السيمر / فيينا / الاحد 18 . 10 . 2020
حيدر حسين سويري
مما يُحكى أن رجلاً جبانا ولم يسرق من قبل! قام بسرقة خروفٍ من أحد جيرانه واخفاه، لكنهُ في اليوم الثاني ومن شدة قلقة وخوفه ذهب يستطلع الامر، فمر من الرجل صاحب الخروف وعندما التفت اليه الرجل، وبدون ان ينطق بكلمه، بادره السارق قائلا: عن أي خروفٍ تتحدث؟ ومن قال لك إني سرقته؟
هذا ما حدث بالفعل للدول العربية مع إسرائيل، فإسرائيل لم تطلب التطبيع ولا عقد السلام مع العرب، لكن العرب (بالرغم من عدم سرقتهم شيء من إسرائيل كصاحب الخروف) إلا أنهم بدأوا بإقناع أنفسهم بالتطبيع، ثم ذهبوا لإسرائيل بأرجلهم وهم صاغرين ليعقدوا سلاماً مع جهةٍ لم يقاتلوها أبداً!
حتى وصل الأمر بكاتب سعودي اسمه “رواف السعين” وهذا الكاتب قد يكون غير معروف بين الكتاب والإعلاميين الا ان له متابعين وله مقطعاً فيدوياً يقول فيه بكل صراحة: وجود إسرائيل أرحم من وجود دولة فلسطينية، تعبنا من كذب التاريخ والتزوير، لقد زور الفلسطينيون الدين والتاريخ والجغرافيا، ليس هناك قدس ولا أقصى، والقدس التي يعرفها الناس اليوم هي قبل تاريخ العرب، تدعى أورشليم بالنسبة لليهود، واسمها ايليا بالنسبة للمسيحيين، والعرب أخذوها أثناء الفتوحات. ويضيف: أخطر ما يمكن أن يحصل هو إقامة دولة فلسطينية، الأمر الذي سيخلق نزاعات وحروبا للدول العربية. هم من دون دولة سببوا الأذى للعالم العربي. الفلسطينيون هم الأعداء وليس إسرائيل!
هذا الكلام وغيره من الكلام الذي يروجه الاعلام الخبيث، وأحدث ضجةً لدى الشعوب العربية بين مادحٍ وقادح، لكنه أحدث ضربتهُ حتى بتنا نسمع مثل هذا الكلام في العراق، هذا الشعب الذي ناضل وجاهد وقاتل من أجل القضية الفلسطينية، حتى وصل على مشارف تل أبيب لولا الخيانة التي دائماً ما نعاني منها، ولسان حاله يقول لهذا الكاتب الخبيث وغيره، ما زال فينا من يحدثنا عن تلك الحرب، ولأسوق اليك دليلا اخر من اصحابك الإسرائيليين أنفسهم يعلنون وبكل صراحة انهم غزاة محتلين، يقول الكاتب الإسرائيلي “يزهار سميلانسكي” في كتابه «خربة خزعة»: «اسمع.. يأتي المهاجرون، ويأخذون هذه الأرض، وتصير جميلة. نفتح حانوتاً، ونبني مدرسة، وكنيساً. وستكون هنا أحزاب، وسنتناقش حول عدة أمور. سنحرث الحقول ونزرعها ونحصدها. وتحيا خزعة العبرية! ومن سيتصور أن خربة خزعة كانت هنا. طردناهم وورثناهم. جئنا، أطلقنا النار، حرقنا، نسفنا، ونفينا».
لأنتقل الان الى العراق؛ يأتي خرف أخر من العراق ليقول سياتي أمر التطبيع من النجف! ثم يعتذر ويبرر ولا عذر ولا تبرير له.
المشكلة الحقة لدينا في العرب والعراق بالخصوص، أن إسرائيل ليست لها حدود مشتركة معنا، بالإضافة الا انها لم تطلب التطبيع منا، حتى تتم هذه الاثارة الإعلامية، فلماذا هذا الذل والتخاذل؟
ثمة موقف ثابت أعلن عنه وبكل صراحة وجسارة منقطعة النظير، حيث صدر عن سماحة السيد عمار الحكيم أن “لا تطبيع مع إسرائيل”، وأنا متأكد أن موقفهُ لن يتغير أبداً، أما أقرانهُ:
فالكرد على علاقة وطيدة بإسرائيل منذ مدى بعيد
والسنة لا مانع لديهم ابداً خصوصاً بعد تطبيع دول الخليج
واما الشيعة أو منطقة جنوب العراق فالدعاة يذهبون الى حيث درت معايشهم، بمعنى أن لو كانت لهم مصلحة خاصة (وركز على خاصة وضع تحتها ما شئت من الخطوط) في التطبيع فلن يتأخروا لحظة واحدة، وسيحتجون عليك بألف حجة، ولذلك هم واذنابهم ساكتون ينتظرون ما ستؤول اليه الأمور.
ما اريد الوصول اليه ان إسرائيل على دراية تامة بما أقول، لذلك هي لم تطرق باب التطبيع بل ذهبت الى سياسة التطويع، فأثارت المشاكل في الجنوب وطعنت بالمرجعية الدينية ومؤسسة الحشد الشعبي، ثم جاءت بحكومة تخدمها كما تشاء، فهذه الحكومة ما اخرجتنا من ازمة ابداً بل فاقمت الازمات علينا، اخرها ازمة الرواتب! وصعود سعر الدولار، مما تسبب بزيادة أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية.
بقي شيء…
قد يظن البعض ان سياسة التطويع ستنجح وستؤدي الى التطبيع لكني أقول له وبكل صراحة ” أنت لا تعرف العراقيين أبداً “