السيمر / فيينا / الجمعة 14 . 04 . 2023
وداد عبد الزهرة فاخر*
مقدمة :
استندت طوائف المسلمين اجمع على فكرة ظهور المهدي كل حسب رؤاه استنادا لما توارد من أحاديث عن النبي الكريم وتناقله السلف من رواته وهي تقدر بأربعمائة حديث نبوي، فقد ذكر الحاكم في المستدرك ج4 ص58 بسنده : ( عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال:تملأ الأرض ظلماً وجورا فيخرج رجل من عترتي يملك الأرض سبعاً أو تسعاً فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً.). وجاء في الصواعق المحرقة ص98:( اخرج الروياني والطبراني وغيرهما – المهدي من ولدي وجهه كالكوكب الدري، اللون لون عربي والجسم جسم إسرائيلي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورا، يرضى بخلافته أهل السماء وأهل الأرض والطير في الجو يملك عشرين سنة.) .
لكن الطوائف الإسلامية تختلف في ولادتة فمن قائل انه ولد وسيخرج في آخر الزمان ، والدلائل على خروجه هي دلائل وعلامات الساعة، وهي نوعان:الدلائل الصغرى والدلائل الكبرى ، ولكون الساعة غير محددة كما تقول الآية الكريمة [الأعراف: 187] “لا تأتيكم إلا بغتة” وهو ما تقول الطائفة الشيعية . لكن طوائف أخرى تعتبره غير مولود أصلا وسيولد في أخر الزمان كما يقول بذلك أهل السنة والجماعة . وسبب ظهوره لإشاعة العدل في زمن كثر فيه الباطل كما تقول الروايات وكذلك ما روي عن قتادة في قوله تعالى: ( ليُظهِرَهُ عَلى الَّدينِ كُلَّه ) قال: « هو الأديان الستة : الذين آمنوا ، والذين هادوا ، والصابئين، والنصارى ، والمجوس ، والذين أشركوا . فالأديان كلّها تدخل في دين الإسلام ، والإسلام يدخل في شيء منها ، فإنّ الله قضى بما حكم وأنزل أن يُظهر دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون» . وقال القرطبي : « وقال السدّي : ذاك عند خروج المهدي ، لا يبقى أحد إلاّ دخل في الإسلام » – تفسير القرطبي – . وتستند الطائفة الشيعية على أحاديث أهل البيت في زمن الظهور والدلائل الموجودة في القرآن والحديث ومن ذلك قولهم (قوله تعالى : ” فَلا اُقْسِمُ بالخُنَّسِ * الجَوارِ الكُنَّسِ “.فقد ورد في الاَثر عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال : «إمام يخنُس سنةَ ستين ومائتين، ثم يظهر كالشهاب يتوقّد في الليلة الظلماء ، فإن أدركت زمانه قرّتْ عينك» . ) – أصول الكافي – .
ولكون معظم الأحاديث التي استند فيها الشيعة على كون المهدي هو من ولد فاطمة فلم يرد سوى حديث واحد عن كونه من ولد الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب وقد أخرجه أبو داود السجستاني في سننه قال : ” حُدِّثْتُ عن هارون بن المغيرة ، قال : حدثنا عمر بن أبي قيس ، عن شعيب بن خالد ، عن أبي إسحاق ، قال : قال علي رضي الله عنه ـ ونظر إلى ابنه الحسن ـ فقال : ( إنّ ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم ، يشبهه في الخُلُق ولايشبهه في الخَلْق) ” . وقد روج الحسنيين لمهدية محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى بن علي بن أبي طالب ” محمد ذو النفس الزكية ” ، الذي قتل على يد جيش المنصور هو وأخوه إبراهيم في ثورته الشهيرة ” ثورة ذو النفس الزكية ” في المدينة المنورة في 14 من رمضان 145هـ .
