففي 27 أكتوبر تداول مغردون عراقيون، مقطع فيديو يوثق اللحظات الأخيرة لقيادي في ميليشيات ما يسمى “عصائب أهل الحق” الموالية لإيران، التي يتهمها المتظاهرون بقتل العشرات منهم.
ويواجه المتظاهرون العراقيون قمعا على يد كل من قوات الأمن العراقية والميليشيات الموالية لإيران، أدى إلى مقتل أكثر من 330 متظاهر وإصابة المئات نتيجة استخدام الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيلة للدموع.
لكن على الناحية الأخرى، أظهر متظاهرون عراقيون في مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار، وعيا وسلمية عالية بعدما حموا مصابا من قوات الأمن، وإيصاله إلى زملائه في وحدته القريبة من ساحة الاعتصام.
وأفاد نشطاء بأن القوات الأمنية عززت من وجودها قرب جسر الزيتون الذي يغلقه المتظاهرون في محافظة ذي قار، متخوفين من إقدام السلطات إلى فتحه بالقوة، داعين المؤيدين للتظاهرات النزول لمنع تقدم القوات.
ويأتي هذا المشهد رغم استمرار عنف قوات الأمن الذي طال الشباب والشابات في المظاهرات على حد سواء، إذ أظهر مقطع آخر إصابة طالبة تدعى رقية على يد قوات الأمن في كربلاء، بحسب ناشطين.
وقال مغردون إن رقية تعرضت للضرب بالهراوات والعصى الكهربائية على يد فرقة “سوات” تابعة لقوات الأمن، في تقاطع جسر الضريبة أمام مدرسة كربلاء الإعدادية.
كما تداول ناشطون لقطات للحظة اعتقال طلاب والاعتداء عليهم في محافظة المثنى جنوب العراق.
وكانت مصادر طبية عراقية قد أعلنت الثلاثاء مقتل متظاهر على أثر إصابته بطلق مطاطي بالقرب جسر الأحرار في وسط بغداد.
وقال مصدر طبي لوكالة فرانس برس إن “المتظاهر توفي في المستشفى إثر إصابته بطلق مطاطي في الرأس”، موضحا أن “المسعفين نقلوا 18 متظاهرا آخرين أصيبوا بالغاز والرصاص المطاط عند جسر الأحرار”.
وتطلق قوات الأمن النار في بعض الأحيان بالذخيرة الحية وقنابل الغاز. ويرد المحتجون الذين يرتدون خوذا ويغطون وجوههم بشالات رقيقة برمي قناني المولوتوف والحجارة.
وتحصل أعمال عنف شبه يومية خلال التظاهرات المناهضة للحكومة خلال الليل خصوصا، عندما تحاول شرطة مكافحة الشغب تفريق التظاهرات في ساحات الاحتجاج.
في الحلة جنوب بغداد، يتجمع المتظاهرون في الشوارع المقابلة لمبنى مجلس المحافظة بشكل يومي في اعتصام سلمي إلى حد كبير بينما تستمر المدارس في إغلاق أبوابها.
وذكر مراسل لفرانس برس أن الوضع تحول الى مشهد عنيف مساء أمس عندما حاولت قوات الأمن للمرة الأولى تفريق الاعتصام، فأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين. وأصيب حوالى 60 شخصًا بجروح في المكان، وفقًا لمصدر طبي.
في الديوانية جنوبا، تمكن المتظاهرون من إغلاق معظم الدوائر الحكومية والمدارس العامة خلال الشهر الماضي ولكن نادراً ما اشتبكوا مع قوات الأمن.
لكن المتظاهرين حاولوا ليل أمس إغلاق الجسور الرئيسية وواحدة من محطات الطاقة الثلاث في المحافظة.
وقال مراسل لوكالة فرانس برس إنهم أحرقوا إطارات على طول الطرق السريعة المؤدية إلى مدينة النجف المقدسة من الغرب، والسماوة إلى الجنوب، وفشلت شرطة مكافحة الشغب في إقناعهم في إنهاء اعتصامهم.
في كربلاء، المدينة المقدسة الثانية في العراق، ألقى المتظاهرون وقوات الأمن قنابل مولوتوف على بعضهم البعض.
وأصبحت المناوشات الليلية روتينية في المدينة، لكنها استمرت حتى فجر الثلاثاء وتواصلت حتى ظهر اليوم.
في ذي قار التي تضم ثلاثة حقول نفط مركزية في الغراف والناصرية وصوبة تنتج مجتمعة حوالى 200 ألف برميل من بين 3,6 مليون برميل في اليوم على مستوى العراق، أسفرت الصدامات ليلا عن إصابة 13 من رجال الشرطة المسؤولين عن حماية الميدان.
المصدر / الحرة