السيمر / فيينا / الأربعاء 17 . 11 . 2021
معمر حبار / الجزائر
أوّلا: قواعد لفهم معنى الحليف:
الحليف غير الصديق.
اعتبارات الحليف غير اعتبارات الصديق.
مايشترط في الحليف لايشترط في الصديق، فلا داعي للمقارنة والمفاضلة.
ليس من شروط التحالف: الدين، واللّغة، والجغرافيا، والجنس.
يعتمد التحالف على نقاط منها: الدين، واللّغة، والجغرافيا، والجنس إن توفّرت، وضمنت المصالح.
يمكن إقامة التحالف مع من كان عدو الأمس، وحليف اليوم قد يكون غدا العدو.
ماتراه هذه الدولة والمجتمع حليفا ليس بالضرورة أن تراه تلك الدولة والمجتمع حليفا.
الحليف يحقّق المصلحة العليا، وتتحّقّق به المصلحة العليا.
مايحقّق المصلحة لهذه الدولة والمجتمع، ليس بالضرورة أن يحقّقها وتتحقّق به المصلحة لتلك الدولة والمجتمع.
ثانيا: ترشيح حليف للجزائر:
لو كنت ناصحا، لنصحت قادة الجزائر بإقامة تحالف إفريقي مع جنوب إفريقيا أوّلا، باعتبارها تشترك مع الجزائر في العمق الجغرافي، ومناهضة لكلّ أشكال الاحتلال،
وذاكرة تاريخية مشتركة وسليمة ومشجّعة، ومازالت آثارها الفاعلة قائمة لحدّ السّاعة رغم مرور الزّمن ولو بدرجات متفاوتة.
قد يقول قائل: لكن جنوب إفريقيا دولة ضعيفة لسنا بحاجة للتحالف معها. والإجابة: يعتمد التحالف على جملة من العناصر، ومنها تلك التي ذكرناها في الأعلى، وستتقوى العناصر التي نأمل في الوصول إليها عبر الزمن، إن توفرت بعض العناصر. وجنوب إفريقيا دولة متقدّمة وتملك عناصر القوّة والعظمة.
الجزائر مطالبة بإقامة تحالف قوي ومتين مع روسيا لاعتبارات، منها: لم تعد روسيا -لغاية هذه الأسطر- تتخلى عن حلفائها منذ أن تمّ الضحك عليها من طرف السّكير ساركوزي، والأطلسي حين أحرقوا ليبيا، وقتلوا الرئيس معمر القذافي رحمة الله عليه باسم الأمم المتحدة وحماية المدنيين؟ !.
روسيا حليفة الجزائر من قبل، ولم تسئ يوما للجزائر. ويحتاج الأمر إلى إعادة إحياء التحالف بما يناسب التحالفات الحالية المطروحة، وبما يضمن أمن، وسلامة، ومصالح الجزائر وروسيا.
لتوضيح ذلك، يكفي الإشارة إلى أنّ روسيا مازالت متشبّثة بسورية، ولم تتخلى عنها رغم تكالب الإخوة العرب، والمسلمين الأعاجم، وجيران السّوء، والغرب، والصهاينة على سورية الحبيبة.
الصين دولة قوية، لكن نقطة ضعفها –في تقديري- تكمن في كونها تنسحب من أوّل مواجهة مع أوّل منافس لها. ولذلك لايمكن للجزائر أن تعتمد على الصين كحليف، لأنّها ستنسحب من أوّل مواجهة تتعرّض لها الجزائر في اتظار أن يتبدّل سلوكها الدولي تجاه حلفائها، وسلوك من يرضون بها حليفا كالجزائر.
يبدو لي أنّ العلاقة الجزائرية الصينية لم تصل لعلاقة الصين بكوريا الشمالية وروسيا، وبعض الدول الأسيوية التي تجعل الصين لأجلها تحرّك أساطيلها المتطورة، وجيوشها المرعبة، وأسلحتها الفتّاكة.
يكفي -الآن- الجزائر أن تعزّز صداقاتها مع الصين التي لم تسئ يوما للجزائر، وظلّت وفية منذ الثورة الجزائرية، والأيّام الأولى لاسترجاع السّيادة الوطنية.
ثالثا: الدول الممنوعة من التحالف مع الجزائر:
قد يقول قائل: لماذا ترفض التحالف مع فرنسا، وسبق للأعداء أن تحالفوا وما زالوا متحالفين رغم الحروب والدماء. وقد قلت في قواعدك، أنّ: “يمكن إقامة التحالف مع من كان عدو الأمس، وحليف اليوم قد يكون غدا العدو المتربص” ؟ أجيب: مازالت فرنسا تتعامل مع الجزائر على أنّها العدو، ودون تاريخ، ولم تكن أمّة قبل الاستدمار الفرنسي، ويجب أن تعود لبيت الطاعة، وتآمرها ضدّ الجزائرفي السّرّ والعلن وباستمرار، وعلى مدار سنوات طوال. ومن كان بهذا الحقد، لايمكن بحال اتّخاذه حليفا.
رابعا: الذين لايمكنهم أن يكونوا حلفاء الجزائر:
لايمكن لجيران الجزائر -الآن- أن يكونوا حلفاء لها، لاعتبارات تتعلّق بضعفهم جميعا وعدم قدرتهم، وانهيار الثقة في بعضهم. وتبقى إقامة الصداقة مع من اخترناه مطلوبة،
وتحتاج لتعزيز أكثر، وتنويع العلاقة وتمتينها.
لايوجد -الآن- دولة أوروبية يمكن التحالف معها، لضعفها، ولتبعيتها للولايات المتحدة الأمريكية، ولعدم قدرتها على حماية أمنها ومصالحها بمفردها.
لايوجد -الآن- دولة عربية يمكن إقامة تحالف طويل الأمد معها: لضعفهم، وتشتتهم، وتبعيتهم، وهرولتهم نحو التطبيع.
لايمكن -الآن- إقامة تحالف مع تركيا ، لأنّها دولة تحتلّ جيرانها العرب، وتعتدي عليهم، وتملك ثقافة الاستدمار والاحتلال، وغير ثابتة في علاقاتها الدولية، وتغيّر علاقاتها بشكل جذري إذا رضي عنها راعي البقر، وتتلاعب بالجانب التاريخي.
لايمكن -الآن- إقامة تحالف مع إيران، رغم أنّها تملك عناصر القوّة والعظمة، ومتفوّقة في التفاوض، ومتميّزة في الدفاع عن حقوقها ومكتسباتها بمهارة فائقة واحترافية عالية.
إيران ذات سياسة ثابتة لم تتغيّر منذ سنة 1979. وتشترك مع الجزائر في كونها لاتقيم -لغاية هذه الأسطر- علاقات مع الصهاينة، رغم التهديدات والإغراءات التي تتعرّض لها باستمرار، وفي السّرّ والعلن لفرض التطبيع عليها التي مازالت ترفضه، وترفض الهرولة نحوه.
إيران لايتحكّم فيها الأطلسي الصهيوني، ولا الصهيوني، ولا الروسي.
تشترك إيران مع تركيا في كونها ذات أطماع توسعية، وتتلاعب بالجانب التّاريخي.
لايمكن -الآن- إقامة تحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تفرض الاعتراف بالصهاينة، والتبعية لهم لإقامة أيّ تحالف معها، والجزائر مازالت ترفض التطبيع مع الصهاينة. وكلّ الدول العربية، والإسلامية الأعجمية التي رضيت بإقامة صداقة -وليس تحالف- معها، قبلت بالهرولة نحو الصهاينة، والتبرير ل الصهايونية والتّطبيع باسم الدين.