ولتأكيد كون أئمة المسلمين اثنا عشر ، ففي مسند أحمد بسنده عن مسروق قال : « كنا جلوساً عند عبد الله بن مسعود وهو يقرأ القرآن ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ! هل سألتم رسول الله صلى الله عليه وسلم كم يملك هذه الاَُمّة من خليفة ؟ فقال عبد الله : ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ، ثم قال : نعم ، ولقد سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : اثني عشر كعدة نقباء بني إسرائيل » . وهذا الحديث يخالف ما تعتقده الطائفة الإسماعيلية النزارية التي لا تزال الإمامة للآن تمتد فيها ليومنا هذا حيث يحتل ( كريم آغا خان ) منصب الإمام التاسع والأربعون منذ عام 1957 خلفا لجده (سلطان محمد شاه آغا خان ) ، والمولود في جنيف ، وخريج جامعة هارفارد ، و قضى معظم طفولتة في نيروبي بكينيا والحامل للجنسية البريطانية . وقد حجبت الإمامة عن والده ( علي آغا خان ) من قبل جده سلطان آغا خان لولع الأخير بسباق السيارات والوله بالفاتنات حيث تزوج في خمسينيات القرن الماضي الممثلة الشهيرة ريتا هيوارث ورزق منها بابنة هي ياسمين هي الأخت غير الشقيقة للآغا خان كريم ، وقد توفي علي آغا خان في حادث سيارة .
دعاة المهدية
كانت فكرة المهدية ولا زالت مطمع العديد من تجار الدين والحالمين بالسلطة من المغامرين والمشعوذين وحتى بعض المختلين عقليا ، وقد كان هناك مهديين كثر وقد أضفت الكيسانية صفة المهدية على ( محمد بن علي بن أبي طالب ) ، وهو أبو القاسم الهاشمي العلوي ، وأمه خولة بنت جعفر الحنفية ، وهي من سبي اليمامة في زمن أبي بكر – ت 81 هـ – . فقد ادعت الكيسانية تحول الإمامة إليه بعد استشهاد أخيه السبط الحسين بن علي بن أبي طالب الذي استشهد في كربلاء سنة – 61 هـ – . وقيل في وفاته انه اعتزل الناس في جبل رضوي بالطائف في حرب ابن الزبير وتوفي هناك ، لذلك قال احد شعراء الكيسانية وهو كثير عزة وهو من الشعراء العشاق وصاحب عزة:
ألا قل للوصي فدتك نفسي ….. أطلت بذلك الجبل المقاما
وعانوا فيك أهل الأرض طراً ….. مغيبك عنهم سبعين عاما
فما ذاق ابن خولة طعم موت …. ولا وارت له أرض عظاما
لقد أمسى بمردف شعب رضوى …. تراجعه الملائكة الكلاما
وقال أيضا :
ألا إن الأئمة من قريش ….. ولاة الحق أربعة ســواء
عليٌّ والثلاثة من بنيه هم ….. الأسباط ليس بهم خفاء
فســــبط سبط إيمان وبر ….. وســبط غـيـبـتـه كربلاء
وسبط لا تراه العين حتى ….. يقود الخيل يتبعها اللواء
كذلك ادعاه بني العباس كما روى الترمذي بسنده ( عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: ” تخرج من خراسان رايات سود، فلا يردها شيء حتى تنصب ” ) ، وهي في الحقيقة رواية لتأكيد مهدية ( المهدي العباسي ) محمد بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي المهدي – ت 169 هـ – ، وهي أيضا تستند على رواية أخرى للخطيب البغدادي في تاريخه وفي إسناده محمد بن مخلد التي تقول : عن (حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال لعمه العباس : «إنَّ الله ابتدأ بي الإسلام وسيختمه بغلام من ولدك وهو الذي يتقدم عيسى بن مريم». ) ، وهو ما ينفيه الشيعة استنادا لما ورد عن الامام علي بن ابي طالب (هو رجل منِّي ) . وفي الحقيقة فأن الرايات السود التي قدمت من خراسان كانت رايات أبو مسلم الخراساني سنة 132 هـ ، بعد اسقاطة للحكم الأموي وتأسيس الدولة العباسية – قتل عام 137 هـ – على يد أبو جعفر المنصور العباسي . ومن قبل ذلك أطلق الأمويون صفة المهدي على الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز – ت 101 هـ – وذلك لعدله وزهده وورعه وتقواه .
