الرئيسية / مقالات / “كانت مثل الجنة”: تقرير بريطاني عن الاهوار العراقية المهجورة من أهلها (صور)

“كانت مثل الجنة”: تقرير بريطاني عن الاهوار العراقية المهجورة من أهلها (صور)

السيمر / فيينا / الثلاثاء 24 . 01 . 2023

نشرت صحيفة “الجارديان” تقريرا معززا بالصور يتناول الأحوال التي آلت إليها الاهوار وسكانها، مشيرة الى انها “كانت مثل الجنة”، لكن ازمة المناخ دمرتها الان. 

وذكرت الصحيفة البريطانية في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز؛ أن سكان اهوار الحويزة في جنوبي العراق، يتمتعون بتاريخ قديم من الحياة في أكثر الأراضي المائية تنوعا في العالم، مضيفة ان المنطقة اصبحت شبه صحراوية بسبب ازمة المناخ، حيث أن الجفاف والسدود التي صنعها البشر، دمروها، واصبحت الاف العائلات مضطرة الى النزوح عنها.

واوضح التقرير ان اهوار الحويزة، حيث يلتقي نهرا دجلة والفرات، كانت مأهولة بالسكان منذ أكثر من 5 آلاف عام، وآخرهم كانوا عرب الاهوار، الذين عاشوا على الزراعة والأسماك والصيد. 

وتابع قائلا ان الجفاف الطويل ودرجات الحرارة المرتفعة، بالاضافة الى السدود التي جرت إقامتها في المنابع داخل تركيا وايران، جعلت هذا المشهد الطبيعي الفريد من نوعه، بلا مياه تذكر. 

واشار التقرير الى ان الاهوار تحولت الى مجاري ضحلة، ولا تتوفر مياه كافية من أجل الحفاظ على سبل عيش أهلها، حيث اضطر العديد من عرب الاهوار الى مغادرة المنطقة، للاقامة عند اطراف المدن في محاولة منهم لإنشاء حياة جديدة لهم. 

وتناول التقرير قصة عبد الوليد عبدالله ( 50 عاما) الذي كان يحدق من نافذة منزله حيث عاش وزوجته ليلى جبار حسن (45 عاما)، وسبق لاسرته ان عاشت طوال أجيال على الارز والخضروات التي كانوا يزرعونها في اهوار الحويزة، الى جانب الجواميس التي كانوا يرعونها. ونقل التقرير عن عبدالله قوله الاهوار كانت “مثل الجنة”، مشيرا إلى أن بإمكان العائلة أن تكسب مليون دينار (550 جنيه استرليني) من كل حصاد، إلا أنه بعدما جفت المياه، احتضرت الأشجار. 

ويقول عبدالله “الان لم يعد هناك المزيد من الزراعة. اضطررت ان اوقف كل شيء، وبما انه لا وجود للمطر او الماء، فانه من المستحيل ان تزرع”.

ولفت التقرير إلى أن العائلة تخلت عن مزرعتها وتوجهت الى بلدة المشرحة بحثا عن فرص عمل، وصاروا يعيشون في الضواحي في مساكن فقيرة، حيث يعمل عبدالله الان بوظيفة حارس في مشروع مهجور لاعادة تدوير المياه تديره الحكومة، ويحقق دخلا شهريا قيمته 400 الف دينار. 

ونقل التقرير عن عبدالله قوله “الآن يسيطرون علينا، ويدفعون لنا راتبا، الا أننا خسرنا حريتنا، غير أننا بحاجة لنقوم بذلك، ومهما كان شعورنا فعلينا أن نحمد الله على كل شيء”. 

وذكر التقرير ان عائلة عبدالله تكافح مثلها مثل جيرانهم، ويقول عبدالله “كنا مثل الملوك في السابق، ولدينا ارض خضراء واشجار كثيرة، الا ان الوضع اختلف الآن، وأصبحنا نحظى باحترام أقل”. 

اما زوجته، ليلى، فيقول التقرير عنها انها تفتقد الحياة في المرزعة التي تخلوا عنها، وقالت “لقد تعودنا ان نكون اقوياء. شعرنا بالاهمية بعد ذلك. وهنا، نحن لسنا كذلك”. 

