السيمر / فيينا / الخميس 24 . 12 . 2020
سليم الحسني
في تظاهرات تشرين انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو لفتيات يرقصن في كربلاء على نغمات الموسيقى وتصفيق الشباب. كان الطيبون من شيعة العراق يظنون ان إجراءات غاضبة ستصدر من إدارتي العتبتين الحسينية والعباسية. لم يحدث ذلك، لكن الذي كان يحدث بشكل يومي هو شاحنات الطعام والمياه المعدنية والمشروبات الغازية كانت تصل ساحات التظاهر بانتظام من إدارة العتبات.
وفي تظاهرات تشرين انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد الرقص والميوعة والخمور في خيم المتظاهرين من الشباب والفتيات والمثليين. فتوقع الطيبون الشيعة أن تكون خطبة الجمعة غاضبة تشجب هذه المنكرات والفواحش، لكن ذلك لم يحصل، لقد سمعوا ثناء الخطيب ومديحه لهؤلاء الشباب ووصفهم بـ (الأحبة)، وفي نفس الوقت كانت شاحنات الطعام تصل بتوقيتها المضبوط تحمل وجبات الطعام الساخن، والمياه والمشروبات الغازية وقد كُتب عليها اسم العتبات المقدسة.
في أماكن أخرى من العراق، كان يقف شباب الحشد الشعبي في نفس الوقت على سواتر التراب في أسوأ الظروف وأخطرها ليحموا المدن من جماعات الإرهاب، كان طعامهم يختلط بالتراب والمطر والبارود.
وبينما كان (أحبة) خطبة الجمعة يأتيهم الطعام وفيراً دسماً وهم يحتسون الخمرة ويرقصون مع الفتيات في أمسيات صاخبة، كان ملايين الأطفال قد افترشوا الأرض في بيوت متداعية وقد احتضنوا الجوع وناموا بانتظار يوم جديد ينطلقون فيه الى الشوارع يبحثون عن لقمة عيش.
عندما استشهد القائدان الخالدان، وخرج عشرات الملايين في تشييعهما، كان الشيعة الطيبون يعتقدون أن يبادر خطيبا الجمعة ومن يكتب الخطبة لهما، ان يقفوا مع الحشد الشعبي يدفعون عنهم محاولات أمريكا في ضربه ويدعون الى وحدته وتماسكه، لكن الأيام تكشفت عن عملية انشقاق خطيرة شطرت الحشد الشعبي والصف الشيعي، وتبعتها دعوات وتغريدات تحرّض على ضرب الحشد الشعبي وتفتيته.
كان الشيعة الطيبون يتوقعون صدور المواقف والخطب التي تحفظ الأصالة وتؤكد هوية التشيع العلوي، لكنهم وجدوا عشرات الملايين من الدولارات تخصص لبناء ضخم يكون قاعدة للعلمانية في النجف الأشرف.
عندما خرج بعض الأشخاص يتحدثون عن علمانية المرجع الأعلى وتوجهاته في دولة لادينية، أحس الشيعة الطيبون بالاهانة والتجاوز على أصالة المرجعية الدينية، واستنفروا أسماعهم لتلقي خطاب مدوٍ يدين هذه التقولات، لكن الصمت كان مطبقاً يحمل علامات الرضا والقبول والتأييد.
لا يزال الشيعة الطيبون يشعرون بالفخر والعزة حين يرون منائر أئمتهم عليهم السلام متوهجة بالأنوار، لكنهم لا يعرفون أن أضرحة أئمتهم يُراد لها أن تكون مظلمة جامدة خالية من روح التشيع وأصالة أهل بيت النبوة عليهم السلام. فهناك في مصدر القرار في النجف الأشرف رجال يقرأون نسخة الإسلام الأمريكي، ويريدون توزيعه على الناس ليكون منهجاً بديلاً عن ذلك الإسلام الذي قاتل واستشهد من أجله الحسين في كربلاء.
(قراءة كتاب: الإسلام المدني الديمقراطي، تأليف شيريل بينارد. يوضح ان ما يجري في النجف وكربلاء هو تطبيق تعليماته)
٢٣ كانون الأول ٢٠٢٠