فهناك مهديون كُثُر ، أو مُتَمَهْدُوْن كثر . مثل: المهدي ابن تومرت ، في بلاد المغرب ، وهو مؤسس دولة الموحدين في المغرب .وهناك – أيضاً – المهدي السوداني ، وهو محمد ، أو أحمد بن عبد الله ، الذي قاد حركة المهدية التي لا تزال حزباً ، وجماعته قائمة في السودان إلى اليوم ، وكان يقول : إنه من آل البيت ، ويدَّعي أنه يأتيه الوحي ، وأن الرسول الكريم كلَّمه كفاحاً ، وأخبره أنه المهدي . وممن ادعى المهدية أيضا في شمال أفريقيا ( عبيد الله بن ميمون القداح ) – ت 322 هـ – وهو مؤسس الدولة الفاطمية التي أزالها من مصر بعدئذ وقضى على المذهب الشيعي فيها بحد السيف المملوك الفاطمي ( صلاح الدين الأيوبي ) يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان – ت 589 هـ – المدفون بدمشق الشام عند الجامع الأموي .
وهناك الكثير ممن ادعى المهدية منذ العصور الإسلامية الأولى لحد اليوم ومن جميع الملل ففي الهند ادعاها محمد بن يوسف الجونبوري، المتوفى سنة 910 هـ ، كذلك العديد من مشايخ الصوفية ، وآخر عرف عنه الادعاء بها ولا زالت فرقته موجودة للآن التي تدعى بـ ( القاديانية ) وهو الميرزا غلام احمد بن مرتضى القادياني، المتوفى سنة 1908م .
وآخر اشتهر في إيران وهو مدعي البابية أولا ثم المهدية والنبوة ثانيا وثالثا في مدينة شيراز في إيران سنة 1844م/1260هـ : علي بن محمد رضا الشيرازي المعروف ب«الباب»، والذي اعدم بفتاوى الفقهاء بعد محاكمته في سنة 1263 هـ ، ومن البابية ظهرت طائفة البهائية التي استقلت في تعاليمها كلية عن الإسلام وأسست دينا جديدا اسمه الدين البهائي ، وهم أتباع ميرزا حسين علي النّوري، الملقب ببهاء الله ونفي سنة 1868م إلى مدينة عكا في فلسطين حيث سجن في قلعتها ، وهو دين معترف به في العديد من الدول حاليا .
وفي الكويت ادعى ( الحسين بن موسى بن الحسين اللحيدي ) المهدية أيضا ، وترجع أصوله إلى قبيلة عنزة العدنانية ،
كنيته ” أبو عبد الله ” . كان في مرحلة شبابه يعيش مرحلة فسق وفجور ، كما يصفه أحد أتباعه بذلك ، توارى عن الأنظار لفترة ثم ظهر فجأة وعليه سمات الصالحين .. ولا أحد يعلم أين كان لمدة الخمس سنوات السابقة .. ثم أخذ في إلقاء الدروس الدينية في بيته ، ثم بدأ بعض الناس يفدون إليه ليقفوا على ما يقوله محبة في استطلاع أمره والوقوف على حاله .
ويورد أهل الحديث عن رسول الله انه قال ( رواه الشيخ المفيد في الارشاد قال فيه: «لا تقوم الساعة حتى يخرج المهدي (ع) من ولدي ولا يخرج المهدي (ع) حتى يخرج ستون كذابا كلهم يقول: انا نبي».) .
