أخبار عاجلة
الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / الواحات في الصحراء حلول عراقية للحد من العواصف الترابية

الواحات في الصحراء حلول عراقية للحد من العواصف الترابية

السيمر / فيينا / الأربعاء 11 . 05 . 2022 ——- طرحت العواصف الترابية، التي شهدها العراق خلال الأشهر الماضية، وأصابت أكثر من خمسة آلاف شخص بأمراض تنفسية، أسئلة كثيرة عن المهمات المطلوبة لمواجهة نتائج التغير المناخي وتقلص المساحات الخضراء.

وبحسب وزارة الزراعة، يحتاج العراق إلى أكثر من 14 مليار شجرة لإحياء المناطق التي تعاني من التصحر.

وقد ارتفعت في الآونة الأخيرة الأصوات التي تطالب الحكومة بإنشاء مساحات خضراء، لتشكل مصدات طبيعية حول المدن في مواجهة العواصف.

وقرر مجلس الوزراء العراقي، في 10 مايو (أيار)، تخصيص ثلاثة مليارات دينار (حوالى مليوني دولار) لتنفيذ مشروع تثبيت الكثبان الرملية، ومليار دينار (حوالى 684 ألف دولار) لتمويل دائرة الغابات في وزارة الزراعة لدفع مستحقات المتعاقدين معها.

في الأثناء، بدأت محافظات عدة بإنشاء أحزمة خضراء يطلق عليها تسمية “الواحات”، كونها تتوسط الصحراء.

ودعا الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي، خلال اجتماع طارئ نظمته الأمانة العامة لمجلس الوزراء للحد من آثار العواصف الترابية التي شهدتها البلاد، إلى التركيز على تثبيت الكثبان الرملية ومكافحة التصحر.

مشاريع مكافحة التصحر

وأعلنت دائرة الغابات ومكافحة التصحر في وزارة الزراعة، عن مشروعين لتثبيت الكثبان الرملية وإنشاء واحات.

وقالت المديرة العامة للدائرة راوية مزعل، “لوكالة الأنباء العراقية”، إن “التصحر مشكلة بيئية خطيرة تنذر بمشاكل اجتماعية واقتصادية وصحية كبيرة”، مشددة على ضرورة الاهتمام بمعالجتها من خلال صرف مبالغ كبيرة تتناسب مع حجم المشكلة بغية إيجاد حلول.

وأضافت، “دائرتنا تعد الذراع التنفيذية لمشاريع مكافحة التصحر والتغير المناخي في العراق، ولديها مشاريع منها تثبيت الكثبان الرملية في محافظتي ذي قار وصلاح الدين، الذي يتعامل مع 4 ملايين دونم من الكثبان الرملية التي تهدد باندثار الأراضي الزراعية وقنوات الري وتتسبب بحوادث مرورية بسبب عدم وضوح الرؤية”.

وتابعت، أن “هكذا مشاريع تتعامل مع مساحات واسعة، لذلك نحتاج إلى أموال ضخمة، وقد نفذنا العمل في ما يقارب المليون دونم من أصل 4 ملايين دونم، والأمر بحاجة إلى تكاتف جهود”.

وذكرت أن “المشروع الآخر هو إنشاء واحات صحراوية مقرها في الانبار”، مشيراً إلى أن “الدائرة نفذت 35 واحة، لخلق مرتكزات تنموية في الصحراء وتشجيع الاستثمار هناك”.

حزام أخضر حول صلاح الدين

وكشفت مديرية بيئة صلاح الدين، الثلاثاء 10 مايو (أيار)، عن دراستها مشروعاً لمكافحة التصحر وإنشاء حزام أخضر حول مدن المحافظة، وطالبت بتخصيص المبالغ لإنجاز ذلك.

وقال مدير بيئة صلاح الدين، محمد مجيد حمد، إن “هناك دراسة أعدتها المديرية، وقد تواصلنا مع دائرة الزراعة والموارد المائية ودائرة الغابات في وزارة الزراعة لمعالجة التصحر وإنشاء حزام أخضر حول مدن المحافظة”.

أما الأنبار، وهي أكبر المحافظات العراقية وتشكل نحو ثلث مساحة البلاد، فتتسع الأراضي الصحراوية فيها، ما يعرضها للعواصف الترابية، لذا تعمل المحافظة لزرع حزام أخضر حولها.

