السيمر / فيينا / السبت 19 . 03 . 2022 —— كعادتها عند كلّ حفلة إعدام جماعي، لم تتردّد السلطات السعودية في مضاعفة وطأة المصيبة على أهالي المعدَمين يوم السبت الماضي، بحرمانها إيّاهم من تسلّم جثامين أبنائهم، أو إقامة مراسم تشييع لهم، في نهج «انتقامي» لا يزال مستمرّاً بلا رادع. وبالتدقيق في قضايا المعدَمين ممّن كانوا اعتُقلوا على خلفية الحراك الشعبي، يتّضح انطواؤها على كمّ كبير من الانتهاكات، من بينها انتزاع اعترافات تحت التعذيب، فضلاً عن إصدار الأحكام بالقتل تعزيراً، على رغم أن محمد بن سلمان ادّعى لتوّه أن «المشكلة الوحيدة التي نحاول حلّها هي التأكّد من عدم وجود عقوبة إلّا بقانون، وهذا ما نعمل عليه»
ومع انطلاق محاكمته في تموز 2019، لم يُسمح له بتعيين محامٍ إلّا بعد انعقاد أكثر من جلسة. ويكشف «صكّ الحُكم» الصادر بحقّه انتهاكات جسيمة تخلّلتها تلك المحاكمة، حيث يبيّن أن القاضي بدر بن عبدالله الريس الذي كان رئيس المحكمة الجزائية المتخصّصة في الرياض، وكلّاً من القاضيَين عبدالله اللحيدان وعبد العزيز بن داوود، أصدروا حُكم القتل تعزيراً ضدّ محمد، مستندين إلى اتّهامات وجّهتها إليه النيابة العامة من بينها «السعي لزعزعة النسيج الاجتماعي والتماسك الوطني من خلال الدعوة إلى الاعتصامات والتظاهرات ورفع الشعارات المناهضة للدولة»، و«حيازة واستخدام الأسلحة»، و«حيازة صور ومعلومات لأفراد تَعتبرهم الدولة إرهابيين»، بينهم الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، والشيخ الشهيد نمر باقر النمر الذي أعدمته المملكة في كانون الثاني 2016. لكن، بحسب مصادر حقوقية، فإن «صكّ الحُكم» لم يُذيَّل بتاريخ، ليُحرم الشاخوري بذلك من معرفة موعد الاستئناف الذي تمهله المحكمة 30 يوماً للتقدّم به. وعليه، واستناداً إلى اعترافات انتُزعت تحت التعذيب، صدر في 21 شباط 2021 قرار مبدئي بإدانته والحُكم عليه بالإعدام، إلّا أن القاضي الريس الذي أصدر الحُكم بالقتل تعزيراً، أقرّ بأن الشاخوري نفى ما وُجّه إليه من اتهامات من المدّعي العام، سعيد بن محمد آل رفده، والمدّعي العام الثاني الذي خلَف الأوّل، أحمد بن عقيل بن عبدالله الصقيه، ولذا فهو تجنّب الحُكم عليه بالقتل حدّاً لوجود الشبهة، واستبدل به القتل تعزيراً، في ما مثّل تحايلاً واضحاً حتى على أحكام القانون السعودي.
وإلى جانب الشاخوري، ابن بلدة العوامية التي كان نصيبها وحدها من الإعدامات 27 ضحية، أُعدم أيضاً أسعد مكّي آل شبّر علي، ابن خالة محمد، والذي انطوت قضيّته هو الآخر على الكثير من الانتهاكات، منذ لحظة الاحتجاز التعسفي بلا مسوّغ قانوني، حيث لم يكن مطلوباً أو مطارَداً، ومع ذلك وُضع في السجن الانفرادي، وتعرّض لأصناف عديدة من التعذيب الجسدي والنفسي لإجباره على الإقرار بالتهم المُوجَّهة إليه، فيما أدّى التعذيب إلى تعريضه لإصابات بالغة في ظهره، مُنع عنه العلاج فيها، قبل أن يُقتل بحُكم إعدام تعزيري. ولا يختلف الحال في قضية المعدَم عقيل الفرج (16 تشرين الثاني 1991)، الذي قبضت عليه القوات الأمنية في 25 كانون الأول 2013، وناشدت والدته الملك سلمان «الصفح والإفراج عنه»، إلا أنها توفّيت قبل أسابيع من دون أن تتمكّن من رؤيته. يقول مصدر أهلي من القطيف، لـ«الأخبار»، إن «الحزن يلفّ بيوت المنطقة، فاجعة وصدمة في المجتمع من هول المجزرة، ممنوع على الأهالي إقامة العزاء ويُحظر عليهم حتى إظهار الحزن، لا جثامين تُسلّم ولا معرفة بمكان دفن شهدائهم». وفي تفسيره تلك الممارسات، يعتقد المصدر أن «الانتقام لا يزال السِّمة الأبرز للسلطة السعودية التي تريد خنق العوائل ومحاسبتها على رفضها الخنوع والانكسار والمطالبة بحقوقها»، معتبراً «استهداف كوكبة من الشهداء وعوائلهم رسائل تُوجَّه إلى المعارضين في الخارج أيضاً، لثنيهم عن مسارهم الرافض لحُكم آل سعود».
المصدر / الاخبار اللبنانية