وقد خرج فعلا عدة كذابين مدعين المهدية ، أو مغامرين يبحثون عن الشهرة والجاه ، أو مشعوذين أو دجالين . وقد برزت ظاهرة المهدوية بوضوح بعد سقوط نظام البعث الفاشي في العراق حيث كانت العديد من العناصر الفاشلة أو المحبطة أو المغامرة تبحث عن مخارج لها من ظلم النظام الفاشي السابق فالتجأت للدين كمخرج لبعض طموحاتها ومغامراتها من دون تدين حقيقي ، مضافا لكل ذلك السعي الحثيث لبقايا ازلام النظام الفاشي لإعادة عجلة الزمن للوراء من خلال تخريب المجتمع العراقي بشتى الطرق ووضع العراقيل في طريق إعادة أعمار العراق من جميع النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية فاندست بين بعض التيارات والمجاميع والأحزاب الدينية وشاركت بحماس في ظهور تيارات وجيوش مهدوية عديدة على الساحة العراقية وهو ما يتعارض كليا مع الأحاديث الواردة عن الشيعة الإمامية حول ظهور المهدي وعدة جيش المهدي التي ورد إنها ( عدة أهل بدر ) ، وتقول الرواية الواردة عن أبي بصير عن أبي جعفر الباقر:( إن القائم عليه السلام يهبط من ثنية ذي طول في عدة أهل بدر – ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً – حتى يسند ظهره إلى الحجر الأسود ويهز الراية الغالبة) ، اعتمادا على الآية الكريمة ( أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً ) غيبة النعماني ص313 . لكن الذي ظهر من الجماعات المهدوية التي انتشرت انتشار النار في الهشيم كما يقال بعد يوم السقوط مباشرة في 9 نيسان 2003 ، ظهر غير ذلك فقد فوجئ العراقيين بمجاميع هائلة من مرتدي السواد المماثل للزي الذي كان يرتديه فدائيو صدام تبرز للوجود وتتحكم في الشارع العراقي بدون وجه حق ، وتضطهد الناس باسم الدين كل على هواه .
التحجج بفساد المجتمع سبيلا لخروج مدعي المهدية :
وللنكوص للخلف وتغليب الماضي على الحاضر لزيادة العمل في تخلف المجتمع العراقي وتطوره عملت المجاميع المهدوية على محاربة كل ما هو اجتماعي وإنساني وحضاري مستغلة الفراغ الأمني الذي حصل بعد حل الجيش والشرطة والقوى الأمنية في العراق ضمن قرارات الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر . فقد أخذت المجاميع المهدوية بالتزامن مع القوى الإرهابية الأخرى من فلول القاعدة المتحالفين مع بقايا البعث المنهار على تفكيك وتخريب النسيج العراقي ، حيث توجهت بكل طاقاتها لمحاربة مكونات أصيلة من المجتمع العراقي وإجبارها على ترك مواطنها الحقيقية كالصابئة المندائيين والكلدو – اشور ، والشبك والشيعة العراقيين بغية إخلاء العراق من أهله وعلمائه وخبراتة العديدة عملا بمبدأ قائدهم المشنوق صدام حسين ( سنسلم العراق أرضا بدون شعب ) . ثم عملت هذه المجاميع الإرهابية على تازيم العلاقة بين كافة مكونات الشعب العراقي وخاصة بين طرفي المعادلة العراقية من سنة وشيعة ، واستطاعت وبنسبة ضئيلة التأثير على الشعب الكوردي من خلال بعض المناطق التي لا تقع تحت سيطرة حكومة إقليم كوردستان كالموصل وكركوك وباقي المدن والقصبات الأخرى في الشريط الحدودي شرقا وشمالا .
ثم بدا الصدام العلني لبعض تلك المجاميع بدءا من الصدام الذي حصل بين جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر والحكومة العراقية في زمن حكومة الدكتور أياد علاوي واحتلال مرقد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في النجف الأشرف بطريقة جسورة على الدين والمذهب الشيعي لم تحدث في تاريخ الشيعة العراقيين في آب / أغسطس 2004 ، ثم ما تلاها من معارك شرسة بين الحين والآخر بين ما يسمى بجيش المهدي الذي شكله المطلوب رقم واحد على قائمة FBI الأمريكية ( عماد مغنية ) وبأوامر مباشرة من قائد فيلق القدس الإيراني ( العقيد قاسم سليماني ) ، وبين القوات العراقية والقوات الأمريكية المحتلة حتى ساعة تجميد السيد مقتدى الصدر لجيش المهدي بعد العدوان الهمجي لبعض منتسبي جيش المهدي على ضريحي الإمام الحسين وأخيه العباس – تصريحات رئيس اللجنة البرلمانية للتحقيق في أحداث الزيارة الشعبانية مثال الالوسي – في الزيارة الشعبانية لكربلاء في منتصف آب / أغسطس للعام الماضي ، وعدم تصريح حكومة المالكي كعادتها عن الفاعلين الأصليين بعد كل مجزرة تحصل ، والتنويه لوسائل الإعلام بأحاجي وخزعبلات غريبة لا تغني ولا تسمن من جوع كما يرد ذلك دائما على لسان المسئولين الأمنيين الذين يتحدثون عن قوى ودول خارجية علمها عند ربي .
