السيمر / فيينا / الاثنين 05 . 06 . 2023
اسعد البصري
*المفكر الانگليزي مايكل اكسوورثي يقول* :
إن أكثر شيء حيرة على باب الطائرة الفرنسية قبل إقلاع الخميني من باريس الى طهران عام 1979 هو عندما سأله صحفي فرنسي ما هو شعورك ؟ قال له *”لا أشعر بشيء”*
كيف لا يشعر بشيء؟
ربما يتم استهداف الطائرة وتسقط في المحيط، ربما الملايين بانتظاره في المطار كيف لا يشعر بشيء؟
تذكر أكسوورثي أن الخميني عرفاني و”الانسان الكامل” بحسب ابن عربي هو الذي يتغلب على الشعور الشخصي، يقوم بكل ما يلزم للتغلب على الذات ثم حين يصل الى “الكمال” يصبح العالم كله تحت تصرفه لهذا لم يتفاجأ الخميني حين حملت الجماهير سيارته الى مقبرة شهداء الثورة في بهشتي زهراء فور وصوله.
ويقول المفكر الايراني ولي ناصر صاحب كتاب “الانبعاث الشيعي” إن الذين يتحدثون عن التأثير اليساري في الثورة الايرانية غير مخطئين بسبب افكار علي شريعتي في الثورة الدائمة “كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء”
وكذلك بسبب كتابات طالقاني الذي تأثر باليساريين الايرانيين في سجنه
…. لكنهم يجهلون فكرة الخميني الجوهرية فهو استاذ فلسفة ومتأثر بفكرة أفلاطون حول ضرورة أن يقود المجتمع مجموعة من الحكماء “ولاية الفقيه” ومجلس الخبراء.
الشيخ الجالس على التراب تحت شجرة التفاح في فرنسا عاد في النهاية وأصبح ملكا لايران. ومنذ ذلك الحين تغير تاريخ الشرق الأوسط.
أقام بالضجة الدنيا وأقعدها … شيخٌ أطلّ عليها مشفقا حدبا (الجواهري)
….. لا سهير القيسي ولا سحر عباس جميل ولا غيرهما يغير من خطر هذا الخطاب.
ذبحوا نصف مليون شاب عراقي على الحدود الشرقية لأجل أن يدفنوا حكاية الخميني.
سعدية الزيدي ترقص
وليلى العطار ترسم
وسعاد الصباح تتغزل بالجنود
”أنا امرأةٌ قررتْ أن تحب العراق
وأن تتزوج منه أمام عيون القبيلة
أنا امرأةٌ من جنوب العراق
فبين عيوني
تنامُ حضارات بابلْ
وفوق جبيني
تمرُّ شعوبٌ وتمضي قبائلْ
وماذا تريد النساء من الحب إلا
قصيدة شعر ووقفة عزٍّ
وسيفاً يقاتلْ
فكيف أقيم علاقة حبٍّ
إذا لم تُعمّد بماء البطولةْ
وكيف تحبّ النساء رجالاً
بغير رجولةْ”
سميرة سعيد تغني “عراق الكرامة”
ورباب تصيح “صادگ يا صدام”
فاتنات بغداد رقصن على شتائم بذيئة للإمام الخميني.
الملك حسين شخصيا بيده يطلق قذيفة مدفع على ايران من الحدود.
السعودية دفعت مئات المليارات من الدولارات وكان الطريق السريع من عرعر يدخل الطحين والرز والأسلحة الثقيلة.
الدنيا انقلبت ليُدفن هذا الخميني الأسطوري على حدود العراق وايران.
محمود درويش يسمي صدام حسين “قمر بغداد”
ونزار قباني يهتف “رحل الفرسُ وجاء العرسُ”
وعبدالرزاق عبدالواحد كتب المعلقات في الحقد القومي
”ألا مَن يشتري موتاً
ألا مَن يشتري غضبا
ألا مَن يشتري للنار
بين ضلوعهِ حطبا”
لوحات ورسومات وروايات والحان وأناشيد.
كل هذا حتى يتم وأد الخميني.
جريمة شارك فيها جميع العرب.
نصب الشهيد وقوس النصر والجندي المجهول.
”الدنيا انگلبت على هذا الشايب”
…. ثم يأتي كاتب سني عراقي يخرجه كالمارد من المصباح بفركة بلاغة وفكرة لامعة.
هذا هو المحظور والمحذور بعينه “سالفتي محد سواها” ولن تمر بسلام ولا هذا الصمت عن فراغ. أعرف ما فعلت وعدوي يعرف ما فعلت لكن خوفي من بعض الشيعة والحسد على المجد. هذا النداء وحده إسقاط لآل سعود وحكايتهم.
العراقيات افترشن الطرقات في عمان يبعن السگائر ولَم تنفعنا قذيفة الملك التي أطلقها على ايران من حدودنا، والكويت تطالب بتشديد العقوبات على بناتنا بينما بناتهم يتجولن في الشانزيليزيه ولَم تنفعنا قصيدة سعاد الصباح الخسيسة،
والسعودية تعوض حصة العراق النفطية وتجني المليارات من الدولارات ولَم ترسل لنا قطعة خبز فذلك الخبز القديم كان مقابل قتال الشيعة للشيعة.
والعراقيون باعوا شبابيك البيوت لشراء الدواء وحليب الأطفال والعرب رفعوا اسم بغداد من نشرة الأنواء الجوية سنوات الحصار لأن الشمس لم تعد تشرق ببغداد ولا الغيوم تمطر. وانتصر الجالس على الأرض تحت شجرة التفاح ودخلت صوره شوارع بغداد. سلام الله على روح الله الخميني رحل ولسان حاله بيت المتنبي :
شِيمُ الليالي أنْ تشكّكَ ناقتي
صدري بها أفضى أمِ البيداءُ.