أخبار عاجلة
الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / أهكذا يتخاصمُ المؤمنون !!

أهكذا يتخاصمُ المؤمنون !!

السيمر / فيينا / الاربعاء 14 . 10 . 2020 — في الأيام القليلة الماضية إنتشر مقطعُ لقاءٍ لأحدِ الأخوةِ المخضرمين بالسياسةِ والعمل الجهاديّ، ممن حازوا مناصبَ مهمةً ..
تحدث خلاله بقسوة منتقدا حقبة رئيس وزراء شيعي سابق، واصفاً إياها بأسوأِ العبارات.

كان التوقيت سيئا ، فالظرف لا يناسب محاكمة الماضي القريب والكل مشترك في خطاياه.
.. والطرح كان تسقيطيا .. لم يراعِ تربصَ الأعداء المغتبطين بتساقط الشيعة.

لكن.. لا يثير الشجون في كل هذه الأحاديث المشينة أمرٌ مثلُ ما تلمسه من غلٍّ وحقدٍ وكراهيةٍ وبغضاءَ في نفوسِ كبارِ الشيعة تجاه بعضِهم البعض ، راسمين بذلك مشهدا قاتماً عن جيل كامل من الإسلاميين، وصورةً غيرَ مشرِّفةٍ عن شخصية المتدين الشيعي بالعموم.

غريبٌ أن من يرى نفسه صالحاً لا ينظر للآخر نظرةَ الأخِ الحريصِ على أخيه المخطئ ..

بل ينظر له نظرَة العدوّ إلى عدوّه، متربصا به العثراتِ، متحيّناً فرصةَ الإنقضاضِ عليه.

لا تلمسُ أثراً للتناصح في تعاملهم .
ولا تجدُ نفحاتِ الإيمان في أحاديثهم .

أيُّ إسلامي هذا الذي يرى أخاه الشيعي يخطئ فلا يبادره النصيحة؟
.. وينتظره ليخطئَ ويخطئ .. حتى يغرق في الخطيئة ..
.. كي يبادرَ بعدها إلى فضحِه أمامَ أعينِ الأعداءِ والأصدقاء – متشفياً به !!

ما يعمّق الشجونَ أكثر – أن ذلك السلوك لم يكن مقتصرا على السياسيين وحدهم – بل مارسته منابرُ الروحانيين أيضا .

بعض خطبائِهم كان يبدو السرور في مُحيّاه وهو يبصر إخوته وأبنائه من سياسيي الشيعة وهم يتساقطون في الرذيلة ..
.. كي يتلاقف على إثرها الميكروفون ، متحدثا للناس بلغةٍ ملائكيةٍ ساحرة، ولهجة روحانيةٍ خاشعةٍ، يفوح منها عبيرُ القداسة، كاشفاً للناس عوراتِ السياسيين، فاضحاً إياهم ، وقاطعاً عليهم سبيل الأوبةِ.

– هل يفعل الوالدُ بأبناءِه هكذا ؟

– للأسف .. هكذا فعل مؤمنو الشيعة ببعضهم.

يُرجِع بعض المفكرين أهم أسباب ذلك إلى غياب القيادة الناصحة والشجاعة ، وإلى فراغ الموقع الأبوي الجامع لأبناءه، القادر على لمِّ شتاتِهم ، الذي يحنو على مذنِبهم ملتمِساً له الأعذار ، مشجعاً اياهُ على التوبة ، ساندا ظهره وقت الشدائد ، مذكرا إياه بماضيه وتدينه..

.. الأب الذي ينصح إبناءه في السر لا عبر المنابر قدّام الملايين ، والذي لا يهتك أبناءَه ليُبرئَ نفسه من آثامهم ..

هكذا إضمحلت قوة الإسلاميين حتى أوشكت اليوم على الأفول..
وللأسف -إلى اليوم- لا زال القيّمون والحاكمون والأولياء يمارسون نفس النهج في التسقيط والتسفيه والإذلال .. فاسحين للغريم فرصة الإطاحة بالجميع.

١٠ -١٠ -٢٠٢٠
المعمار
تحليلات في الشأن العراقي- الشيعي

اترك تعليقاً