وقبل ذلك التاريخ وفي شهر محرم الحرام كانون الثاني / يناير للعام 2007 ، جرت معارك أيضا بين مهدي آخر وأتباعه هو ( ضياء عبد الزهرة الكرعاوي ) وعلى الشمال من مدينة النجف الاشرف في منطقة ( الزركة ) مركز تجمعهم وتدريبهم للانطلاق بعدئذ نحو مدينة النجف الاشرف لتصفية المراجع الدينية واحتلال مرقد الإمام علي ، والتي كشفت ضلوع جهات سياسية عراقية ودول إقليمية في تنظيم وتسليح أولئك الإرهابيين الذين أطلقوا على أنفسهم اسم
( جند السماء ) ، وتزامن تحركهم في ذكرى العاشر من محرم الحرام أي وكما يدعي دائما دعاة المهدوية بأن الصرخة التي تسبق ظهور المهدي ستكون في ليلة العاشر من محرم .
ناهيك عن تحركات أخرى لجيوش مهدوية لا زالت في طور التكوين أو إنها كانت ولا زالت تنتظر فرصا سانحة للخروج بحجة فساد المجتمع وتراجع الإيمان بالدين وغيرها من الحجج التي يتحجج بها أولئك الإرهابيون كي تكون مسوغا لخروجهم على الدين والمجتمع والسلطة المنتخبة. فقد زخرت أخبار الصحف والمواقع الالكترونية بنشاطات أتباع لمن يسمي نفسه بـ ( الصرخي ) ، أو ( محمود الحسني ) ، أو ( قاسم الطائي ) وغيرهم من ( آيات الله ) الجديدة على الأسماع مع ميليشياتهم التي يجهدون النفس في تنظيمها وتسليحها مضافا لهم ما بالبصرة من ميليشيات حزب الله وثار الله ومن يحكم المحافظة باسم الديمقراطية الجديدة من جماعة حزب الفضيلة الذي له كباقي الميليشيات ميليشياته المهدوية ايضا ، حتى برز أخيرا بعد أن قويت شوكته وكثر أتباعه من سمى نفسه بـ ( احمد بن الحسن اليماني ) أو (أبو قمر اليماني ) الذي يضع خلف اسمه حرف العين ( ع ) ( عجل الله فرجه ) .
احمد بن الحسن .. لمع البرق اليماني :
وقد خرج في العاشر من محرم لهذا العام في ليلة 19 . 01 . 2008 المهدي الجديد الذي طالما وقف أتباعه تحت تمثال العامل في ساحة أم البروم في البصرة لتوزيع منشورات حركتة وتبيان أحقية كونه خليفة المهدي لكونه حسب ادعائه انه ابن المهدي كما اخبره المهدي عند لقائه به بموجب خطبته الموضوعة بصوته على موقع الانترنيت التابع له ، وقد عرف الجميع هدف اليماني وجماعته وما ينوون عليه خاصة في شكل تعاملهم الهمجي مع المواطنين في حالة إبداء أي ملاحظة منهم تشي بعدم الرضا بادعاء المهدية لليماني حيث تبرز وحشيتهم وحيوانيتهم تجاه ذلك الشخص تحت سمع وبصر قوات الأمن والشرطة العراقية . وخروجه كان لأنه أشاع بين أتباعه ومريديه إن ليلة المحرم ستنطلق فيها الصرخة وهي من علامات الظهور للمهدي المنتظر وبدء العد العكسي لقيام الساعة بسبب الفساد الذي استشرى في المجتمع والنكوص عن الدين القويم ، وما يقوم به ( المراجع العظام ) من تخريب للدين الإسلامي -!! – . وهو يستند في ذلك على ظهور اليماني الذي يعتقد انه هو استنادا للحديث الشريف المنقول عن رسول رب العالمين :” خروج الثلاثة: السفياني والخراساني واليماني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، وليس فيها ـ أي في راياتهم ـ من راية أهدى من راية اليماني لأنه يدعو إلى الحق ” ، وعن الإمام جعفر الصادق : ” خروج الثلاثة: السفياني والخراساني واليماني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، وليس فيها ـ أي في راياتهم ـ من راية أهدى من راية اليماني، لأنَّه يدعو إلى الحقِّ ” .
