السيمر / فيينا / الاحد 03 . 01 . 2021 —- كشف مسؤول عراقي رفيع في ديوان محافظة البصرة، أقصى جنوبي العراق، أن نتائج التحقيق الأولية التي يجريها فريق أمني قادم من بغداد، تشير إلى وجود تورط لجهة غير عراقية بزرع اللغم البحري في السفينة النفطية الراسية قبالة موانئ البصرة في مياه الخليج العربي.
وأمس السبت، أعلنت السلطات الأمنية العراقية تفكيك اللغم البحري بالناقلة النفطية العاملة لصالح شركة “سومو” العراقية، الذراع الرسمي لتصدير النفط العراقي عبر الخليج العربي، مؤكدة أن العملية تمت بدون أي خسائر، في الوقت الذي أعلنت فيه شركة تسويق النفط العراقية “سومو”، في بيان رسمي لها، أن الحادث لم يؤثر على صادرات النفط العراقية عبر الخليج.
لا توجد خبرة لأي مليشيا أو جماعة عراقية بهذا النوع من الألغام، كما أنه غير متوفر في العراق عموما
وكشفت الشركة أن الناقلة المستهدفة بمحاولة الاعتداء كانت “راسية في مكانها منذ مدة، وهي مؤجرة من قبل شركة متعاقدة مع شركة تسويق النفط، وتعمل كخزّان عائم لمنتوج النفط الأسود (زيت الوقود) المنتج من المصافي العراقية لأغراض التصدير، قبل تحويله لناقلات الشركات العالمية المشترية له”.
وبحسب مسؤول في حكومة البصرة المحلية، فإن “فريقا أمنيا رفيعا قادما من بغداد يواصل لليوم الثالث على التوالي عمليات التحقيق المكثفة بشأن حادثة اللغم البحري، وهناك تعاون من شركة أمن بحرية خاصة لديها تقنيات متطورة في هذا المجال”، كاشفا أن النتائج الأولية للتحقيق، حتى صباح اليوم الأحد، تشير إلى أن “اللغم تم تثبيته من جهة خارجية وليس من المياه العراقية، وتجري حاليا محاولة تحديد تلك الجهة بواسطة عدة طرق، منها الاستعانة بشركة بحرية أمنية متقدمة”.
وأضاف المسؤول ذاته أن “اللغم البحري الملصق بالناقلة النفطية قبالة موانئ البصرة، تم وضعه من قبل جهة مختصة، فهكذا ألغام بحرية يصعب لصقها من قبل أشخاص لا يملكون خبرة وغير مدربين على هكذا عمليات، ولا توجد خبرة لأي مليشيا أو جماعة عراقية بهذا النوع من الألغام، كما أنه غير متوفر في العراق عموما”.
وتابع أن “نوع اللغم الذي تم تفكيكه من طراز الألغام التي يتم وضعها من قبل فرق غوص مختصة بهذا المجال، إذ تم تثبيته في بدن الناقلة النفطية بمستوى لا يمكن وضعه إلا بالغوص والتسلل لجسم الناقلة، والتحقيقات ما زالت مستمرة لمعرفة الجهة التي تقف خلف هذا الحادث والهدف من هكذا عمل، الذي كاد يوقع ضررا كبيرا للعصب الرئيس للاقتصاد العراقي”. معتبرا أن “العمل كان يهدف لتعطيل أو ضرب آلية نقل أحد المشتقات النفطية العراقية المُصدرة للخارج (النفط الأسود)”.
من جهته، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي بدر الزيادي، في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إن “كل المعطيات والمؤشرات تدل على أن قضية اللغم البحري الملصق بالناقلة النفطية قبالة موانئ البصرة، تمت بفعل فاعل ومن قبل جهات مختصة بهكذا عمليات، خصوصاً ان وزن اللغم كان يتجاوز 30 كيلوغراما، وهكذا ألغام لا يمكن وضعها إلا من قبل فرق بحرية متخصصة”.
وبيّن الزيادي: “نتوقع أن عقد إنشاء ميناء الفاو الكبير أحد أسباب وضع هذا اللغم، لتبيان أن المنطقة هذه غير آمنة، وهذا له مردود عكسي أيضا على العراق، فالبواخر التي تأتي لأخذ الوقود من العراق بالاتفاق مع سومو سوف ترفع أسعار التأمين باعتبار المنطقة خطيرة”، كاشفا أنه “لو انفجر اللغم، فكان سيؤثر على كمية صادرات النفط من جنوب العراق بأكثر من 40%”.
وأضاف النائب العراقي أن “جهات دولية عديدة لا تريد للعراق إكمال إنشاء ميناء الفاو الكبير، كونه سيضرها اقتصاديا، ولهذا من الممكن جداً تورط تلك الجهات بوضع اللغم البحري، ونتائج التحقيق سوف تكشف ذلك خلال الأيام المقبلة، ونحن نتابع بدقة عمل اللجان التحقيقية المختصة بهذا الحادث”.
بدوره، اعتبر الخبير العسكري العراقي صفاء الأعسم، الحادثة بأنها “دليل واضح على تورط جهة استخبارية خارجية في تلك العملية”، مبينا في تصريحات صحافية أن “تلك الجهة تحاول استهداف العراق في عمقه الاستراتيجي الاقتصادي، وتعطيل معظم صادراته النفطية التي تمر عبر الجنوب”.
وأضاف الأعسم أن “التهديد البحري هو الأقوى منذ عام 2003 ولغاية الآن، كونه سيعرض العراق إلى خسارة ثقة الشركاء الدوليين من خلال استيراد النفط أو التبادل التجاري مع الموانئ العراقية، مع تزامن تعهد الحكومة بإكمال أكبر مشروع اقتصادي، وهو ميناء الفاو الكبير، الذي يعتبر الأساس في ربط العراق بأوروبا وآسيا”.
المصدر / العربي الجديد