الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / المسجد الأقصى: اشتباكات لليلة الثانية بين الشرطة الإسرائيلية وعشرات المصلين المتحصنين داخله
مصلون يصلون في باحات الحرم.

المسجد الأقصى: اشتباكات لليلة الثانية بين الشرطة الإسرائيلية وعشرات المصلين المتحصنين داخله

السيمر / فيينا / الخميس 06 . 04 . 2023 

اقتحمت الشرطة الإسرائيلية لليلة الثانية ساحات المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة صباح الخميس لتخلي فلسطينيين قالت إنهم “تحصنوا داخله”، وهو ما أدى إلى اندلاع اشتباكات بين الشرطة وعشرات المصلين الفلسطينيين الذين تحصنوا داخل المسجد.

وقال الجيش الإسرائيلي إن نشطاء فلسطينيين أطلقوا صواريخ يوم الخميس على جنوب إسرائيل لليوم الثاني، بعد أن أدت مداهمة الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى إلى إطلاق النار عبر الحدود، مما أثار مخاوف من مزيد من التصعيد.

وأفادت تقارير بدخول عشرات اليهود، صباح اليوم الخميس، ساحات المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، تحت حراسة مشددة من جانب القوات الإسرائيلية، وذلك في إطار الاحتفالات بعيد الفصح اليهودي، الذي يستمر حتى يوم الأربعاء المقبل.

وكثفت عناصر الشرطة والوحدات الخاصة الإسرائيلية انتشارها في باحات المسجد، لتأمين جولات اليهود، بينما قالت مصادر فلسطينية إن الشرطة الإسرائيلية، منعت مئات المصلين من الرجال المسلمين تحت سن الأربعين، من أداء صلاة الفجر في المسجد الأقصى٬ واضطرهم هذا للصلاة على بواباته، وفي أزقة البلدة القديمة بالقدس.

وكانت منظمات يهودية، من بينها منظمة “أمناء جبل الهيكل”، قد دعت إلى تنظيم زيارات جماعية وواسعة إلى الأقصى خلال عيد الفصح اليهودي.

وكانت مصادر فلسطينية قد اتهمت القوات الإسرائيلية باقتحام المسجد خلال الليلتين الماضيتين، مما أدى إلى وقوع مواجهات مع أعداد من المصلين. وأشارت المصادر إلى أن ذلك أوقع إصابات بين الفلسطينيين، بجانب اعتقال عدد منهم.

وفي الوقت نفسه، قال الجيش الإسرائيلي إن سبع قذائف صاروخية أطلقت فجر اليوم الخميس من قطاع غزة صوب إسرائيل، مشيرا إلى أن خمسا منها انفجرت في الهواء، واتجهت اثنتان أخريان صوب البحر، وأن منظومة القبة الحديدية لم تفعل”.

ولم ترد أنباء عن سقوط ضحايا في الهجوم الصاروخي في الصباح الباكر من قطاع غزة المحاصر الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وكانت الشرطة الإسرائيلية قد دهمت الأربعاء المسجد الأقصى في القدس، بؤرة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وأثار الاقتحام، الذي وقع خلال شهر رمضان وعشية عيد الفصح اليهودي، إدانة واسعة النطاق في العالم العربي وقلقا لدى البيت الأبيض.

وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعقد جلسة مغلقة الخميس لبحث المداهمة التي قالت السلطات الإسرائيلية إنها محاولة لمنع العنف من خلال ما تزعم أنه “تطهير” الجماعات المتحصنة بالداخل التي تستخدم الأسلحة والحجارة والمفرقعات للتخطيط لخرق السلام، على حد وصفها.

وأصيب ما لا يقل عن 12 فلسطينيا بجروح، وانتشرت صور لجنود يضربون المصلين داخل ثالث أقدس المواقع الإسلامية، على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأطلق نشطاء في غزة صواريخ على إسرائيل بعد فترة وجيزة من ذلك، مما أثار ضربات جوية إسرائيلية.

جنود إسرائيليون.

ماذا قالت إسرائيل؟

كانت الشرطة الإسرائيلية قد قالت إنها نفذت عملية الاقتحام بعد أن تحصن من وصفتهم بـ”المحرضين” داخل المسجد وقاموا برشق الشرطة بالمفرقعات النارية والعصي والحجارة، على حد وصفها.

وأضافت الشرطة في بيان لها بأنها “اعتقلت وأبعدت أكثر من 350 شخصا تحصنوا بعنف” داخل المسجد الذي يقع في البلدة القديمة من القدس.

وقد دخل العشرات من اليهود الأربعاء إلى باحات المسجد الأقصى، في أول أيام عيد الفصح اليهودي، تحت حراسة مشددة من الشرطة الإسرائيلية.

وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس إن اليهود دخلوا إلى الأقصى على شكل مجموعات، تضم كل واحدة منها 50 شخصا، ونفذوا جولات في ساحات الحرم، وتلقوا شروحا عن “الهيكل”، وأدوا طقوسا تلمودية في الجهة الشرقية من الساحات وقبالة قبة الصخرة، قبل أن يغادروا المكان من جهة باب السلسلة.

وتوالت ردود الفعل الدولية والعربية على اقتحام قوات الشرطة الإسرائيلية لحرم المسجد الأقصى والاشتباكات التي اندلعت بعد ذلك بين الشرطة وعشرات الفلسطينيين، والتي تراوحت بين التعبير عن القلق والإدانة.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الوضع نجم عن قيام من وصفهم بـ “المتطرفين” بالتحصن داخل المسجد وبحوزتهم أسلحة وحجارة ومفرقعات نارية.

وقال في بيان إن “إسرائيل ملتزمة بالحفاظ على حرية العبادة وبالدخول الحر لجميع الديانات وعلى الوضع الراهن في جبل الهيكل، ولن تسمح للمتطرفين العنيفين بتغيير ذلك”.

وقالت مصادر فلسطينية إن 14 شخصا أصيبوا بعد أن استخدمت الشرطة قنابل الصوت والرصاص المطاطي لإخلاء المجموعة المتحصنة.

وأطلقت تسعة صواريخ على الأقل من قطاع غزة في وقت لاحق على إسرائيل، وسمع دوي صفارات الإنذار بالقرب من سديروت.

وقال الجيش الاسرائيلي إنه اعترض خمسة صواريخ و”سقطت أربعة أخرى في مناطق مفتوحة”.

ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن إطلاق النار حتى الآن، لكن يعتقد أن حركة حماس وافقت على إطلاق النار.

ومع ذلك، لم تعلن حماس ولا حركة الجهاد الإسلامي المدعومة من إيران مسؤوليتها عن الهجمات، التي تبنتها بدلاً من ذلك الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ولجنة المقاومة الشعبية.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يحمل حماس المسؤولية عن جميع الهجمات من غزة.

وحذر نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري من أن “الاعتداء على المقدسات الإسلامية سيكون له ثمن باهظ، وسنحرق الأرض تحت أقدامهم (الإسرائيليين)”.

وقال الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق إن طائراته الحربية استهدفت مواقع النشطاء.

آثار ما حدث في الداخل.

الرئاسة الفلسطينية حذرت من عواقب ما يحدث.

كيف بدأت الاشتباكات؟

بدأت الاشتباكات في القدس الشرقية المحتلة بعد أن تحصن عدد من المصلين الفلسطينيين في المسجد بعد صلاة التراويح.

وتظهر اللقطات التي صورت من داخل المسجد المفرقعات النارية التي أطلقها متحصنون.

وقالت الشرطة الإسرائيلية إن المتحصنين رشقوها بالحجارة، مما أدى إلى إصابة ضابطي شرطة.

ويظهر مقطع فيديو آخر أفراد الشرطة الإسرائيلية وهم يضربون فلسطينيين بالعصي.

وقال الهلال الأحمر الفلسطيني في وقت لاحق إن القوات الإسرائيلية منعت مسعفيه من الوصول إلى المسجد.

وكان نشطاء فلسطينيون قد دعوا في وقت سابق المسلمين إلى التحصن في المسجد وحمايته بعد ورود تقارير تفيد بأن المصلين اليهود يريدون ذبح قرابين من الماعز في الحرم بمناسبة عيد الفصح الذي يبدأ الأربعاء.

ودعت حماس الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى “التوجه جماعيا للمسجد الأقصى للدفاع عنه”.

ونقلت وكالة رويترز عن شاهد عيان يدعى فهمي عباس، وهو أحد المصلين في المسجد قوله إن الشرطة أطلقت “في ساحة الجزء الشرقي من المسجد الأقصى الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، إن المشهد لا أستطيع وصفه”.

وأضاف: “اقتحمت الشرطة داخل المسجد وبدأت في ضرب الجميع. واحتجزوا الناس ووضعوا الشباب على الأرض واستمروا في ضربهم”.

أما الشرطة الإسرائيلية فقالت: “بعد العديد من المحاولات المستمرة لإزاحة أفراد من المسجد باستخدام الحوار، اضطرت الشرطة إلى دخول المجمع لإخراج الأفراد”.