والمهدي الجديد أي ( احمد بن الحسن اليماني) يقول عن نفسه مظهرا الغرض الأساسي والدور الفاعل للدول الإقليمية في تشكيل دعوتة ورفدها ودعمها من كافة الأوجه (وأخيراً أقول إن السيد أحمد الحسن (ع) قد جاءكم محتجاً بالوصية والعلم وراية البيعة لله أو حاكمية الله ، ونبذ حاكمية الناس أو الديمقراطية ) ، وهنا يبرز القصد الأكيد وهو الخوف من ( حاكمية الناس أو الديمقراطية ) في الخطبة الصريحة للمهدي الجديد ، وهو ما تخافه معظم الدول الإقليمية المحيطة بالعراق في المنطقة وهدفها الوحيد من دعم وتشجيع مثل هذه النماذج من الإرهابيين . وعن كتاب من (إصدارات الإمام المهدي ( ع ) العدد ( 28 ) / موجز عن دعوة السيد احمد الحسن ( ع ) بقلم الأستاذ عبد الرزاق الأنصاري / الطبعة الأولى ) يحدثنا الأنصاري عن واحدة من علامات مهدية احمد بن الحسن فيقول ( اصراره على ان يصدع بالحق وان كان مما يثقل على الناس ، ومثال على ذلك اتخاذ النجمة السداسية ختما .. وقد ابان السيد ( ع ) إن النجمة عبارة عن اسم رسول الله ( ص ) ، وفيها من الاسرار الالهية ما فيها ” كذا – الكاتب – “.) .وعندما يتحدثون عن صفاتة وتطابقها مع اليماني الذي يمثل المهدي يوردون صفات الحسن كالتالي ( انطباق الروايات على السيد أحمد الحسن (ع):- كل الصفات التي ذكرتها الروايات للقائم، وميزته عن الإمام المهدي (ع) تنطبق على السيد أحمد الحسن (ع)؛ فالسيد اسمه (أحمد)، ومسقط رأسه البصرة، وهو غائر العينين، عريض المنكبين، بوجهه أثر، وفي رأسه حزاز ، أسمر الوجه، يتسم بالطول ورشاقة البنية (جسمه إسرائيلي)، وأمه أمة سوداء. هذا وقد وردت صفة أخرى للقائم نجدها في السيد أيضاً، وهي أن في صوته ضجاج، فعن عمرو بن سعد، فال:(قال أمير المؤمنين (ع): لا تقوم القيامة… الى أن يقول: له في صوته ضجاج) (غيبة النعماني: 150).
لكن كل الروايات التي وردت عن أئمة أهل البيت تقول كما ورد عن الإمام محمد الباقر (يكون خروج السفياني من الشام ـ أي من البلاد الشامية ـ وخروج اليماني من اليمن. ) ، وهو ما يتعارض مع دعاوى كل المهدويين الذين خرجوا من قبل والخارج يوم العاشر من محرم لهذا العام والذين ينوون الخروج مستقبلا إذا سنح لهم الوقت .
وقد (ورد في الروايات أن مواصفاته كالتالي ( : سيد هاشمي من نسل الإمام الحسين (أي حسيني ) اسمه حسن اسمه الثاني نصر/ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “صاحب الأعماق الذي يهزم الله العدو على يديه اسمه” نصر “) ثم قال: “إنما سمي نصر لنصر الله إياه”. يماني (إما أن يكون من اليُمن من قبائل يمنية كعاملة في جنوب لبنان أو من اليمن والبركة ) .
وورد الحديث عن اسمه وصفاته ولون رايته ( اليماني: اسمه حسن أو حسين، أبيض كالقطن اليماني: من سبأ في اليَمَن. رايته: راية هُدى يدعو للمهدي (عليه السلام) «سَوداء» – راية يماني البصرة بيضاء ” الكاتب ” – ويُقال له الهَجري ) . وهذه الأوصاف تعارض ما جاء في وصف يماني البصرة .
