السيمر / فيينا / الاحد 30 . 05 . 2021 —— كشفت مصادر سياسية عراقية في بغداد، أمس السبت، عن انسحاب عددٍ من مرشحي الانتخابات التشريعية المبكرة، المقرر إجراؤها في العراق في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بسبب تعرضهم لتهديدات وضغوط عدة، موضحة أن المرشحين الذين تراجعوا عن الترشح، أو قرروا الانسحاب من السباق الانتخابي، ينتمون لمحافظات ديالى ونينوى وبغداد. وتشهد المدن العراقية المختلفة حراكاً متصاعداً على مستوى الأحزاب والقوى السياسية، استعداداً للانتخابات المقبلة، وسط انتقادات حادّة موجهة لمفوضية الانتخابات العراقية، بشأن عدم تحركها لوقف أو الاعتراض على ما اعتبر حملات انتخابية مبكرة لتلك القوى، بعضها تمّ فيها استخدام المال العام أو استغلال المناصب الحكومية، وحاجة العراقيين للخدمات، خصوصاً في القرى والبلدات النائية.
ينتمي المرشحون المنسحبون لمحافظات ديالى ونينوى وبغداد
وأدلى نائبان عراقيان بمعلومات متطابقة حول انسحاب مرشحين من الانتخابات بفعل تهديدات أو ضغوط تعرّضوا لها، مؤكدَيْن أن بعضهم شعروا بالخوف على حياتهم، فقرّروا الانسحاب مبكراً، لوقوع ترّشحهم في دوائر انتخابية قدّم فيها نافذون مرتبطون بفصائل مّسلحة وأحزاب بارزة، ترشحهم.
رئاسة البرلمان العراقي تستبعد “فرضية تأجيل الانتخابات”
ووفقاً لعضو في البرلمان عن تحالف “النصر” بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، فإن مرشحين عدّة للانتخابات قرروا التراجع عن خوض السباق الانتخابي، كخطوة استباقية، لعدم توفر ضمانات أمنية لهم، فيما تعرض آخرون فعلاً لـ”ضغوط وإشارات غير مريحة”، على حدّ تعبيره. ووصف المصدر الأجواء السياسية في محافظات عراقية عدة، بـ”المتوترة”، بسبب التنافس المبكر الشديد في الدوائر الانتخابية الصغيرة، بعدما قسّم قانون الانتخاب الجديد المحافظة الواحدة إلى دوائر متعددة. وبحسب النائب العراقي، فإن مرشحاً في منطقة سهل نينوى، تلقى اتصالاً هاتفياً من شخصية تزعم انتماءها لفصيل مسلح نافذ، أقدم على مهاجمته خلال الاتصال، لترشحه في دائرة انتخابية واحدة تجمعه مع مرشح آخر فيها، قال إن الأخير “ساهم بتحريركم وطرد تنظيم داعش من مناطقكم”.
وفي هذا الصدد أيضاً، أكد النائب العراقي عن محافظة ديالى، شرقي البلاد، رياض التميمي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن ضغوطاً عدة يتعرض لها مرشحون في المحافظة، وتهدف إلى “تأجيل الانتخابات، أو الدفع باتجاه العزوف عن المشاركة، في حال أُجريت الانتخابات في موعدها”، متهماً من وصفهم بـ”الفاسدين بالتورط وراء هذا النوع من التهديدات”، لأن “إقامة انتخابات نزيهة وسليمة تمثل تحدياً لوجودهم”. وتحدث التميمي عن “وجود مؤامرة تهدف إلى عرقلة إجراء الانتخابات، ودفع الناخبين لعدم التصويت، والضغط لانسحاب المرشحين، على اعتبار أنه قد يتسبب في إفشال الانتخابات”. ولفت إلى أن التهديد يهدف إلى الإبقاء على الوجوه السياسية السابقة ذاتها، مؤكداً حصول ضغوط سياسية على المرشحين الذين “يتخوفون من التهديدات المبطنة للكتل السياسية”.
إلى ذلك، أوضح عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، بدر الزيادي، أن مفوضية الانتخابات لم تعلن حتى اليوم عن عمليات انسحاب رسمية من الترشّح للانتخابات، معتبراً أنه لا يمكن الجزم بشأن أسباب هذه الانسحابات التي ترد الأخبار عنها في تقارير عدة”. وبرأي الزيادي، في حديثه لـ”العربي الجديد”، فإن انسحاب بعض المرشحين “لن يؤثر على العملية الانتخابية في ظل وجود عدد كبير من المرشحين الآخرين الذين قرروا الاستمرار بالمشاركة”. ولفت إلى أن مفوضية الانتخابات لم تصادق بعد على القائمة النهائية التي تتضمن أسماء المرشحين، بسبب خضوع هذه القائمة للتدقيق، متوقعاً أن تطرأ تغييرات على عدد الأسماء، بسبب تقديم مرشحين لشهادات مزوّرة ووجود قيود جنائية تمنع ترشيحهم، فضلاً عن ترشح أشخاص مشمولين بإجراءات “اجتثاث البعث”.
تقسيم المحافظات العراقية إلى دوائر متعددة يجعل المعركة أكثر تنافساً
ويوم الخميس الماضي، سُجّل أول اعتداء مسلّح على نشاط انتخابي في العراق، إذ أعلن مكتب رئيس البرلمان السابق سليم الجبوري، عن تعرض موكب الأخير لهجوم مسّلح خلال زيارته لمحافظة ديالى برفقة عدد من مساعديه، ما أدى إلى إصابة اثنين من أفراد مكتب الجبوري بجروح، لكن مصادر أمنية عراقية أكدت أن رئيس البرلمان السابق لم يكن في الموكب خلال الهجوم. وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، اغتال مسلّحون مجهولون مدير الحملة الانتخابية لعضو البرلمان عن محافظة ديالى، رعد الدهلكي، ما أثار مخاوف من احتمال تأثير تدهور الأمن على الانتخابات المقبلة.
وحول ذلك، رأى الخبير في الشأن السياسي العراقي، محمد التميمي، أن “انسحابات المرشحين قبل كلّ انتخابات أمر قديم، وبات مألوفاً في البلاد، لكنه هذه المرة يحصل مبكراً”. وأضاف التميمي، في حديث، لـ”العربي الجديد”، أن “الانسحاب بفعل التهديد أو الضغوط يمثل أول انعكاسات السلاح المتفلت، ومشاركة فصائل مسلّحة مرتبطة بأجنحة سياسية، في هذه الانتخابات، ويعبر عن سعي وتنافس محموم وغير مسبوق للفوز بهذا الاستحقاق، خصوصاً مع خوض المتنافسين تجربة انتخابية جديدة عبر دوائر ضيّقة وبعدد كبير من المرشحين، بالتزامن مع تراجع شعبية غالبية القوى السياسية في البلاد، إثر تداعيات الحراك الشعبي الذي يشهده العراق منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2019”.
المصدر / العربي الجديد