وأضاف بيان الشرطة “تعرض أفراد الشرطة طوال فترة وجودهم في المجمع، إلى إلقاء الحجارة وتفجير العديد من المفرقعات النارية داخل المسجد على يد العديد من المخالفين للقانون ومثيري الشغب”.

وأفادت الشرطة بإصابة اثنين من أفرادها.

زوار يهود في عيد الفصح

وقال وزير الأمن القومي المتشدد ايتمار بن غفير في بيان “أدت الشرطة عملا جيدا”.

وكان الآلاف من المصلين الفلسطينيين قد قضوا ليل الثلاثاء في المسجد، وسط مخاوف من اشتباكات محتملة مع زوار يهود للموقع، الذي يقدسونه والذي يقولون إنه جبل الهيكل، موقع المعبدين القديمين لليهودية.

وبموجب ترتيب “الوضع الراهن” الطويل الأمد الذي يحكم المنطقة، الذي تقول إسرائيل إنها تحافظ عليه، يمكن لغير المسلمين زيارة المنطقة ولكن يُسمح فقط للمسلمين بالصلاة في المسجد.

ولكن الزوار اليهود بدأوا في أداء الصلاة بصورة متزايدة بشكل علني في الموقع في تحد للقواعد.

وقد تصاعد التوتر في بداية هذا العام بين الجانبين وأودى الصراع بحياة أكثر من 90 فلسطينيا و15 إسرائيليا.

وشهد الحرم الشريف في البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، اشتباكات وأحداث عنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لا سيما خلال شهر رمضان، الذي يجتذب عشرات الآلاف من المصلين إلى الأقصى.

وتأتي أحداث العنف الجديدة في منتصف شهر رمضان تقريبا في الوقت الذي يستعد فيه اليهود للاحتفال بعيد الفصح اعتبارا من مساء الأربعاء.

ولا تزال إسرائيل تعاني من أسابيع من التوتر الداخلي بشأن خطط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتنازع عليها بشدة لكبح سلطات المحكمة العليا، وزادت الاشتباكات الجو السياسي المحموم بالفعل حدة.

وخلال العام الماضي نفذت القوات الإسرائيلية آلاف الاعتقالات في الضفة الغربية وقتلت أكثر من 250 فلسطينيًا، بينما قُتل أكثر من 40 إسرائيليا وثلاثة أوكرانيين في هجمات فلسطينية.

الشرطة الإسرائيلية تعتقل فلسطينيا

ردود الفعل

أعربت الولايات المتحدة عن “قلقها البالغ” إزاء العنف الذي اندلع داخل المسجد الأقصى.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي جون كيربي إن الولايات المتحدة حثت جميع الأطراف على تجنب المزيد من التصعيد.

أما المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فقال إن الأخير “أصيب بالصدمة والفزع” من الصور التي رآها لقوات أمن إسرائيلية وهي تضرب الناس في المسجد.

من جانبها، أدانت الجامعة العربية الأربعاء ما وصفته باقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ومهاجمة المصلين والمعتكفين بداخله والقبض على نحو 400 فلسطيني.

وقد عقد المندوبون الدائمون للجامعة اجتماعا طارئا الأربعاء بدعوة من الأردن وبالتنسيق بين الجانبين المصري والفلسطيني.

وأصدر المندوبون بياناً حمل إسرائيل مسؤولية ما ينتج عن تلك “الجرائم والإجراءات التي تقوض حرية العبادة” في المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، بحسب بيان الجامعة.

كما دعا البيان إلى التنسيق بين الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لحماية القدس.

وسبق وأصدر الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط بيانا قال فيه إن هذه التصرفات التي وصفها بغير المسؤولة في الأماكن المقدسة تمس مشاعر ملايين المسلمين حول العالم خاصة في شهر رمضان.

كما أدانت مصر اقتحام قوات الأمن الإسرائيلية المسجد الأقصى فجر الأربعاء.

وطالبت وزارة الخارجية المصرية إسرائيل في بيان بالوقف الفوري لتلك الاعتداءات التي تروع المصلين، كما وصفت مصر هذه المشاهد بالبغيضة والمستنكرة.

ودانت السلطة الفلسطينية ما حدث ووصفت اعتداءات إسرائيل على المصلين بأنها “جريمة”.

وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس “نحذر الاحتلال من تجاوز الخطوط الحمراء في الأماكن المقدسة، الأمر الذي سيؤدي إلى انفجار كبير”.

ووصفت هيئة الوقف، وهي المنظمة الأردنية التي تدير المسجد الأقصى، تصرفات الشرطة بأنها “اعتداء صارخ على هوية ووظيفة المسجد كمكان عبادة للمسلمين وحدهم” بحسب تعبيرها.

المصدر / بي بي سي

اترك تعليقاً