والوارد من الأخبار إن اسم مهدي هذه السنة الحقيقي هو ( احمد إسماعيل گاطع ) ، من المستوطنين في البصرة بقضاء الزبير ، ويرجع اصله لمدينة الناصرية ، حيث ينتشر فيها اتباعه ومريديه والمصدقين بدعوتة المهدوية . ولم يكن حقيقة كما تقول روايات الشيعة يمانيا ، وقد تعدد اسم اليمن حتى الحق صاحب الدعوة المهدوية الجديد نفسه بها .
فاليمن في كتب التاريخ وعند قدماء الجغرافيين ” العربية السعيدة “وفي العهد القديم ” التوراة ” يذكر اليمن بمعناه الاشتقاقي أي الجنوب وملكة الجنوب (ملكة تيمنا) وقيل سميت اليمن باسم (ايمن بن يعرب بن قحطان). وفي الموروث العربي وعند أهل اليمن أنفسهم أن اليمن اشتق من ” اليمن ” أي الخير والبركة وتتفق هذه مع التسمية القديمة ” العربية السعيدة ” .
وقال آخرون سمي اليمن يمنا لأنه على يمين الكعبة والعرب يتيامنون والجهة اليمنى رمز الفأل الحسن ولا يزال بعض أهل اليمن يستعملون لفظة الشام بمعنى الشمال واليمن بمعنى الجنوب و تسمى اليمن اليوم ” الجمهورية اليمنية ” .
واليمن بلاد الجنتين والاهم من كل ذلك اصل العرب العااااااااربه ، وكل العرب من غير العرب المستعربة منهم ومعظم القبائل العربية في العراق قحطانية انحدرت من اليمن إن كان في أول الفتح الإسلامي أو فيما بعد . واشتهر في اليمن العقيق اليماني والسيف اليماني ، وظهر في اليمن يماني آخر ادعى المهدية أيضا وهو ناصر محمد اليماني ) وهو يدعي انه الإمام الثاني عشر لائمة أهل البيت ، وتحمل رايته عبارة ( البيعة لله ) ويضع عنوانا لنفسه (المهدي المُنتظر ناصر’ محمدُ ُصلى الله عليه وأله وسلم الإمام ناصر محمد اليماني ) .
ومن ابرز أركان البيت العتيق بمكة المكرمة هو الركن اليماني وهو( هو ركن الكعبة المشرفة الواقع في الجنوب الغربي منها , وهو الركن الموازي للركن الجنوبي الشرقي الذي يوجد به الحجر الأسود والذي يبدأ منه الطواف بالبيت العتيق , ويسمى بالركن اليماني لأنه باتجاه اليمن , وهو يستلم باليد كما فعل صلى الله عليه وسلم , والخلاف في تقبيله , والأكثر على عدم تقبيله , وإن فعل ذلك فلا بأس.) . وفي الحديث ( روي البخاري في صحيحه (1611) بسنده عن الزبير بن عربي قال : سأل رجل ابن عمر رضي الله عنهما عن استلام الحجر فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله ) .
ومن مميزات الركن اليماني أنه على القواعد الأولى للبيت التي رفعها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام , ( وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: مسح الحجر والركن اليماني يحط الخطايا حطا ) .
وكان اشهر وزير نفط عربي هو الشيخ احمد زكي اليماني ، واحد ابرز قادة منظمة التحرير الفلسطينية السيد أبو ماهر اليماني ، حتى ظهور صاحب البصرة عندما لمع البرق اليماني في ليلة العاشر من محرم ( أبو قمر اليماني ) .
وقد قال شاعرهم في القصيدة المغناة في طور ( الصوت ) :
لمع البرق اليماني .. فشجاني ما شجاني
من حبيب غاب عني .. وزماني قد دهاني
وها هو البرق اليماني قد لمع على غفلة من الناس وفي ليلة العاشر من محرم الحرام لهذا العام ولكنه خبا على الفور كونه لمع لمعانا اصفر بوجوه وسحن صفراء ، ورايات صفر تحمل نجمة داوود السداسية وفي دولة العراق الاتحادية خوفا على الناس من الديمقراطية .
