متابعة السيمر / فيينا / السبت 02 . 05 . 2020 — فرض عصر الفتوة الذي ظهر في مصر قديماً نفسه بقوة على السينما المصرية، ونجح في اقتحام الشاشة العملاقة من أوسع أبوابها؛ لما حققته الفتوات من شعبية كبيرة داخل الأحياء الشعبية، ما دفع كبار الكتاب لتناول قصصهم شخصية تلو الأخرى.
عصر الفتوات الذهبي فرض نفسه على شاشات السينما بفضل روايات كبار الكتاب، وأبرزهم الأديب نجيب محفوظ، الذي نال نصيب الأسد في تقديم نماذج كثيرة وواضحة عن فتوات مصر، وتطرق لجوانب مختلفة من حياتهم الاجتماعية وحلل بدقة شديدة الواقع المصري بانفعالاته وصراعاته وظواهره من خلال أعماله الثلاثة “أولاد حارتنا”، “الشيطان يعظ” ثم ملحمة “الحرافيش”.
وقدمت أبرز الأفلام المصرية عن الفتوات، التي جسدها كبار النجوم في القرن المنصرم، مشاهد حية من داخل المجتمع المصري، وصورت الحارة الشعبية بكل تفاصيلها، وعكست الصراع الدائم بين الخير والشر والعدل والظلم والأمل واليأس.
وجسد عدد من نجوم مصر شخصية الفتوة في السينما، منهم صلاح قابيل، أحمد زكي، محمود مرسي، عزت العلايلي، حمدي غيث، نور الشريف، عادل أدهم، محمود عبدالعزيز، محمود ياسين، فريد شوقي، الذي نال لقب الأكثر مشاركة في الأفلام التى تناولت عصر الفتونة قديماً في مصر.
ومن أبرز هذه الأفلام: “فتوات الحسينية”، تأليف نجيب محفوظ ونيازي مصطفى، وبطولة فريد شوقي الذي جسد شخصية “فتوة” داخل أحد أحياء القاهرة القديمة.
وتبدأ أحداث الفيلم عندما يستلم الابن عصا الفتوة من أبيه، ويتعلم منه القتال بالنبوت، ثم ينشب صراع بين الشاب وفتوة ذلك الوقت الشرير، الذي ينافسه على حب نفس الفتاة التي يحبها، فيدبر “الطاغية” مؤامرة للشاب ويدخله السجن لعدة سنوات.
وعقب خروج “الفتوة الشاب” تنشب مشاجرة فاصلة بين المتصارعين على الفتونة، ويتغلب على الطاغية ويدخله السجن، ويصبح فتوة عادلاً في الحسينية.
وعام 1981 عرض فيلم “الشيطان يعظ” تأليف نجيب محفوظ، وبطولة نور الشريف وفريد شوقي وعادل أدهم، ليجسد عالم الفتوات في الحواري المصرية القديمة.
وتدور أحداث الفيلم حول “الديناري” فتوة المنطقة الذى يضم “الحاجري” لأعوانه ويطلب منه البحث عن أجمل فتاة فى المنطقة ليتزوجها، ولكن “الديناري” يقع في حب “وداد” خطيبة “الحاجري”، ويحاول بشتى الطرق التقرب منها، فيلجأ “الحاجري” إلى فتوة الحي المجاور لإنقاذه من بطش “الديناري”.
“المطارد” فيلم للبطل نور الشريف وتحية كاريوكا وسهير رمزي وأبوبكر عزت ومجدي وهبة، وللمؤلف نجيب محفوظ والمخرج سمير سيف. تدور أحداثه حول الحرافيش في زمن سماحة الناجي الذي يفاجئه الفتوة القللي برغبته الزواج من حبيبته “مهلبية”.
الناجي يحاول الهرب مع “مهلبية” ليتزوجها لكن رجال القللي يقتلونها وتلصق التهمة بسماحة الذي يهرب بعيداً إلى الصعيد، ويتزوج من محاسن بعد أن يتخفى في شخصية شيخ ويفتح محلاً للعطارة، وبعد مدة يقرر العودة لمنطقته القديمة وينتصر على الفتوة الظالم الذي اعترف بأنه القاتل الحقيقي لمهلبية.
“الحرافيش” بطولة محمود ياسين، ليلى علوي، صفية العمري،ممدوح عبدالعليم، صلاح قابيل، قصة وسيناريو وحوار نجيب محفوظ، وإخراج حسام الدين مصطفى.
تبدأ القصة عندما يشب حريق ببيت سليمان الناجي فتوة الغلابة بسبب “رضوانة” زوجة ابنه البكري “بكر” التي تقع في غرام شقيقه “خضر”، وعندما يكتشف “بكر” ذلك يحاول قتل شقيقه ويتهمه بخيانته.
لكن “خضر” البريء يرفض الاتهام ويهرب ليترك العائلة تعيش بسلام، لكن العائلة تبدأ في الانهيار ويصاب الناجي بالشلل بعد أن يتم رهن وكالته، وبعد أن يسحب المعلم عتريس راية الفتونة منه، لكن خضر يعود مرة أخرى لينقذ وكالة والده، وراية الفتونة التي تحملها عائلة الناجي من جديد.
“التوت والنبوت”، بطولة عزت العلايلي، وحمدي غيث، وسمير صبري، وأمينة رزق، من رواية الحرافيش لنجيب محفوظ وإخراج نيازي مصطفى، وتدور قصة هذا الفيلم عن عاشور الناجي، الذي يبذل محاولات لجمع الحرافيش حوله لاستعادة مكانة أولاد الناجي في الحارة، بعد استيلاء المعلم حسونة على منصب الفتوة، وأصبح يكيل لأهل الحارة ويطالبهم بدفع إتاوات كبيرة، وتتوالى الأحداث.
“الجوع” بطولة سعاد حسني، محمود عبدالعزيز، يسرا وعبدالعزيز مخيون، وقصة نجيب محفوظ من إخراج علي بدرخان. وتدور الأحداث عن حكاية جديدة من ملحمة الحرافيش، حيث يتولى أمور الحارة فتوة ظالم يسجن أخيه ظلمًا لإطعامه الفقراء دون إذنه، فيقبض عليه ويعذبه ثم يسجنه، وبينما هو في السجن تقوم زوجته بالتحضير لثورة يقوم بها الفقراء لهدم هذا النظام الفاسد وإزالة آثار الطغيان عن الحارة.
ومن السينما للدراما، أعاد الفنان ياسر جلال عصر الفتوات لأذهان المصريين بمسلسه الرمضاني “الفتوة”، ويشاركه البطولة عدد من النجوم، أبرزهم مي عمر، وأحمد صلاح حسني، ونجلاء بدر، وسيناريو وحوار هاني سرحان، وإخراج حسين المنباوي، وإنتاج سينرجي.
ويقدم هذا المسلسل، وفقاً لتصريحات بطله، نموذجاً مشرفاً للحارة المصرية التي لم تتغير كثيراً مع تتابع الأزمان، لكنها تفتقد لبعض العادات والتقاليد والعلاقات الإنسانية التي يتطلب وجودها حالياً.