الرئيسية / مقالات / لا تنتهي كربلاء

لا تنتهي كربلاء

السيمر / فيينا / الاحد 06 . 09 . 2020

سليم الحسني

منذ زمن مرّ رجل على طريق شائكة. كتبَ كتاباً، علّمَ تلميذاً، قال كلمة، فخرجت من تحت عباءته أمة. جاءته الفكرة منذ سمع بقصة فدك، فكتبها في التاريخ.

جلس خاشعاً عند ضريح الحسين. سمع القصة كاملة. أعادها مع نفسه. وجد أنها حدثت بالأمس، وتحدث اليوم، وسيكون الغد يوماً آخر منها.

مسك عمّته بكلتا يديه، تأملها بعمق. هذه لرسول الله، لا يضعها على رأسه إلا من آمن برسالته. سأل قلبه، فسمع الجواب. وضعها على رأسه. لن تسقط عمّة يعرف صاحبها لمن تعود.

نظر الى الدنيا من حوله، رآها تقبل عليه ضاحكة. طردها عنه، لم يغلق بابه على نفسه، إنما خرج اليها يبعدها، يطلّقها عشرات المرات، صرخ بوجهها غرّي غيري. هربتْ الدنيا خائفة، عرفت أن هذا الصوت من صوت عليّ.

طاف بقبر الحسين مرتين. في الأولى استأذنه الخروج لمنازلة قتلة القرآن. وفي الثانية عرج منها الى السماء.

بين الطوافين، رأى شاباً لا يقرأ اسمه. ومظلوماً أنهكه القهر، وآخر يجلده السجّان.
أقسمَ أن يعلّم الشاب كتابة اسمه، وينصر المظلوم، ويحطّم السجن.
كتب الشابُ: لبيك يا حسين.
صرخ المظلوم: هيهات منّا الذلة.

دخل السجن يواجه السجّان. أحاطوا به من كل جانب، قال كبيرهم:
ـ اركعْ ونهبك الحياة.
لا يركع من يضع على رأسه عمّة محمد.
ـ اسكتْ وتأتيك الدنيا.
مَن يعرف صوت عليّ لا يسكت.
ـ أطلبْ ما تشاء نأتيك به، وأتركْ ما أنت عليه.
طفتُ بضريح الحسين، مشيتُ على دربه. هذه كربلاء أخرى أقف على أرضها. لا يترك كربلاء من طاف بضريح الحسين.

يوم أمس كان العاشر من محرم، واليوم واقعة الطف، وغداً عاشوراء. هذا توقيت السائرين على درب الحسين. هكذا يرون حساب الأيام وعدة الشهور.

٦ أيلول ٢٠٢٠

اترك تعليقاً