السيمر / فيينا / الاربعاء 22 . 04 . 2020 — وجه رئيس مجلس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، رسالة إلى رئيسي الجمهورية ومجلس النواب وأعضاء المجلس بشأن تأخير تشكيل الحكومة.
ونشر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، نص الرسالة عبر صفحته الرسمية على “فيس بوك”، اليوم الثلاثاء.
أشار عبدالمهدي إلى تقديم استقالته في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ولم يتم تشكيل حكومة حتى الآن رغم تكليف أكثر من شخص آخرهم “الكاظمي”، الذي من المفترض أن يشكل حكومته قبل 9 مايو/ أيار المقبل.
وجاء في نص الرسال: “حكومة تصريف أمور يومية وبقاء رئيس وزراء مستقيل محدود الصلاحيات في هذه الأوضاع المعقدة هو أسوء الخيارات، لذلك أتوجه بهذه الرسالة فقد تكون الفرصة الأخيرة لمنع الوصول إلى طريق مسدود تماماً”.
وحذر عبدالمهدي من الاستمرار في دوامة إن لم يتم تصحيح بعض الأمور هي:
1- مفهوم الوزير المستقل هو ليس حقيقة مطلقة، بل هو ممارسة جزئية مؤقتة اقتضاها واقع حال تفرد القوى السياسية بالحكومات المتعاقبة، وعدم عدالة قانون الانتخابات وقانون الاحزاب، فهما بالضد من ارادة الناخبين، مما ولد محاصصة واحتكاراً للسلطة من اعلى القمم الى ادناها. فجاءت دعوة المستقلين كرد فعل لذلك كله.
2- يقول كثيرون من القوى أنهم يمارسون حقهم بالمطالبة بوزارات محددة حسب نتائج الانتخابات. وحجتهم ما يجري في دول أخرى. ورأينا ان هذه مقارنة مغلوطة، فهناك تتشكل حكومات أغلبية من حزب واحد أو ائتلاف احزاب حسب المناهج الانتخابية.
وفي تلك الدول هناك ممارسات متكاملة تجعل الحزب يعيش جمهوره والجمهور يعيش حياة حزبه. فالجمهور يساهم بقنوات مختلفة في انتخابات القيادات الحزبية ورسم ملامح البرامج، بينما نحن ابعد ما نكون عن ذلك كله.
فالانفصال بين الجمهور والتنظيمات يزداد سعة، دون معالجات جدية. ورغم بعض التقدم في الانتخابات الاخيرة لكننا لم نستقر نهائياً على النظام المناسب الذي يحقق الاغلبية السياسية وندها الاقلية السياسية او المعارضة، ويحمي ويكيف بعدالة التوازنات الوطنية ليتسنى تغليب مفهوم المواطنة. ان مشاركة جميع الفائزين في الحكومة شوه عمل مجلس النواب من كتل كبيرة ساندة للحكومة، واخرى معارضة لها، الى صراعات فردية وجماعية على مصادر القوة والمواقع والقدرة في البلاد، ونسف مفهوم الفصل بين السلطات، بل هو ما ولد حكومات تتصارع في مجلس الوزراء.
3- إن مطالبة البعض بمواقع محددة كوزارة معينة لا معنى له. فان قال لي برنامج في هذه الوزارة فهذا يخالف المنهاج الحكومي مما لا يترك مجالا للشك ان الرغبة ستكون الاستفادة من الوزارة بدل الافادة فيها وفق برنامج موحد للحكومة.
4- في ظروفنا سيتعذر تغييب الاحزاب كلياً من المواقع والمناهج، كما سيتعذر حرمان المكلف من حق الخيارات بالترشيح والقبول والرفض. فهم الذين سيصوتون في مجلس النواب، وهو الذي سيتحمل المسؤولية الاكبر في الحكومة. وعليه لابد من الوصول الى اتفاق وسطي في استطلاع راي الاحزاب او في ترشيح من تنطبق عليه الشروط المتفق عليها وطنياً، و يسمح -بالمقابل- للمكلف بالكلمة الاخيرة لاختيار الوزراء، خصوصاً ان قراره لن يكون نهائياً فالكلمة الاخيرة ستعود لمجلس النواب في التصويت سلباً او ايجاباً.
واستطرد رئيس الوزراء في رسالته: نعم الوضع ليس مثالياً، لكن ان وضعنا المآلات الأسوء المرتقبة في حالة الفشل، وتمتعنا جميعاً بالمرونة اللازمة فبالإمكان الوصول إلى حل وسط. فاذا لم تنجح المحاولة الثالثة هذه للتكليف فهل يتوقع أحد ان تنجح المحاولة الرابعة أو الخامسة. خصوصاً ان استقالتنا كانت استجابة لنداء من المرجعية وقوى شعبية لإيجاد حل للطريق المسدود الذي وصلت اليه البلاد. فالهدف لم يكن تغيير الاشخاص بل تغيير المعادلات. وان استمرار رئيس وزراء مستقيل لحكومة تصريف الامور اليومية هو بقاء المعادلات السابقة ويقود للجمود والفراغ لا محالة.
لهذا يتعذر علينا الاستمرار. وكان جوابي قاطعاً بالرفض لكل من فاتحني وبإلحاح من أطراف مؤثرة واساسية بأنهم على استعداد لتسهيل العودة عن الاستقالة، خصوصاً انها لم يصوت عليها في مجلس النواب. فمعادلة حكومتي بالشروط الماثلة لم تعد قادرة على ادارة أوضاع البلاد بالشكل الصحيح. وفهمي أن اية حكومة في ظروفنا الراهنة يجب أن تلبي أمرين اساسيين.
1- التوافق الوطني او اغلبية تستطيع دعم الحكومة، وهو ما افتقدته الحكومة الحالية عملياً حتى مع توفره نظرياً. وما ورد اعلاه حول مجلس النواب والكتل والحكومة فيه ما يكفي، واللبيب من الاشارة يفهم.
وتابع: في رسالتي في 2/3/2020 طرحت الدعوة لجلسة استثنائية لحسم قانون الانتخابات والدوائر والمفوضية وتحديد 4/12/2020 كموعد نهائي للانتخابات، فلم يحصل شيء يُذكر، وكانما يراد للازمة ان تستمر. فلا يتم الاتفاق على حكومة جديدة، ولا تحدد نهاية للازمة عبر الانتخابات المبكرة.
فتكون النتيجة بالضرورة استمرار حكومة تصريف الامور اليومية وتحميلها كامل مسؤوليات اوضاع صعبة ومعقدة وهو ما لا يمكن الاستمرار به. لذلك ندعو للتمتع بالمرونة المطلوبة والوصول الى حلول وسطية لتشكيل حكومة جديدة تستطيع ادارة الانتخابات وتتمتع بالصلاحيات المطلوبة لادارة ازمات البلاد، خصوصاً وسط تطورات هائلة باتت دول عظيمة قلقة على مستقبلها منها، ومنها انهيار الاقتصاديات العالمية واسعار النفط وجائحة كورونا واستمرار الارهاب وغيرها من امور شائكة.
المصدر / مباشر