خاتمة مهمة :
تتحمل الحكومة العراقية وزر كل ما حدث في المحافظات الجنوبية وخاصة مدينة البصرة ، حيث علا مدويا ومنذ أكثر من سنتين صوت السياسيين والكتاب والمفكرين ودعاة حقوق الإنسان بوجود جماعات وميليشيات طلبانية تعيث في الأرض فسادا ، فتعترض النسوة والفتيات وتجبرهن على إتباع الأوامر الصادرة من تلك الميليشيات والمجاميع الإرهابية على ارتداء الزي الإسلامي ووضع الحجاب على الرأس حتى من بقية الأديان غير الإسلامية ، وغلق بعض محلات الحلاقة الرجالية ومنع حلق اللحى ، وقتل الحلاقين، وغلق جميع صالونات التجميل النسائية ، وقتل العديد من النسوة ، والاعتداء على أبناء الديانات الأخرى وتشريدهم من مناطق سكناهم ، وخلق حالة من الفوضى في غياب تام لسلطة الدولة الحقيقية التي يجب أن تسود هي والقوانين المرعية في البلاد . لذا فليس من المستغرب أن تبرز دائما ظاهرة المهدوية وهي جزء مهم وحيوي من الظواهر الإرهابية للمجاميع الخارجة عن القانون التي لا ترى أي ردع من قبل السلطات المحلية أو المركزية لإيقاف ومنع نشاطها الإرهابي المتلبس باسم الدين والتي لا تزال مجاميع منها وبأسماء مختلفة تشارك حتى في قيادة السلطة وتنهب خيرات العراق النفطية ورئيس الحكومة يعرف ذلك ورجال امن الحكومة والمحتل الأمريكي . وهم – أي الميليشيات الطلبانية – مدعومين بقوى ومخابرات إقليمية وعالمية ، وتشترك معظم الدول الإقليمية المحيطة بالعراق بذلك دون تمييز في دعمهم وتزويدهم بالمال والخبرات والسلاح . وعيب بعض الأطراف السياسية وكتبة المقالات اليومية من المصابين بإسهال الكتابة ومنهم احد ( البروفيسورية ) من المصابين بلوثة ( إيران فوبيا )الذي زعل عند الاعتراض عليه بتوجيهه هو وبعض ( الدكاترة ) اللوم لإيران فقط تاركين الأطراف الأخرى دون ذنب ، فالحق يقال ليست إيران وحدها من يلعب في الساحة العراقية بل هي شريك مهم وفاعل مثلها مثل السعودية والإمارات والكويت وقطر في دعم القوى الارهابية وبعض الميليشيات والخارجين عن القانون . وإيران تلعب لعبتها المعروفة لإسقاط دور المرجعية الدينية في النجف والاستحواذ على المركز السياسي – الديني – الاقتصادي للحوزة الدينية التي يتبعها أكثر من 300 مليون شيعي في العالم . لذلك يقع على عاتق الحكومة وزر كل هذا العمل الإجرامي وتتحمل دماء كل الضحايا كونها كانت صامتة طوال كل هذه المدة التي كان اليماني المزعوم يهيئ نفسه للخروج عليها وعلى الرأي العام اجمع . لهذا على الحكومة العراقية وضع حد لكل المتلبسين باسم الدين أيا ً كانت صفاتهم ومسمياتهم عملا بما صرح به المرجع الكبير السيد علي السيستاني بمحاربة هذه الأفكار الضالة ووضع حد لتصرفات كل الخارجين عن القانون وعدم الانتظار حتى تستقوي شوكتهم ليسببوا بعد ذلك المجازر بحق الآمنين من المواطنين الأبرياء ، فليس كل من وضع العمامة على رأسه هو عالم دين أو مجتهد كما يفعل البعض الآن ، وحتى لا يتوه المواطن البسيط بين علم العلماء الحقيقيين وجهل مدع العلم والجهلاء والكذابين .
تاريخ النشر :
22 . 01 . 2008
الحوار المتمدن