الرئيسية / مقالات / ما أشبه اليوم بالبارحة !!

ما أشبه اليوم بالبارحة !!

السيمر / فيينا / الاربعاء 07 . 10 . 2020 

أياد السماوي

ما جرى يوم أمس في مدينة كربلاء المقدّسة من أحداث شغب وغوغاء , ليست المرّة الأولى التي تحدث فيها مثل هذه الأحداث , وليست المرّة الأولى التي تتجرؤ بها مجاميع الرعاع والغوغاء بالقيام بأعمال شغب في مثل هذه المناسبات الدينية الكبرى .. وذاكرة العراقيين لا زالت تحتفظ بأحداث الخامس عشر من شعبان عام 2007 وما رافقها من أعمال تخريب واعتداء على الأضرحة المقدّسة , حيث ذهب ضحيتها أعدادا من القتلى والجرحى .. فما أشبه اليوم بالبارحة .. فمادة هذه الأحداث واحدة , وهم أنفسهم أبناء الشوارع والقادمون من الضياع والجهل والفقر والبؤس والحرمان .. لست في معرض الدفاع عمّا قام به هؤلاء الهمج الرعاع من حرافيش أحياء التنك والصفيح , من أعمال دفعتهم إليها قوى شيطانية ارتبطت مصالحها بالشيطان الأكبر , من ترديد شعارات تهدف لذات الأهداف التي صوّرت لأبناء الخليج أنّ عدوهم الحقيقي الوحيد هو إيران وليس غيرها .. ولو كان هؤلاء الهمج الرعاع يدركون أنّ إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي هبّت  لمساعدة العراقيين بالدفاع عن أرضهم ومقدّساتهم وأعراضهم , حين أصبحت داعش على مشارف العاصمة بغداد والمدن المقدّسة , لما قاموا بشتم الشهداء قاسم سليماني وجمال المهندس وحرق صورهما ..

لكن بالمقابل هنالك ثمة تساؤلات مشروعة تتطلّب الإجابة عليها قبل أن نصدر بيانات الإدانة والاستنكار .. من أين جاء هؤلاء ولماذا وصلوا لهذه الحالة من اليأس ؟ ومن هم الذين أوصلوهم لهذا الوضع المزري ؟ وماذا وفرّت لهم حكومات ما بعد 2003 من فرص للتعليم والعمل ؟ فهل بنت لهم هذه الحكومات المدارس والجامعات ليواصلوا تعليمهم ؟ أم بنت لهم المشاريع الاقتصادية الصناعية والزراعية والسياحية لانتشالهم من الشارع إلى سوق العمل ؟ أليست الطبقة السياسية الحاكمة هي من سرقت أموالهم ورمتهم مشرّدين في الشوارع ليكونوا مادة لعصابات الجريمة المنظمة والمليشيات المسلّحة ؟ ولو أخذنا عيّنة من هذه المجاميع التي تظاهرت يوم أمس في كربلاء ورفعت هذه الشعارات , هل فيهم من أكمل تعليمه وواصل دراسته في الجامعات والمعاهد العليا ؟ وهل فيهم من وجد فرصة للعمل ولم يعمل ؟ مالذي فعلته حكومات الفساد والسرقة لهذه الطبقات المسحوقة من المجتمع وانتشالهم من أوضاعهم المادية والصحيّة والتعليمية البائسة ؟ أليس من الواجب وقبل أن نصدر بيانات التهديد والوعيد بالانتقام أن نسأل أنفسنا ماذا قدّمنا لهم من فرص للعيش بكرامة ؟ أو ليس الأولى محاكمة من سرق أموالهم ومستقبلهم ؟ .. فإذا كان لا بدّ من إدانة لما جرى من أعمال شغب وغوغاء يوم أمس في كربلاء وفي هذه المناسبة المقدّسة , فهذه الإدانة هي لعموم الأحزاب والقوى السياسية التي حكمت البلد بعد سقوط الديكتاتورية التي سرقت ونهبت أموال البلد وأموال أجياله القادمة ..

في 07 / 10 /2020  

 

اترك تعليقاً