وبحسب مسؤولين في بيئة المحافظة، فإنه جرى تأهيل ثماني واحات من أصل 31 واحة، موجودة في المحافظة.

أحزمة خضراء سابقة

وقد أنشئ “الحزام الأخضر” قبل عقود، ضمن حملة نفذتها الدول العربية بمساعدة منظمة الأغذية والزراعة (الفاو). ومن أهدافه صد الرمال الصحراوية التي تجتاح المدن والأراضي الزراعية، والحد من الرياح الصحراوية. بيد أن الحرب العراقية الإيرانية (1980- 1988) أوقفت المشروع الذي كان في بداياته.

ويتكون “الحزام الأخضر” من أشجار الكالبتوس والصفصاف والأثل وغيرها من الأنواع التي تتحمل الجفاف وملوحة الأرض. وتزرع المصدات بشكل متداخل في مناطق هبوب الرياح الصحراوية.

وتجددت فكرة إنشائه بعد عام 2003، إلا أنها اصطدمت بالتكلفة العالية. وأخذت محافظات عدة على عاتقها إنشاء حزام أخضر خاص بها للتقليل من الآثار البيئية الآتية من الصحراء.

ووسعت محافظة كربلاء، عام 2006، حزامها الأخضر عند حدودها الغربية مع الأنبار، بطول 80 كيلومتراً، غير أن بعض أجزائه تعرضت للتلف قبل أن يتبنى القائمون على العتبات الدينية في كربلاء المشروع.

الحد من العواصف الترابية

يشدد عميد المعهد الأميركي للدراسات البيولوجية والصحية وأبحاث علوم نانوتكنولوجي، حيدر معتز محيي، على أهمية الواحات في تثبيت الكثبان الرملية وللحد من العواصف الترابية.

ويضيف محيي، أن “الواحات تعتبر منطقة خصبة للزراعة نظراً لوجود المياه فيها، وتتكون من المياه الجوفية، وهي عادة ما تتكون بصورة طبيعية أو من صنع الإنسان، وتنتشر في العراق واحات عديدة”.

ويلفت إلى أن “وجود الواحات يساعد على التشجير ويقلل من الآثار البيئية لمنع تلوث الهواء، فالعراق يقع ضمن المدار المناخي الجاف وشبه الجاف لجنوب غربي آسيا”.

ويلفت إلى أن “الحزام الأخضر مشروع دولي وطني يخلصنا من التمدد الصحراوي وكثرة العواصف الترابية وأضرارها البيئية والاقتصادية والصحية، فهذا التمدد يقضي على التنوع الإحيائي في المنطقة من النباتات والحيوانات وأن إنشاءه يكلف أموالاً طائلة”.

ويعتبر محيي أن “الحزام الأخضر خط دفاع ضد العواصف الترابية”، وأن “إنشاءه يجب أن يكون عند الحدود الغربية للعراق من شمال الموصل إلى جنوب البصرة، فهو مشروع تنموي يعيد هيكلة العراق مناخياً لتقليل حركة الكثبان الرملية ويوفر إطاراً بيئياً يقضي على التلوث”.

استنفاد المياه

ويحذر المتخصص في الزراعة عادل المختار من استنفاد المياه الجوفية في الحزام الأخضر، مضيفاً “نحن أمام مشكلة حقيقة، فبحيرة ساوة جفت، ومنسوب المياه الجوفية يتراجع بسبب أزمة المياه مع وجود خزين مائي في السدود يقل عن 20 مليار متر مكعب”.

ويلفت المختار إلى أن “الواحات تتطلب توفير المياه، مما يتطلب استخدام المياه الجوفية في وقت يمر العراق بوضع حرج نتيجة قلة المياه”.

ويذكر أنه في عام 2019 “خُزن 60 مليار متر مكعب، إلا أننا هدرناها بسبب سوء استخدام المياه، واليوم وصلنا إلى نقطة النهاية، والمخاوف أن يكون الشتاء المقبل جافاً. وإذاً استنفدنا مخزوننا من المياه فإن المياه الجوفية هي الحل المتبقي، ويجب ألا نجازف بها في إنشاء الواحات لزراعة الأشجار، التي تتطلب رياً مستمراً”.

ويعتبر المختار أن “هذه القرارات متسرعة في ظل نقص المياه، وهي للاستهلاك الإعلامي فيما يواجه العراق أوضاعاً صعبة”.

المصدر / اندبندت عربية

اترك تعليقاً