السيمر/ فيينا / الخميس 25 . 06 . 2020
سليم الحسني
أتعبكَ العراق ولم يتعبكَ الزمن، فهذه الخطوط على جبينك، لا يرسمها إلا العراق. السنة فيه بعشر سنين، والفرحة فيه مكسوة بالحزن.
حين سقط الصنم، جاءت نسمة رطبة، باردة ناعمة. أحسّ الأغلبية ساعتها بطعم الحياة، لكن هناك من كَرِهها، أراد السموم لهم، شقّ عليه أن يرى أطفالهم يضحكون. فسلّط التنين ينفث ناراً.
ظهر على جبينك خط صغير، برقتْ في عينيك ومضة خوف. أردتَ أن تطفئ نار الحقد، ألقيتَ عليها من روحك سَكينة، لكن الغضب لم يهدأ. كانوا يريدون إعادة السنين.
نصحتَ وهديتَ وباركت. لكنهم خذلوك حين دخلوا البرلمان، تهافتوا على الدنيا بجشع الضباع. ضربوا الحواجز بينهم وبين الفقراء، تعملق صغيرهم، وطغى ذليلهم.
ظهرتْ على جبينك حزمة من خطوط الهمّ، وعصرتْ قلبك ضغطة موجعة من الحزن، فصبرتَ سنة وأخرى وسنوات أُخر.
عاملتهم بالرقّة والهدوء، وكانوا قد سدروا في الغفلة وأسكرتهم حلاوة السلطة. خذلوك وتمنّوا أن يكون بينك وبينهم جدار من زُبر الحديد.
جلستَ على حصيرة الزهد، تأكل نصف الرغيف وتعطي الفقير نصفه. أردتَ أن يسير المحسوبون عليك بسيرتك، لكنهم خذلوك، فأحنى خذلانهم ظهرك. سرقوا عباءتك، تلفعوا بها، يخدعون الناس بأنهم منك وأنت منهم. والشيعي يا سيدنا مُحبّ يفرط في حبّه، فيهم بسطاء يرون الوكيل مرجعاً والعمامة ديناً. وهناك من يعتاش على هذه فيوغل في التضليل، يغدقُ على أعوانه العطاء، فيسحرون الناس بالتجهيل. وإذا ازداد العطاء وزناً، نهجوا نهج بني إسرائيل في التشويه.
حمداً لله أنك في غرفتك، فلو اطلعتَ على ما يفعلون وما يفعل أعوانهم، لشهقتَ شهقة الموت حسرةً وألماً.تضاعفتْ على جبينك خطوط الحزن. وحزن العراق يزيد الخطوط قتامة وشدة. حزن العراق لا يرحم، إنه يدمي القلب، يحرق الروح، يحني الظهر، ويُشعل السواد شيباً.
أردتَ الخير، والخير لا تصنعه يدّ واحدة. هي تنثره على الرؤوس، تنشره بين الناس، لكن هناك من يُفسد نبتة الخير.
أتعبكَ العراق. أتعبتكَ الغرفة الضيقة. ونحن لسنا أهل حلّ. فينا من يرى الحاجب ملكاً، لا يفرّق بين الظلمة والنور.
خذلوك يا سيدي.
٢٥ حزيران ٢٠٢٠