السيمر / فيينا / السبت 10 . 10 . 2020
أحمد جعفر الساعدي*
غيب مساء يوم الخميس الماضي الموت الموسيقار والملحن الإيراني الشهير محمد رضا شجريان بعد صراع طويل مع مرض السرطان، وقد توفي في مستشفى “جم” بالعاصمة طهران عن عمر ناهز 80 عاماً.
ترك الراحل خلفه الكثير من الأعمال الموسيقية والفنية الكبيرة، وهم يمثل للإيرانيين وكذلك للمتحدثين باللغة الفارسية في أنحاء العالم، رمز التراث الأدبي والموسيقي الكبير.
فما إن غيب الموت هذا الرجل، حتى سارعت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية الإرهابية إلى توظيف قضية وفاته، ومن يتابع الماكنة الإعلامية للمنظمة يتصور أن الراحل شجريان كان يؤيد هذه المنظمة التي تلطخت أيديها بالعنف والإرهاب والعمالة والوقوف إلى جانب صدام حسين في حربه ضد إيران.
أي إيراني حتى الذين يعارض النظام الإيراني بإستثناء منظمة مجاهدي خلق يرفض في تلك الفترة الهجوم الصدامي والبعثي على إيران، ولا نريد الخوض هناك في أسباب الحرب وخسائرها البشرية والمادية.
فالفنان الراحل شجريان ليس مؤيداً لمنظمة مجاهدي خلق، كما يقول القيادي السابق والمنشق عن هذه المنظمة “مسعود خدابنده” في مقابلة مع وسائل الإعلام الإيرانية نُشرت في 11 من مايو 2020، وأوردتها وكالة أنباء الطلبة “إيسنا”.
https://www.isna.ir/news/99022216215
ويتحدث مسعود خدابنده في المقابلة عن مساعي منظمة مجاهدي خلق في استقطاب الفنان محمد رضا شجريان، لكنها فشلت في النهاية في ذلك.
ومسعود خدابنده يعد من كبار القادة في منظمة مجاهدي خلق وكان يعمل في المنظمة باسم مستعار “رسول” ويعد من أعضاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وكان مسؤولاً بشكل مباشر عن الفريق الأمني والحماية الشخصية لزعيم المنظمة المغيب مسعود رجوي وزوجته مريم رجوي.
وقال مسعود خدابنده، في إشارة إلى الأشخاص الذين كانت منظمة مجاهدي خلق تحاول جذبهم إلى التنظيم،: “منظمة مجاهدي خلق غالبًا ما كانت تذهب إلى أولئك الذين يحتمل أن ينضموا إلى التنظيم، على سبيل المثال، السيد منتظري، السيد بني صدر، إلخ. وأتذكر أن منظمة مجاهدي خلق كانت تبحث عن شجريان لفترة من الوقت لجذبه، لكنه تحدث في النهاية علانية ضدهم، وقد انسحبت المنظمة من هذه الخطوة.
ومن المعروف إن أصحاب الفن والموسيقى يحملون رسالة إنسانية ويرفضون كل أشكال العنف والتطرف، وكانت منظمة مجاهدي خلق قد مارست كل ذلك بحق الإيرانيين وغيرهم، بل أوغلت في دماء الإيرانيين بمختلف قومياتهم منذ عام 1979 وحتى الحرب العراقية الإيرانية.
فنستطيع القول إنه “ليست هناك علاقة ولا تأييد من قبل الراحل شجريان لمنظمة إيرانية سفكت دماء أبناء شعبه”، فليذهب بيان مريم رجوي أدراج الرياح.
وفي 6 من يونيو 2016، أعلن شجريان في مقابلة صحافية عن مواقفه في المجالين السياسي والديني ودحض العديد من الاتهامات الموجهة إليه، وفي وقتها وصفتها بأنها “يمكن أن تكون المقاربة والنبرة التصالحية التي في هذه المرحلة من حياة شجريان أساسًا لتحسين الوضع وعودة هذا الفنان الإيراني البارز إلى الأجواء الرسمية للموسيقى الإيرانية”.
أكد شجريان في هذه المقابلة التي نشرتها الصحافة الرسمية الإيرانية، “أنه ليس شخصية سياسية، وإذا كان لديه انتقاد لشخص ما (إشارة ضمنية إلى الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد)، فإن النقد كان موجهاً لنفس الشخص وهو (شجريان) لا يعارض النظام”.
وتأتي تصريحات شجريان في الوقت الذي أذاع التلفزيون مؤخراً إعادة بث دعاء “ربنا” بصوت هذا المعلم البارز خلال شهر رمضان المبارك.
وفي هذا الصدد أكد شجريان أنه لم يعارض إطلاقا بث دعاء “ربنا” على التلفزيون ووصف هذه التفسيرات بأنها خاطئة.
وكشف الراحل محمد رضا شجريان عن محاولات أحزاب معارضة منها حزب تودة الذي تأسس عام 1941، ومنظمة مجاهدي خلق في استقطابه، وقال “وقفت بحزم ضد الناشطين السياسيين أو الأحزاب السياسية الذين أرادوا الإساءة لموقفي الفني”.
وأضاف “بمجرد أن فعل حزب توده ذلك فعلت منظمة مجاهدي خلق ذلك، وفي كل مرة أتى أحدهم إلينا وكان لديه طلبات، اضطررت لإلغاء الحفل، وقبل عدة سنوات كنت أريد إقامة حفل موسيقي في العاصمة ستوكهولم، فبمجرد دخول جماعة كانت تردد شعارات وهتافات ضد الجمهورية الإسلامية، أوقفت الحفل، وتبين بعد ذلك لي، إن هؤلاء كانوا قد خططوا مسبقاً لترديد هذه الشعارات، وذهبوا لشراء التذاكر وشكلوا غالبية سكان القاعة، وعندما هتفوا جلسنا واستمعنا، ورأوا أننا لا نفعل أي شيء، وقد أضطررت إلى إلغاء ثلاث حفلات أخرى، وأنا شخصياً خسرت نقوداً للحفلات الموسيقية، ووقعت مصاريف وأموال القاعة على كتفي ودفعت للجميع، ولم أكن أرغب في القيام بعمل سياسي”.
*كاتب متخصص في الشؤون الإيرانية