السيمر / فيينا / السبت 28 . 11 . 2020 — الهجوم الارهابي الذي استهدف العالم النووي الشهيد محسن فخري زادة رئيس منظمة الابحاث والتطوير في وزارة الدفاع الايرانية يوم امس الجمعة في منطقة ابسرد شرقي طهرن، كان في الحقيقة استهدافا للنهضة العلمية الشاملة التي تشهدها ايران، منذ انتصار الثورة الاسلامية، والتي زرعت الامل والثقة في نفوس الشعب الايراني، عبر الإتكال على الله سبحانه تعالى والتمسك بتعاليم الاسلام المحمدي الاصيل، وعبر استحضار كل عناصر القوة في تاريخ وثقافة وشخصية الانسان الايراني.
الثورة الاسلامية في ايران، ناصبت امريكا والصهيونية العالمية، العداء للجمهورية الاسلامية، التي تحولت الى منار لجميع المسلمين التواقين للانعتاق من نير الاستكبار الخارجي والاستبداد الداخلي، ولم يدخر الثنائي المشؤوم مع اذنابه من الرجعية العربية وعلى راسها نظام ال سعود، جهدا للنيل منها للحيلولة دون تحولها الى نموذج يحتذى، ففرضوا عليها حصارا شاملا، وشنوا عليها حربا دامت ثماني سنوات عبر تحريض الطاغية صدام، كما حاولوا تشويه خطابها الاسلامي الاصيل عبر تحريض الوهابية السعودية لتشن عليها حربا طائفية قذرة، وصولا الى حرب الاغتيالات التي طالت العلماء الايرانيين، التي ينفذها الثنائي الامريكي الصهيوني باستخدام العملاء والمرتزقة.
جريمة الاغتيال الجبانة للعالم النووي فخري زادة تحمل بصمات الموساد الاسرائيلي والسي اي ايه الامريكي، بكل وضوح، وهي جريمة تأتي في سياق سلسلة جرائم اغتيال علماء الفيزياء الايرانيين، التي بدأها هذا الثنائي الارهابي لحرمان ايران من مصادر قوتها، وبالتالي تسديد ضربة الى مسيرة نهضتها العلمية، التي باتت تقلق ثنائي الشر، الذي يرى في تطور اي بلد اسلامي مستقل، خطرا يهدد مشروعه القائم على الابقاء على الدول الاسلامية اسيرة التخلف والتبعية.
ان سياسة حرمان الدول الاسلامية من مصادر قوتها واقتدارها، التي يعتمدها الثنائي الامريكي الصهيوني، تهدف ايضا الى تجريد هذه الدول من اي امكانيات او قدرات يمكن ان تدافع بها عن نفسها وعن خياراتها واستقلالها وسيادتها وثرواتها، امام غطرسة وعنجهية وعدوانية الثنائي الامريكي الصهيوني، الذي لا يرى للدول الاخرى من حق في امتلاك، ادنى مقومات القوة للدفاع عن النفس، كي تبقى هذا الدول اما دائرة في فلك الثنائي الامريكي الصهيوني ، او تكون تحت رحمة تهديداته وعدوانه.
بعد فشل الثنائي الامريكي الاسرائيلي في وقف عجلة التقدم العلمي والتقني لايران، عبر الحصارات وسلاح الطائفية والتهديد والحرب النفسية ، شرعا في اعتماد سياسة جبانة وغادرة تمثلت في اغتيال العلماء الايرانيين، باعتبارهم الطاقة التي تمد النهضة الايرانية الحديثة بكل اسباب الاستمرار والديمومية، فتعرض عدد من علماء ايران خلال السنوات الماضية الى عمليات اغتيال جبانة وغادرة، وسط تبجح امريكي اسرائيلي، وصمت اقرب الى التاييد من قبل اوروبا والغرب.
بالامس أعاد ترامب وبرعونة لا توصف، نشر تغريدة للصحفي الإسرائيلي يوسي ميلمان تنص على “أن هذا العالم الايراني كان رئيسا لبرنامج إيران العسكري السري وأنه كان مطلوبا لدى جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد” على مدى سنين”. فيما تبجح الارعن منه نتنياهو بانه قام هذا الاسبوع “باعمال مهمة ولكنه لا يستطيع البوح بها”، فيما كتبت صحيفة “نيويورك تايمز”، ان جريمة الاغتيال نفذتها “اسرائيل” استتنادا الى مصادر امنية خاصة.
ان الغرب اليوم مدعو الى ان يضع حدا لسياسة الكيل بمكيلين المنافقة، فأما ان يكون مع القانون الدولي في كل مكان وزمان، ويندد ويستنكر الارهاب الذي يمارسه الثنائي ترامب ونتنياهو، واما ان يصمت والى الابد، فالعلماء الذين يقتلون دون اي جريرة، هم علماء، لا يخدمون ايران فقط بل البشرية جمعاء، فالشهيد فخري زادة كان من رواد الحركة العلمية لتوفير المعدات اللازمة لمكافحة كورونا في وزارة الدفاع الايرانية، وكان يشرف على فريق علمي انتج العدة الطبية الخاصة بتشخيص الاصابة بكورونا، وهؤلاء ليسوا عسكريين ولا حتى سياسيين. ترى ماذا كان سيكون موقف الغرب، عندما تقتل دولة ما، علماءه في شوارع لندن وباريس وبرلين وروما، وتعلن تلك الدولة بشكل او بآخر مسؤوليتها عن تلك الجرائم؟.
التجربة التاريخية اثبتت ان من المحال وقف مسيرة العلم في اي بلد من خلال اغتيال علمائه، فالنهضة العلمية التي تشهدها ايران منذ اربعين عاما، قامت على اكتاف الالاف من امثال الشهيد فخري زادة، وهذه النهضة لن تتوقف بموت او استشهاد عالم من علمائها.
في عام 2018 ذكر نتنياهو إسم الشهيد فخري زادة، خلال برنامج استعراضي، حول البرنامج النووي الايراني السلمي، باعتباره أحد عقول برنامج إيران النووي، وقال: “تذكروا هذا الاسم”. ونحن اليوم نقول لنتنياهو، ان زمن “إضرب وهرب” قد ولى، وان رد ايران على جريمة الاغتيال الجبانة قادم لا محالة.. “تذكروا هذا الوعد”.
العالم