السيمر / فيينا / السبت 10 . 12 . 2022 —— أعلنت السلطات في ألمانيا أن من بين الأشخاص الذين اعتقلوا الأربعاء بتهمة التخطيط للإطاحة بحكومة البلاد في انقلاب عسكري أعضاء في حركة “مواطني الرايخ” (Reichsbürger) المتطرفة.
ويُقال أن المشتبه بهم كانوا يريدون تنصيب الأمير هاينريش الثالث عشر، 71 عاما، الذي ينحدر من إحدى أسر النبلاء الألمانية القديمة، كزعيم جديد للبلاد.
وفي الأعوام الأخيرة، لفتت هذه الحركة انتباه السلطات، حيث يرفض أعضاؤها الاعتراف بدولة ألمانيا الحديثة، كما تم اتهامهم بتنفيذ أعمال عنف واعتناق أفكار عنصرية ونظريات مؤامرة. فما هي حركة مواطني الرايخ؟
العقيدة والحجم
لا يعترف أعضاء الحركة بوجود جمهورية المانيا الاتحادية التي ابصرت النور في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ولا يعترفون بأي حكومة في البلاد منذ انتهاء الحكم النازي.
ويروج بعضهم لنظرية مؤامرة مفادها أن ألمانيا الحديثة مستعمرة أمريكية، أو مجرد منطقة إدارية تابعة لقوى غربية هي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا.
يجمع أعضاء الحركة على فكرة أن حدود الإمبراطورية الألمانية لعام 1871 لا تزال هي الحدود الشرعية للبلاد، وأن قوات الحلفاء التي هزمت النازيين خلال الحرب العالمية الثانية تحتل أجزاء من ألمانيا.
تتشكل الحركة من جماعات صغيرة وأفراد، وتنشط بالأساس في ولايات براندنبورغ، وميكلينبورغ فوربومرن، وبافاريا.
فضلا عن عدم اعتراف أعضاء الحركة بشرعية سلطات الحكومة الفدرالية الألمانية، فإنهم يرفضون كذلك دفع الضرائب.
ويقوم بعض أعضاء الحركة بطبع جوازات سفر ورخص قيادة خاصة بهم، مكتوب عليها “الرايخ الألماني”، غير مكترثين بأن السلطات الألمانية لا تعترف بها وتعتبر هذا الفعل مخالفا للقانون. بل إنهم أعلنوا بكل فخر نيتهم “مواصلة المعركة ضد جمهورية ألمانيا الاتحادية”.
كما أن بعض أعضاء الحركة يعتنقون أفكارا يمينية متطرفة ومعادية للسامية. وكانت صحف إسرائيلية قد أشارت إلى أن عدة أشخاص ممن ينتمون للحركة ينكرون المحارق النازية ويزعمون أن اليهود يسيطرون على العالم.
وقبل بضعة أعوام، كانت هناك تقارير إعلامية أشارت إلى أن فصيلا من الحركة شكل ما سماه “حكومة الرايخ الألماني في المنفى”، ووصف أحد أعضاء الفصيل نفسه بأنه “ملك ألمانيا”، وأقام حفل “تنصيب” كبير.
وكان مكتب حماية الدستور قد أعلن قبل سنوات أنه يراقب أنشطة مواطني الرايخ رسميا، وسط تقارير أفادت بأن الحركة ربما تضم أعضاء من حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف.
وقد أعلن المكتب، وهو بمثابة وكالة الاستخبارات الداخلية في ألمانيا، أن عدد أعضاء الحركة يقدر بنحو 21 ألف عضو، من بينهم 5 في المئة مصنفون بوصفهم يمينيين متطرفين – وهي زيادة ضخمة تبلغ أكثر من الضعف مقارنة بتقديرات عام 2016 التي أشارت آنذاك إلى أن العدد كان يبلغ حوالي 10 آلاف.
غالبية أعضاء الحركة ذكور، وتتجاوز أعمارهم الـ 50 عاما في المتوسط. وقد وصفهم أحد القضاة في مقاطعة ساكسونيا أنهالت بأنهم “مؤمنون بنظريات المؤامرة” و “متذمرون ساخطون”.
ما مدى خطورة مواطني الرايخ؟
الحركة متواجدة منذ ثمانينيات القرن الماضي، ولطالما كان ينظر إلى أعضائها على أنهم مجرد مجموعة من الأشخاص غريبي الأطوار.
بيد أن الحركة بدأت تلفت انتباه السلطات الألمانية في الأعوام القليلة الماضية بعد أن بات سلوك أعضائها أكثر عنفا وعدوانية، وأكثر نزوعا لتخزين الأسلحة واستخدامها.
فقد عثرت الشرطة على مستودعات للأسلحة والذخيرة أثناء عمليات تفتيش لمنازل أعضاء الحركة. كما أن عددا لا بأس به من الأعضاء هم جنود سابقون -بينهم جنود سابقون بالقوات الخاصة – ومن ثم بات مواطنو الرايخ يشكلون خطورة كبيرة على البلاد برأي السلطات.
وقد نفذ أتباع الحركة في الأعوام الأخيرة هجمات ضد الشرطة خلال مداهمات لمنازلهم، متعللين بأن من حقهم الدفاع عن ممتلكاتهم.
في عام 2016، أطلق عضو بحركة مواطني الرايخ النار على ضباط شرطة فقتل أحدهم وأصاب 3 آخرين بجراح خلال مداهمتهم منزله لمصادرة ترسانته المكونة من 30 سلاحا ناريا كان قد جمعها بطريقة غير شرعية.
في العام ذاته، قام “ملك جمال ألمانيا” السابق والعضو بالحركة، أدريان أورساخي، بفتح النار على الشرطة بينما كانت تحاول تنفيذ أمر بنزع ملكية منزله، ما أدى إلى إصابة بعض من أفرادها بجراح.
وفي عام 2020، كان هناك عدد من أعضاء حركة مواطني الرايخ ضمن المتظاهرين ضد القيود المفروضة في البلاد لمنع تفشي وباء كوفيد-19 والذين حاولوا اقتحام مبنى البرلمان الألماني.
وقد أعلنت السلطات الألمانية أن أعضاء بالحركة كانوا من بين الأشخاص الـ 25 الذين ألقي القبض عليهم الأربعاء بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.
وأشارت السلطات إلى أن المجموعة كانت تعتزم تشكيل حكومة انتقالية يعهد إليها مهمة التفاوض بشأن نظام جديد للدولة الألمانية مع قوات التحالف المنتصرة في الحرب العالمية الثانية ولا سيما روسيا.
ويُزعم كذلك أن المجموعة كانت تنوي إنشاء ذراع عسكري لها بهدف تفكيك الهيئات الديمقراطية على المستوى المحلي.