السيمر / فيينا / السبت 03 . 10 . 2020
سليم الحسني
لم تتعرض دولة الى عقوبات صارمة طويلة الأمد مثلما تعرض له العراق من جارته الكويت. فبسبب حماقة صدام حسين عام ١٩٩٠، حمل حكّام الكويت شعوراً انتقامياً لا تنطفئ ناره رغم السنين الطويلة التي مرت على الغزو وما تبعها من دمار هائل في العراق، ورغم طول الفترة التي أعقبت إعدام صدام.
أطفأت الكثير من الدول ديون العراق بعد سقوط نظام البعث، وتنازلت إيران عن تعويضاتها من العراق، لكن الكويت ظلت مصّرة تستحصلها من الشعب العراقي الذي لم يكن له ذنب في جرائم صدام ومغامراته. وكان حكّام الكويت يعرفون ذلك جيداً، فهم أقرب من يرى فقر المواطن العراقي عبر الحدود. يرون الملابس الرثة والأجسام المنهكة. يسمعون أنين الجوع من البيوت المتهالكة. ويشاهدون حزن السماء والهواء والماء والتراب على محنة الشعب العراقي، لكن قلوبهم لا تخفق بالرحمة.
تمسكتْ الحكومة الكويتية باستحصال التعويضات كاملة وقد حددتها الأمم المتحدة بـ (٥٢,٤ مليار دولار)، سدد العراق غالبيتها العظمى عن طريق عائداته النفطية، وقد رفض أمير الكويت الراحل صباح الأحمد التنازل عنها، حتى مع الضائقة الحادة التي يمر بها العراق نتيجة انهيار أسعار النفط وجائحة كورونا والتظاهرات الجماهيرية وغير ذلك من صعوبات خانقة.
وكان آخر موقف من المرحوم الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، رفضه تأجيل المتبقي وهو (٣,٧ مليار دولار) رغم علمه بأن الحكومة العراقية غير قادرة على سداد مرتبات الموظفين.
فشلت الوساطات، وعجز كل رؤساء الوزراء العراقيين بعد سقوط نظام صدام من إقناع المرحوم صباح الأحمد بالتنازل عن التعويضات، أو حتى تقليصها. وقد كان يعدهم ولا يفي،
بطريقة لا تليق بحاكم دولة
كان المرحوم أمير الكويت، بحكم خبرته الطويلة في السياسة الخارجية وعلاقاته المتشعبة، يعرف كيف يستخدم الطريقة الإنكليزية ببراعة، فهو ليّن في الكلام، لكنه سكين جارحة لا ينسى خصومته. فقد تعامل مع العراق على أنه نظام واحد بصرف النظر عن الحاكم والحكومة والشعب، فطالما أن صدام احتل الكويت، فيجب أن يحترق العراق وينهار ولا تقوم له قائمة. هكذا تعامل المرحوم مع الشعب المظلوم، والذي كان هو أحد جلاديه وقتلته بالضخ المالي الذي قدمه لصدام.
لم يرحل أمير الكويت، إلا بعد أن وضع حكومته وخليفته على مسار محدد، خلاصته، إجعلوا العراق خراباً لتعيشوا بأمان. ازرعوا الفتنة بين الشيعة الى يوم الدين، مدّوا لهم يد المصافحة ولا تنسوا الخنجر في اليد الثانية.
أسف ثم أسف على الذين يخذلون الشعب العراقي بمشاعرهم التي تجرح مشاعر الفقراء، حين يتبرعون بالمديح والثناء عليه، وهو الذي ختم حياته بمشروع خنق العراق بحرياً.
بعد أيام يموت الملك سلمان، ربما سنسمع منهم برقيات التعزية الطافحة بالحزن، وقد نسمع منهم دعوات الشفاء العاجل لترامب.
لن يسكت التاريخ، سيكتب وستقرأ أنت سطوره.
٣ تشرين الأول ٢٠٢٠
الجريدة غير معنية او مسؤولة بكل ما تم طرحه من آراء داخل المقال ، ويتحمل كاتب المقال كامل المسؤولية