ولفت التقرير الى ان ليلى اصبح لديها للمرة الاولى وظيفة مدفوعة الأجر كمدبرة منزل، مضيفا أنه كان من المحرمات بالنسبة لنساء الاهوار، العمل خارج المنزل، إلا أنها تكسب الان 500 الف دينار شهريا، أي أكثر من زوجها. 

كما تناول التقرير قصة عبدالله خالد (66 سنة) وهو معلم لغة عربية، اختبر في مدرسته في ابو الخصيب، خارج البصرة، كيف أن أزمة المناخ أثرت في فصله الدراسي وفي مزرعته حيث اصيبت ارضه بالجفاف، واكتظت فصوله الدراسية بالاطفال من العائلات النازحة بسبب ازمة المناخ. 

ولفت التقرير إلى ان القاعة الدراسية كانت تضم 25 طالبا، أصبحت الآن تضم 85 طالبا. وقال خالد متسائلا “كيف يمكننا التعامل مع هذا كأساتذة؟.. أنه وضع مرهق ، لكن لا يمكننا أن نتخلى عن هؤلاء الأطفال”.

أما زينب (45 سنة) التي تعمل في كشك تجاري، فقد نقل التقرير عنها قولها إن الأرض التي كانت تعيش فيها تحولت الآن الى “ما يشبه الصحراء”. ولفت التقرير إلى أن زينب تعيش مع أطفالها السبعة ويتحتم عليها العمل من اجل اعالة اسرتها لأن زوجها مريض. وتقول زينب “انا مجبرة على العمل، وإذا جلست في المنزل، فلن يكون هناك طعام، لا يوجد حل اخر”. 

ومن جهته، يقول ستار جبار (52 سنة) وهو عاجز عن العمل ويعتمد على ابنه لاعالة الاسرة، ان “الاهوار مثل الجنة.. كنا نشعر كأننا ملوك، واي شيء نحتاجه كنا نحصل عليه، وكان الناس يأتون من المدينة لزيارة أرضنا والحصول على الراحة وتنفس الهواء النقي، والان اصبح الوضع معكوسا”. واوضح جبار ان “بعض الناس يشعرون بالاكتئاب عند الانتقال الى المدينة. حيث لا يوجد عمل ولا طعام”. 

وبالنسبة الى ابنه، أحمد (24 سنة) فقد نقل التقرير عنه القول إنه “عندما كانت الحياة جيدة في الاهوار، كان الناس يأتون إلينا في منزلنا ويعرضون علينا العمل، وكنا نضحك ونبتسم لهم فقط، اذ لماذا نحتاج هذه الوظائف؟، فقد كنا سعداء على أرضنا ولدينا كل شيء”. 

وتابع احمد قائلا “لم نكن نعتقد اننا سنحتاج الى وظائفهم ابدا، ونشعر بالخيبة لأن نكون الجيل الأول في هذه الحياة”. 

واشار التقرير الى قصة غالب عمون (50 سنة) الذي وصفه بانه اخر المزارعين الذين غادروا الاهوار حيث امضى حياته كلها هنا في الصيد وتربية الجواميس، مثلما اعتادت عائلته ان تفعل منذ سنوات. 

ويقول عمون “انا على وشك المغادرة مع كل الآخرين”، مشيرا الى برك من المياه على الأراضي الجافة، مشيرا الى ان “كل صيف يصبح أكثر سخونة من قبل ولا تتساقط الأمطار بكميات كما في السابق”. واضاف ان شح المياه يدمر الزراعة وصيد الأسماك، مشيرا الى ان الجاموس عندما يحصل على ما يكفي من المياه، فإنه تدر 30 لترا من الحليب، ولكن من دون المياه، تصبح 10 لترات. 

وقال عمون “اذا لم تهطل الامطار هذا العام، فأنا اشك في ان يكون هنا أي شخص في العام المقبل”. 

ترجمة: وكالة شفق نيوز

اترك تعليقاً