السيمر / فيينا / الجمعة 21 . 10 . 2022 —— يعيش لبنان قلقا خشية تفشي وباء الكوليرا بعد رصد أكثر من مئتي حالة إصابة معظمها في مخيمات اللاجئين السوريين، الذين يعانون بالفعل من نتائج الإنهيار الاقتصادي وما تسبب به من انقطاع الوصول إلى المياه النظيفة وإرهاق المستشفيات.
وقال وزير الصحة اللبناني فراس أبيض اليوم الجمعة إن لبنان تلقّى وعدا بتأمين جرعة أوّلية من لقاح الكوليرا خلال 10 أيام، إضافة إلى العمل على تأمين نحو 600 ألف جرعة على الأقل، من خلال منظمة الصحة العالمية “لاستعمالها إن كان من قبل النازحين أو اللبنانيين”.
وسجّل لبنان أول حالة إصابة بالكوليرا في أوائل أكتوبر/تشرين الأول، وهي المرة الأولى منذ 30 عاما. أما الآن، فهناك ما لا يقل عن 220 حالة إصابة وخمس وفيات.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن لبنان هو أحدث بلد يتفشى فيه المرض، الذي بدأ ينتشر في أفغانستان في يونيو/حزيران الماضي، ثم امتد إلى باكستان وإيران والعراق وسوريا.
وتم الإبلاغ عن أكثر من 13 ألف حالة مشتبه بها في سوريا، بما في ذلك 60 حالة وفاة، وفقا لمكتب منظمة أطباء بلا حدود في سوريا.
وتنتشر الكوليرا عادة من خلال المياه أو الطعام أو الصرف الصحي الملوث. ويمكن أن تسبب الإسهال الشديد والجفاف، ويمكن أن تؤدي إلى الموت إذا ترك المصاب من دون علاج.
وقال أبيض للصحفيين في وقت سابق إنه بالرغم من تسجيل معظم الحالات بين اللاجئين السوريين في مخيمات شمال لبنان، إلا أن هناك “زيادة في الحالات بين اللبنانيين”.
كما تم الإعراب عن القلق بشأن حالة الممرات المائية في سهل البقاع شرقي لبنان، حيث يقع نهر الليطاني بالقرب من عدد كبير من مخيمات اللاجئين، حيث من المحتمل أن تنتشر الكوليرا في البنية التحتية للمياه المتدهورة بالفعل في البلاد.
وقال أبيض إن الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ ثلاث سنوات ساهمت جزئيا في تفشي المرض.
وأفادت قناة الميادين التلفزيونية قبل أيام، أن محطات ضخ المياه في المناطق التي ينتشر فيها الكوليرا كانت معطلة، مما ترك المياه المستعملة لتظل ملوثة ثم أعيد إدخالها في نظام المياه، مما زاد من انتشار المرض.
وكانت شبكة قنوات المياه في عموم لبنان، وليس فقط في المخيمات، غير آمنة للشرب دون معالجة، ولكن مع استنزاف خزائن الدولة بسبب الركود، لا يوجد وقود كاف لتشغيل محطات المياه التي تديرها الحكومة.
وقال أبيض إن المياه الراكدة تتلوث بسهولة بينما تواجه الأسر نقصا فيها.
“سنصاب في أقرب وقت”
ويعتمد اللاجئون السوريون في لبنان على وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، لنقل المياه بانتظام بالشاحنات لملء الآبار خارج خيامهم وتنظيف حاويات الصرف الصحي.
لكن سكان مخيم إدريس في قب الياس، يقولون إن هذه الخدمات أصبحت أكثر ندرة، مما أثار مخاوف من حدوث فيضان للمياه القذرة.
وقالت أمل، وهي امرأة سورية تعيش في المخيم “كانت المياه القذرة تغمر المخيم عندما تفيض حاويات الصرف الصحي”.
وأضافت “إذا لم تكن الكوليرا انتشرت في المخيم بعد، فأنا متأكدة من أننا سنصاب بها في أقرب وقت”.
“نظام الصرف الصحي”؟
وقد رصدت سبع حالات في منطقة قب الياس، لكن وزارة الصحة لم تحدد عدد السوريين من بينهم والمخيمات التي تعرضت للمرض.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن مخيمات اللاجئين مناطق “معرضة للخطر”، بالنظر إلى عدم توفر المياه النظيفة والصرف الصحي.
وقالت اليونيسف في 14 أكتوبر/تشرين الأول إنها ستبدأ في توصيل المزيد من المياه للمخيمات، وإنشاء محطات لغسل اليدين بالماء المعالج بالكلور، وإجراء جلسات توعية.
كما قامت وكالة الأطفال التابعة للأمم المتحدة في لبنان بتأمين الوقود في حالات الطوارئ لتشغيل محطات ضخ المياه في الشمال، وأوقف تدفق المياه الملوثة إلى الساحل. لكنها قالت إنها بحاجة إلى 29 مليون دولار لتمويل أنشطة مكافحة الكوليرا على مدى ثلاثة أشهر.
وإلى جانب أمل، لم يسمع أي من اللاجئين الذين تحدثت إليهم رويترز بتفشي المرض. قالت فاطمة حسين، أم سورية لتسعة أطفال، إنها لا تعرف ماهية الكوليرا.
“نظام الصرف الصحي”؟ قالت حسين عندما سُئلت عن المياه النظيفة، وحكت كيف فاض المرحاض في خيمتها مرات لا تحصى.
وقالت إنها ضبطت ابنتها الصغرى تشرب من بئر في المخيم، وهي تخشى من أن تكون مياه الصرف الصحي صبت في البئر.
“إذا حدث شيء لابنتي، فلن أعرف ماذا أفعل”.
وقال معظم اللاجئين الذين تحدثت إليهم الوكالة، إنهم دفعوا ثمن مياه الشرب المعبأة بأنفسهم. ولكن مع الارتفاع الكبير في الأسعار بسبب التضخم المفرط، فقد يصبح ذلك قريبا باهظ التكلفة.
وقال المدير القطري لمنظمة الصحة العالمية عبد الناصر أبو بكر لرويترز، إن الكوليرا تشكّل “خطرا كبيرا جدا” على لبنان وإنه من المرجح انتقالها إلى دول أخرى.
وأوضح أبو بكر “تؤثر الآن على المزيد من اللاجئين السوريين، لكن عاجلا أم آجلا سنشهد المزيد من الحالات بين اللبنانيين. لا أحد في مأمن ما لم يكن الجميع آمنين”.
خارج لبنان أيضا
وتم الإبلاغ عن تفشي وباء الكوليرا لأول مرة في المنطقة في عدد من المحافظات السورية منذ عدة أسابيع.
كما دفع الوضع الحكومة الأردنية إلى تقييم مستويات نظافة المياه، حسبما أفادت قناة المملكة التلفزيونية الحكومية في البلاد.
وذكرت القناة أنه لم يتم الكشف عن أي تهديد فوري، حيث أعلن المركز الوطني للأوبئة والأمراض المعدية نهاية سبتمبر/أيلول الماضي أن الوضع في الأردن “مطمئن حتى الآن”.
بينما، كثّفت السلطات الأردنية عمليات التفتيش على المنتجات الزراعية القادمة من سوريا ولبنان عند معبر جابر نصيب على الحدود السورية الأردنية، وفق قناة المملكة.
المصدر / بي بي سي